الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 1st November,2004 العدد : 83

الأثنين 18 ,رمضان 1425

هؤلاء مرُّوا على جسر التنهدات
إعصار.. تكساس!!«22»
بقلم/علوي طه الصافي

* ثم سألته: بصفتك أحد الجراحين العالميين في أمراض القلب، ومن خلال تجربتك الطويلة، تُرى أي الأشخاص أكثر تعرضاً للإصابة بأمراض القلب، والمناطق التي تنتشر فيها هذه الأمراض على مستوى العالم؟
تكثر الإصابة الآن في جميع البلدان الغربية، والأوروبية، والشيوعية، وهي آخذة في الانتشار في بلدان الشرق الأوسط!!
* وما علاقة الوراثة والسمنة بأمراض القلب؟
كل واحد منا عنده عامل وراثي، وتأثير العوامل الوراثية تكثر في عائلات، وتنخفض في أخرى.
والعوامل التي تساعد على الإصابة بمرض القلب هي:
1 ارتفاع ضغط الدم!!
2 زيادة الدهن في الطعام، وفي الدم!!
3 التدخين!!
4 السمنة!!
5 وربما مرض السكر!!
هذه جميعها عوامل تزيد من احتمال التعرض للإصابة بمرض القلب، لكنها ليست في مطلق الأحوال عوامل مباشرة بحد ذاتها!!
* حدثنا عن أخطر عملية بنظركم أجريت لقلب إنسان؟
بعض حالات انورسما (تمدد الشريان الأبهر)، لاسيما تلك التي تحدث في قوس الشريان المذكور، وبعض أمراض القلب المصحوبة بأنواع معينة من المضاعفات، ونسبة مئوية ضئيلة لبعض أنواع أمراض القلب الخلقية.
* ما أشهر مستشفيات جراحة القلب المفتوح في العالم؟
يصعب في الواقع تحديد أشهر مستشفى، أو اشهر المستشفيات العالمية لجراحة القلب المفتوح. هناك مستشفيات عديدة مشهورة ومعروفة، ومستشفانا (يقصد مستشفى مثوديست في هيوستون الذي يدين بشهرته للدكتور دبغي نفسه) هو بالتأكيد مشهور ومعروف، لأننا كنا ولا نزال من الأوائل، بل من الروَّاد في هذا المجال.
* ماذا عن التاريخ القديم لجراحة القلب؟
لم يعرف العالم القديم جراحة القلب، لكنه عرف أنواعا أخرى من الجراحة، حتى جراحة (الدماغ) كان المصريون القدماء عرفوها ومارسوها، إلا أن العالم لم يعرف جراحة القلب في الواقع إلا في بداية القرن الماضي.
وكانت هناك حالات معينة مقصورة على معالجة الحوادث والإصابات (وهي ليست أمراض القلب)، أما جراحة القلب المفتوح كما نعرفها الآن فلم تبدأ إلاّ في العقود الثلاثة الماضية، وبالتحديد في عام 1953م، وعندما أقول جراحة القلب المفتوح أعني استخدام الجهاز القلبي الرئوي، الذي يقوم بوظيفتي القلب والرئة مؤقتاً لإفساح المجال أمامك لترى ما يمكن عمله.
وأول من قام بإجراء عملية جراحة القلب المفتوح بالاعتماد على الجهاز القلبي الرئوي، هو (جون غيبون) الذي يعد رائد الجهاز القلبي.. الرئوي.
وقد عرفت الشعوب القديمة عن أمراض القلب، لكنهم لم يعرفوا شيئاً عن علاجها بطريقة فعالة وكافية. والواقع أن علاج أشكال معينة من أمراض القلب قد بدأ منذ القرن التاسع الميلادي، وكان يعتمد على العلاج الطبي، وليس الجراحي.
* وهل وُجدت في الماضي أدوات أو أجهزة استخدمت في العمليات الجراحية قبل معرفة الأجهزة الحديثة؟
أجل، ولكن تلك الأجهزة التي عُرفت قديماً ليست لجراحة القلب، ففي متحف القاهرة هناك أدوات جراحية اكتشفت داخل بعض قبور الفراعنة يرجع تاريخها إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وتشبه الى حد بعيد العديد من الأدوات الجراحية المعروفة في وقتنا الحاضر، ولكن لا علاقة لها بجراحة القلب.
* وماذا عن الجهود التي قام بها العرب والمسلمون في جراحة أمراض القلب؟
علينا أن نتذكر دائماً أن المعرفة تُبنى على معرفة أخرى ليتكامل البناء ويستمر، وهنا لا بد من الاعتراف بشهادة التاريخ التي تقول بحق إن العالم العربي كان الأكثر تقدماً في مجالات الحضارة والتطور والمعرفة.
وقد مرَّت عصور كان العرب خلالها روَّاداً وأسياداً في مختلف فنون الطب وفروعه، والمكتبات التاريخية تغص بالشواهد على تراثهم العلمي والحضاري في تلك العصور.
ويجب ألاّ ننسى أن (عصر النهضة) الذي شهده الغرب إنما كان أساسه العلوم والمعارف العربية التي تكدَّست في مكتبات أوروبا في ذلك الحين.
ويقال إن أحد ملوك أوروبا ويدعى (فردريك) قرر ذات مرة أن يضم جميع العلوم والمعارف الموجودة في العالم في مكان واحد، وفي سبيل ذلك كان عليه أن يستعين بالمفكرين والعلماء العرب كي يقوموا بأعمال الترجمة، وذلك في القرن الثالث عشر الميلادي، وقد حضر هؤلاء المفكرون، وترجموا جميع الكتب الموجودة في العالم العربي.
* سمع العالم وقرأ في السنوات الأخيرة عن زراعة بعض أعضاء الجسم، ومنها القلب، ولا يزال الناس يذكرون الدكتور (برنارد) الذي اشتهر بزراعة القلب.. ما مدى نجاح زراعة أعضاء جسم الإنسان؟
بموضوعية مجردة فإن جميع المحاولات التي أجريت لزراعة الأعضاء المختلفة لم تحرز النجاح المطلوب، باستثناء زراعة (الكلية) التي صادفت نجاحاً معقولاً ومقبولاً، كما انها تستخدم في بعض المراكز الطبية المهمة في العالم (ونضيف إلى كلام الدكتور دبغي، ومنها بعض المراكز الطبية في المملكة وبنجاح).
* وماذا عن مستقبل أمراض القلب وجراحتها من خلال البحوث الطبية؟
فيما يتعلق بجراحة القلب أعتقد أن المستقبل سيظهر المزيد من التقدم في هذا المجال، لكن التطور الأكثر أهمية الذي أتوقع حدوثه في المستقبل هو معرفة السبب، أو الأسباب المباشرة للإصابة بأمراض القلب، وعندما يتم ذلك يمكن عندئذ إعطاء علاج وقائي لمنع حدوث المرض أساساً.
* نقرأ أحياناً عن استعمال العسل كدواء، وكذلك بعض الأعشاب والنباتات، والإبر الصينية دون الحاجة إلى عمليات جراحية، هل يعتقد الدكتور دبغي بإمكانية ذلك في علاج أمراض القلب؟
لا أعرف شيئاً عن هذا النوع من العلاج، وكل ما أعرفه أنه عند ما نكتشف السبب، أو الأسباب المباشرة يمكننا عندئذٍ اكتشاف الوسيلة الواقية المناسبة.
* في نهاية حوارنا سألنا البروفسور الدكتور دبغي عن إمكانات مستشفى (الملك فيصل التخصصي) بالرياض، والتوصيات أو المقترحات التي يود تقديمها لهذا المستشفى، وبخاصة في مجال جراحة القلب المفتوح ليكون واحداً من المراكز العالمية مستقبلاً؟
أرى أن يمضوا قدماً فيما بدأوه وطوَّروه، فقد كانت البداية ممتازة وموفقة، ونأمل في الوقت نفسه أن تعمل الإدارة على توسيع المستشفى وزيادة حجمه، وعلى تدريب المزيد من الأشخاص في هذا المجال، والمهم من هذا كله العمل على تدريب المواطنين السعوديين بحيث يتمكنون في نهاية المطاف من تسلم دفة القيادة في كل الميادين!!!
بعد هذا الحوار الذي وافق عليه بعد أن رأى أعداداً من مجلة (الفيصل) ومستواها، وأن الحوار معه سوف ينشر بها، وهو الحوار الذي نشر بالعدد (25) إصدار شهر رجب 1399هـ الموافق يونيو 1979م بعد أن أضفت إليه المقدمة ليتناسب وأسلوب وطريقة ومنهاج هذه الحلقات. وهو من الموضوعات والحوارات التي لا ينتهي دورها بالتقادم.
ومن الجدير بالذكر وللتوثيق فإن البروفسور الدكتور (مايكل دبغي) عقد مؤتمراً صحافياً عاماً حضرته وسائل الإعلام المختلفة تحدث فيه عن العمليتين الجراحيتين اللتين أجراهما عملياً.
وقد قام الدكتور (دبغي) بتصميم الأدوات الجراحية، أو إدخال تحسينات عليها، كما ابتكر أكثر من خمسين أداة من أدوات الجراحة من بينها (المضخة القلبية الرئوية) ذات المسار الجانبي، والتي بواسطتها أصبحت جراحة القلب عملية ممكنة.
وليس بمستغرب على واحد مثله يلقب ب(إعصار تكساس) بين زملائه لسرعته الفائقة التي لم يتجاروها أحد، ليس بمستغرب أنه أجرى أكثر من خمسين ألف عملية في جراحة القلب المفتوح لأنه كان يعمل عشرين ساعة في اليوم بما في ذلك التأليف وإلقاء المحاضرات على نطاق واسع، ولا يزال يوم لقائنا به يتمتع بالحيوية والنشاط الكبيرين.
وللعلم فإن للدكتور (دبغي) ثلاثة إخوة هم:
1 الدكتور (ارنست دبغي)، وهو جرَّاح في الخامسة والستين من عمره يوم إجراء هذا الحوار.
2 الدكتورة (لوس دبغي) أستاذة الاتصالات العلمية في القسم الجراحي في (بيلار)، وهو المركز نفسه الذي كانت تشغله في كلية الطب بجامعة (تولين) في (نيو أورليانز)، وهي ثالثة أشقاء الدكتور (دبغي)، وهي إلى جانب عملها كسكرتيرة خاصة لشقيقها تعمل معه في الاتصالات العلمية. وهي كاتبة اختصاصية في الشؤون الطبية.


ص. ب (7967) الرياض (11473)
alawi@alsafi.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved