الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 03th January,2005 العدد : 90

الأثنين 22 ,ذو القعدة 1425

(الأستاذ) المعلم الناقد
أديب.. يحتمي اليوم بطفولة الليل!
عبدالله الجفري
* ها أنذا أجلس الآن متأملاً عبْر شرفة فجر يوم جديد.. وهمسة صبَّها في سمعي دعوة: أخي الأديب الأستاذ محمد الدبيسي، للمشاركة بكلماتي في (المجلة الثقافية) الجزيرية، التي تفرد عدداً خاصاً لتكريس تكريم المجتمع الأدبي لأستاذه المعلم عبدالله عبدالجبار.
(ومن هذه الشرفة): أدَعُ كلماتي كلمات التلميذ المحبّ لشيخه المُعلم، تمتزج بالفجر الجديد القادم الذي طالما حلُم (الأستاذ) بانبثاقه ليطلق أغنية محبة للوطن الشاسع.
(وندع كلمات كل الذين سيعزفون لحن الوفاء له: تصل إلى حيث يتَّكئ معلمنا شيخنا على الوقت في بيته الذي عزل نفسه فيه بمدينة جدة: زاهداً في أضواء المجتمعات، ومترنِّما ما زال (بحلم) وحدة أمته العربية الذي تحوَّل من حلم إلى يأس.. وراضياً اليوم (بوحدته) الخاصة التي توحَّد فيها مع: الصمت، والعزلة، والتأمل، و... ربما أصداء الماضي... وكأنه يسترجع معي كلمات شاعرنا الرائد الكبير حمزة شحاته من جيله وقامته في سنواته التأملية تلك، التي قال فيها: (ها أنذا.. أستقر كالناب في مبركها)!!
* حقا.. نحن تلامذته ومريديه: اشتقنا إلى حضور كلماته، كرشَّة مطر جائع للشجر وللعشب في زمن الطحالب التي تمددت ترمي ظلالها فوق المساحات، وتخنق الحقول!!
* عبدالله عبدالجبار اليوم: نحسب أن سمعه قد تعود على الإصغاء بعد التلفت، وهو يعرف: أن الكلام لم يعد مجدياً... الكلام: صار فاسداً كالأحلام المعاصرة، ونحن في هذا التمني، نقول من وراء شيخنا: ليت (صوته) يعلو مجدداً.. ليت ضوضاء الناس: تدرك وتعي.. ليت الأصوات تتحول وحدها إلى تعبير مؤثر عن: الحياة والفعل، والشعور، والحق، والواجب!!
ذات يوم.. تلاحقت الأسئلة على شيخنا المُعلِّم وحاول أن (يحترمها) بأجوبة حُرَّة نقية..فقال غير هامس، يكاد يصرخ:
أنا (إنسان) يحيا في عصر مَنْفَي الحب، وراء أسوار (حضارة القوة والبطش) التي صارت تستعبد الشعوب وتحتل أوطانهم باسم: حقوق الإنسان والسلام!!
وتبددت همساته وصرخاتها.. ابتلعتهما: (مغارة الليل التي يصير طرفها الأسفل: ناراً، والأعلى: قمراً) كما صوَّر شاعر منثور!!
* كتبنا عن (شيخنا المُعلم)، ولعلنا صرنا في كل عام: نُصدر عنه الملاحق الأدبية الخاصة، وينبري كُتَّابنا، وتلامذته بكلماتهم التي تُمجِّد مشواره وغرساته... وتمرُّ السنون عاماً وراء عام ونحن نكتب... فهل بادرت إحدى مؤسسات الثقافة والفكر التي تمنح (الجوائز) من داخل وطننا إلى خارجه، لتمنح (شيخ النقاد): جائزة، أو وساماً، أو.... حتى (كفافًا) يُعينه في وحدته وعزلته؟!
ها أنذا أعود مرة أخرى ل(أُثرثر) عن مُعلِّمي وأستاذ جيلي، أنا تلميذ الحظ الأعمى!
(أنادي (الأستاذ): يا صانع الخلاخيل.. هل ما زلت تسألنا عن: (الأخبار، والأصحاب، والأحباب).. وهل ما زلت تبحث حتى الآن عن: قدم تليق بحمل هذه الخلاخيل وتُبهج الرائي لرقصتها؟!
* سمعنا (أحدهم) يجعلك حكاية.. فقال عنك:
لقد ذبحوك بريش النعام... مثلما هم يذبحون اليوم العقول.. مثلما (الحسناء) التي ذبحت القلوب حين منحت نصف قلبها لمن عشقها لتعبث بالنصف الآخر!
وهكذا أيها المُعلم في ذلك الموقف: ما زلتَ (نراك) تحاول الالتصاق بظلك، حيث تبدو لك الشمس: شمسين، وعيون جيلنا قد سُحلت، وأيضاً: نعجز أن تكون: عيوناً ضريرة!!
* رأسك الثمين، الملوِّح أيها المُعلم الشيخ: كل الانتصابات فيه، هي كفاءة مدروسة.. كنت تضْنَي من أجلها وتتبدد!
* حزنك العميم أيها (الأستاذ) الجيل: يبقى زاخرًا ببواعث الانتماء للوطن، والحنين إلى...... روح الإنسان!
* صدرك المكلوم أيها الأديب، الناقد: كل الخفقات الصادرة من بين أضلعه، هي: وثيقة إنسانية، لكنها بكل أسف ضائعة في الأحلام المصطدمة بلزوجة لا ملامح لها و.......مؤقتة!!
* قلت لي أيها المعلم المتأمل رداً على سؤال، ربما اعتبرته عاطفياً مِنِّي يقتحم صمتك ويفتش عن كلماتك التي نستهدي بها:
اليوم.. لم يعد لي قلم، أقلامكم تكتب بحبري، وكلماتكم تتربَّع في صدارة عقلي، وإبداعاتكم تتوحَّد بخفقاتي.. إني أجد نفسي فيكم، فاكتبوا بلا يأس حتى أشعر بالحياة من خلالكم!!
* إن الكلمات التي (نصيغها) هنا اليوم عن (الأستاذ) المعلم عبدالله عبدالجبار: ذات وشائج بتفاصيل الوفاء، وبذكرانا ل(الحياة) التي كانت مثمرة بالفكرة، وبالمبدأ، وبالموقف، و..... بالحب!
لأن (الحياة): لم تعد تفيض بكل هذه (الأشياء) التي بتْنا نفتقدها!!
لأن (الحياة): تبدو مزدحمة.. عميقة المطامع والرغبات.. تنتج الرديء، والفاسد، والمبغض، والحربائي. لأنه.... من الصعب أن يتحوَّل (الهلع) اليوم إلى (ولع) الأمس!!
لأن (عبدالله عبدالجبار): يُشكِّل عصراً شفافاً وإيمانياً... فهو يعزل نفسه عن الواقع، و....يحتمي بطفولة الليل في صمته المشع!!!
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved