الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 02th January,2006 العدد : 136

الأثنين 2 ,ذو الحجة 1426

على هامش العودة
إبراهيم الدامغ
نشر الدكتور عبدالله العثيمين قصيدة بعنوان (العودة) يتعشق فيها بقاء الآثار في مدينة (عنيزة) على ما كانت عليه من قبل، من بيوت الطين، والازقة الضيقة، فكانت هذه القصيدة معارضة له، وان الجديد لا بد ان يكون مع بقاء القديم محاطاً بسور كمدينة تراثية، وقد نشرت هذه القصيدة في ديوان (شرارة الثأر: ص 25).
ماذا على الشعر إن أغفى وإن ذهبا
ما دام ينصح بالآلام مختضبا؟
ماذا عليه وقد جفت منابعه
وبات باليأس والإمحال ملتهبا؟
أللهوى أم الساري الطيف نضرمه
أم لليالي التي راشت لنا النوبا؟
كلا وما سر كلا في متاهتنا
إلا الفناء أراد الحب أم غضبا
يا باعث الجرح من أعماق رقدته
هلا رسمت على أسراره النصبا؟
وقمت تطوي على جثمانه كفنا
من بعده ينفض الآلام والتعبا
ما ضر لو سار خلف النعش موكبنا
وحالم الأنس فينا قام منتحبا؟
فما لتابوتنا المسلول من صلف
إلا وفي قائميه السوس قد لعبا
فاستبق ما في خيال الدهر من طُرف
مطلولة واحمل الكبريت والحطبا
وامدد الى بسمة التاريخ كل يد
وانس الهوى في ركام الطين حيث خبا
ما للصبا وهو غض رافة نغم
حلو وفي مقلتيه الحبُّ قد نضبا
يطوي على الفقر والإملاق شرعته
ويزرع اليأس في الآفاق مغتربا
كأنه خطت الأوهام سيرته
يستبطن الحزن والإفلاس والسغبا
ما سام في الليالي السود سائمة
إلا تشرب من أخلافها النصبا
وما اسدر لخطب ضرعها نكدا
إلا ودرّت له الإعدام والحربا
يا ويل اوغذت لليأس فلذتها
فبات بالويل والتشريد منتقبا
يطوي على الذل أشلاء ممزقة
ويخنق الذكر في إدلاجه رهبا
فامدد اليه يد الإلهام في أمم
واردد عليه من الآمال ما سلبا
كذلك النجم للساري يلوح هدى
وأنت نجم لسارِ بات مكتئبا
فما العزاء لركب أنت ملهمه
إذا استكان لعسف الدهر أو حُجبا؟
يا موغلا في ظلام الأمس تمسحه
بأفقك الرحب منسوبا ومنتسبا
هلا انطلقت بذكراك التي عبرت
الى المجاهل تبني مهدها الخربا؟
ما بين رس من الآمال ترقبه
وحالق من غرار العز قد صلبا
أفديك بالنفس لا ترجع بذاكرة
فالذكريات تثير الشك والريبا
إني على العهد لم أبخل بقافية
مهما انطوى السفر للألاف او قلبا
فموكب المجد ما زلنا نسايره
ورُبّ يوم يقيم الصرح منتصبا
نجني به من جنى الآمال كل يد
للمنجدين ونبني فيه ما صعبا
فما الدعاء لأرض النور مغفرة
ولا البكاء عليها يفتن الذهبا
لو كان للشعر في فيحائنا سبب
تزهو به لابتدرنا ذلك السببا
أوكان للندب فيها موكب غرد
لكان منا اليها الندب محتسبا
فارفق بنا في متاه اللوم إن لنا
عذراً وأنت الذي تستكشف الحُجبا
خذ من سنا العز ما يحلو لرائده
وانس الهوى في غبار الجهل معتصبا
فموكب النور في أرضي طلائعه
تستبدل الأمس باليوم الذي قربا
يوم له في رؤى التاريخ بادرة
مشبوبة الذكر تحمي الحظ والأربا
تطالع المجد في إبان ثورته
وترسم الخلد في إدلاله طربا
فهذه من سنا برق العلا شعل
تستهدف الطين والأنقاض والقببا
وتبعث الفن في تشييد ما رسمت
أيدي البناة الذين استأصلوا العتبا
يا موسع الفن والعمران موجدة
لا تقطع الرأس كي تستنبت الذنبا
فما ادكار القديم السمج في وطني
(عنيزة) اليوم إلا عبرة ونبا
فاستبق في موكب الآثار نادرة
من غابر الدهر واطلب بعدها الشهبا
فالنور لا يفقد الديجور في فلك
يستمرئ الصعب او يستعذب الطلبا
سيمسح الغيمة السوداء باسطها
وينشر الفن والإبداع والعجبا
فما بلادي التي في الغيم سُدتها
إلا الجديد الذي لا يعرف العطبا
لها من الموفد الباني ملامسة
يخضرّ منها فجاج عامر وربى
تميس في حيلها المياس حالمة
وتسبق الفجر في آمالها صببا
لها على صفحة التاريخ واردة
من الفضائل زانت باسمها الكتبا
أيام كانت صبا نجد تروقها
بالمكرمات وكان الحظ قد غلبا
تعنو إليها من الآفاق كل يد
للطيبات ويزهو سوقها حسبا
كأنها للمغاني درة شرقت
بنورها الأرض زهوا فاتنا وصبا
لكلّ أفق عليها مورد عطر
يستقبل الخير والإدرار والنشبا
فما لبغداد او للشام في وطني
من صائب الخير إلا بعض ما ندبا
وما لساحات عمرو وهي عامرة
بالخير في مصر إلا ما اجتبي وجبا
فسوقها المورد الصافي لكل ندى
وساحها من نمير العز قد شربا
وأهلها المنجدون استلهموا سننا
للعالمين بحبل الله قد عصبا
لهم على كل نجم سابح فلك
في طرتيه رهان المجد قد كتبا
يبنون في كل بيت عز قاصده
ويستجيبون للداعي إذا طلبا
أُسدٌ كما تعشق (الفيحاء) دوحتهم
وسادة يحكمون العلم والأدبا
لا الجهل يطمس عن ماضي فضائلهم
عين الرضى أو يقول الحق ما ذهبا
فأمسهم بالهدى والفضل معتصم
ويومهم للغد الزاهي قد انتسبا
يستلهمون من الماضي عزائمهم
ويضرمون من المستقبل اللهبا
لا يعثرون وفي أردانهم شمم
هامت (عنيزة) فيه عزة وإبا
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved