الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 02th May,2005 العدد : 104

الأثنين 23 ,ربيع الاول 1426

الجفري في الأدب السعودي
لوتر الفريد في الأدب السعودي، هكذا قال عنه الدكتور محمد الصادق عفيفي في كتابه دراسات في الأدب السعودي.
كتب الأقصوصة والمقالة الذاتية والخاطرة وقد تفرد في أسلوبه بالكلمة الحية، والعبارة المجنحة، والموسيقا النابضة، حتى بلغ الذروة عبقرية وإحساناً لا يضارعه كاتب ولا يشبهه شاعر.
قد فاض وجدانه في سن مبكرة فنشر ثمرات قلمه في الصحف السعودية وغيرها قبل أن يمتهن الصحافة وبعدها منذ عام 1954م وهو بهذا أسبق من أدونيس ببضع سنوات ثم عاد وجمعها في كتب كان طليعتها (حياة جائعة 1962) ومنذ أن بدأ الكتابة ولا زال يعيش قصة حب مع الكلمة المنفوحة بالعذاب والتراكيب المشعة بالأضواء والأفكار التي تسيل عذوبة وعطاء والمقطوعة ذات النفس الشعري، واللوحة الجذابة، والرسالة ذات الخفقة الصادقة، والدمعة الجريحة، والصورة المبتكرة ذات النفس الطويل، التي تحمل الشيء الكثير من الحزن والألم والكآبة والحيرة والإشفاق.
استمع إليه وهو يقول عن تركيبة الحلم:
الأمسيات أروع، والصباح بداية، مزج فيها الأمسية بالصباح، فإذا هي تتشكل في حياته (دوحة الحلم.. كأنها بغرستها في عمره تصبح هي تاريخ ذلك العمر.. وحدها)، كأن كلماته سحر ينساب إلى قلبك في حنان ورقة ليعيش بين طياته إلى الأبد.
والجفري كاتب قد تحرر قلمه، وأطلق روحه تسبح في عوالم الخير فتفيض بلغة مفعمة بالجمال، بلغة تحمل كل الطاقات الخلاقة، والصور الشاخصة حتى لتكاد تلمسها بيدك قبل أن تمس عواطفك.
أسلوب الجفري أسلوب الشعراء، أصحاب الكلمة الشفافة وهو ليس كما قال بعض المعقبين على أنه مقلد لأنيس منصور، فأسلوب أنيس منصور أولاً وأخيراً أسلوب صحفي يتسم بالسهولة، وقرب المأخذ، وقصر الفقرات..
إن أدب الجفري يعتبر ظاهرة في تاريخ الأدب السعودي المعاصر وهو صاحب موهبة منفردة يمثل اتجاه الحداثة في النثر العربي بما فيه فإذا نظم فبغير وزن وقافية،... وإذا نثر كسا مفرداته جللاً من الألوان زاهية وقاتمة ثم أطلقها تدرج على أوتار تمددت مفاتيحها وتنوعت قراراتها.
ماذا نريد أكثر من ريشة الرسام، ولحن الموسيقار، وحرارة الأداء، وعمق المعاناة، يقول: في هذه الرسائل أزمنة وتواصل.. حلم ومرآة مشروخة.. نقطة من الدمع وسحر ابتسامة).
لقد أتى الكاتب بكل فقرة على سطر فهي أشبه ما تكون في نسجها المطبوع بقصيدة شعر المحرر لكنها خرجت عن بيئة القصيدة من حيث الوزن لترسم من الداخل لحنها الفريد، لأيام معها هيكلها المميز، ونمطها الجديد الذي يحيل الأفكار إلى مادة صالحة للاستمتاع الفني، يتحدث عن الحب في كتابه (نبض) فيقول: تأملي هذا الليل أنه مستفز بكل لحظاته.. يحمل إلى اصغائك حكايتي.. وجرحي ووميضي.. ورصاصي ورائحتك العبق.. وخلودك تحت جفني).
لقد تخلى الجفري عن كل أشكال موسيقا القوافي ذات الإيقاع المنتظم، وأشكال الموشحات ووزن التفعيلة وتوجه مباشرة ليستخرج من طاقاتها أنماطاً صوتية جديدة، وإيقاعات موسيقية أكثر حرية وانطلاقاً، وأشد تنوعاً، وأكثر تغييراً من القصيدة التقليدية والقصيدة المحدثة.
يكتب الجفري نثراً عادياً بالمعنى المألوف، بل فضل أن يختار معجمه من طبيعة اسمه، وينسجه على نحو حديث، وصورة جديدة تحمل سمات الأساليب الأجنبية، وروح الشعر، وذبذبات الحركة النفسية بكل معاناتها وتجربتها في أداء المضمون الروحي له.


(الطائية)

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved