Culture Magazine Monday  02/04/2007 G Issue 193
فضاءات
الأثنين 14 ,ربيع الاول 1428   العدد  193
 
لن نعيش في جلباب أمريكا
أمريكا من وجهة نظر المثقف السعودي * (4)
سهام القحطاني

 

 

(أنت تقتل الآخر فأنت موجود)! ليس منطقاً أمريكاًي فقط ، بل هو تشريع تتبعه أمريكا منذ عمليات تطهير القارة الجديدة من سكانها الأصليين الهنود الحمر، عندما أصدرت الجمعية التشريعية البرلمان الأمريكي عام 1730م أو من يسمون أنفسهم (البروتستانت الأطهار) تشريعا يبيح عملية الإبادة لمن تبقى من الهنود الحمر، فأصدرت قرارا بتقديم مكافأة مقدارها 40 جنيها مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر، و40 جنيها مقابل أسر كل واحد منهم ثم ارتفعت المكافأة بعد خمس عشرة سنة لتصل إلى خمسين جنيها لفروة رأس طفل (هذه الحضارة الأمريكية التي يتشدق بها المفكرون)- المصدر السابق- وصولا إلى أفغانستان والعراق، وحجج التطهير تظل تُسمع بذات اللغة، بأن الهدف من تطهير العالم من الأشرار وأعداء الحضارة هو (واجب إنساني، لحرمانها من وقف حركة التقدم والحرية في العالم الحر الذي تقوده الولايات المتحدة على حد زعمها، واستجابة لقانون الطبيعة الذي يخضع التعامل مع الآخر لمنطق القوة ويستند إلى عقيدة الاستعلاء المباركة من المتطهرين والمتجددين)-ص 26 أمريكا وهيكلة الموت -

إنه فعل يشتت ماهيته فيختلط الأمر على المتأمل بين حدّ ذلك الفعل ومركزه، وما بين الهوية والهواية، وهو خلط، قد يذبذب أدوات تقويم الإنسان ذاته، فيخرجه من فئة تصنيفية إلى أخرى، ومن قصدية الفعل إلى استثنائية الحالة، لكنه ليس كذلك في التاريخ الأمريكي، لأن التكرار والاستمرارية تسقطان فرضية الخطأ البشري والنزعة الفردية، ويؤكدان مبدأ المنهج وقانون التشريع، أو على الجانب الآخر، تصبح الجماعة تملك الاستعداد القوي للإيمان بتلك النزعات الفردية أو الاستعداد للاستسلام لتلك النزعات الفردية والاحتمال الأخير هو ما جعل الشعب الأمريكي شعبا غبيا كما يصفه مايكل موور (هل تشعر بأنك تعيش في أمة غبية؟ اعتدت أن اعزي نفسي لحالة الغباء السائدة في هذه البلاد بواسطة ترداد ما يلي على نفسي: حتى لو كان هناك مائتي مليون غبي بشكل مطلق في هذا البلد)- 115، مايكل موور -... وهو ناتج طبعي على حد استنتاج مايكل موور(فلم يعد أمرا مستغربا بالنسبة للأجانب أن ينتخب الأمريكيون الذين يجدون متعة بالغة في غبائهم رئيسا نادرا ما يقرأ أي شيء.. قائد غبي لأمة غبية)- 117 المصدر السابق- وفكرة غباء القائد فكرة تتقارب من رأي بعض سياسيي الحزب الديمقراطي الأمريكي الذين يرون ضرورة اختفاء (الرئيس بوش حتى يعود لأمريكا الأمن والسلام) ورأي السناتور هيلاري كلينتون (أن أمريكا يجب أن تتعلم الدرس وتنتخب رئيسا يقود العالم بتواضع وبالمبادئ وبالمثل وبالقيم الأمريكية الأصيلة وليس بالقوة والمدافع) ورأي آخر (أن بوش وجماعته اليمينية يجب أن يطردوا من البيت الأبيض لأنهم يقودون أمريكا إلى الخراب في كل مجال)-ص11-لماذا يكرهوننا-

على العموم وإن كان مقياس غباء الأمم غباء قادتها، في رأي ما يكل موور، فجميع الأمم والشعوب تتساوى في هذا الأمر!

لكن أمريكا ليست مايكل موور ولا تشومسكي لأنهما غير مؤثرين في سياستها، بل هناك مفكرون أسهموا في تأجيج العداء نحو الإسلام والمسلمين أمثال هانتنغون و فوكوياما كما كانت لأفكارهما آثار على الفكر السياسي الأمريكي ، فالفاشية الإسلامية التي أصبح يرددها السيد بوش هي من بنات أفكار فوكوياما، وفكرة (الإسلام هو العدو القادم) من بنات أفكار هانتنغون، التي مهدت لنظرية صدام الحضارات وفكرة تتناسب مع الفكر الميسوديتي الذي يسعى إلى تطهير العالم من الإسلام والمسلمين وهو أمر تقتضيه المصالح الأمريكية على المدى البعيد، لكن هذا لا يمنع أن هناك مثقفين أمريكيين لهم مواقف تعارض السياسة الأمريكية على العالم العربي ويعترفون بالنواحي السلبية في السياسة الخارجية الأمريكية وتأثيرها في العالم (وذلك على نحو اتضح من خلال بيان وقعه في 10-4-2004م مئة وثلاثون عالما ومفكرا وناشطا أمريكيا يعارض سياسة راعي البقر الذي صال تيها وعربد فقد شهد شاهد من أهلها ليكتبوا بأقلامهم وعلى ألسنتهم أن القوة الأمريكية، عملت على حرمان الناس في الدول الأخرى التمتع بالقيم.. واختتم الموقعون بيانهم بالتأكيد على أن الولايات المتحدة قد أظهرت بصورة متكررة خلال نصف قرن عدم مبالاتها بالدمار والموت الجماعي رغم ادعاءاتها الرسمية المعاكسة..! هل يعني هذا البيان شيئا؟ كثيرا..!)

-كيلا يؤرخ أيلول إبراهيم التركي ص39- أما أنا فأرى أنه لا يعني أي شيء، أو لا يعني سوى (أصرخ بأعلى صوتك ثم دع كل الأشياء تمر) ! إضافة إلى ما عرضه ذات البيان (أن هناك حربا في الخارج وقمعا في الداخل)، وهو ما يؤكد عدم تغير السياسة الأمريكية حتى يومنا هذا، وهذا يعني أن تلك الأصوات لم تحرك ساكنا، لأنها ببساطة ليست هي من تحرك أمريكا، بل يحركها جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد وكولين باول وفرانكلين جراهام وفكر المسيحيين المولدين من جديد الذي سيطر على السياسة الأمريكية منذ عهد الرئيس جيمي كارتر، وهو فكر يتحد مع الفكر الصهيوني والفكر الموديستي الذي يؤمن بنهاية العالم أو معركة هرمجدون ونزول المسيح الذي يجب أن يهيأ له قبل نزوله أرض الميعاد فلسطين وما حولها، هذا الفكر الذي يبرمج حركة الموقف الأمريكي من قضية العرب الأولى فلسطين، ولذا أعتقد أنه من السذاجة عندما نتحدث عن أمريكا أن نحيد فكرة العامل الديني عن تحليل أسباب الهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية خاصة، لأن الحرب الأمريكية تقوم من أجل حلم ديني، وحينها لا فرق بين حرب الإرهاب وحرب النجوم سوى تجديد أسماء لاعبي الشطرنج!

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7333» ثم أرسلها إلى الكود 82244

* من دراسة العقل السعودي في الميزان


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة