الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 03th January,2005 العدد : 90

الأثنين 22 ,ذو القعدة 1425

نص
كان مختلفاً
موسى العزي معافا
(1)
أقف الآن عند نطقة وحيدة تحاول الالتصاق بإرهاصات بوح مغامر في ظل لوعة خرافية باختصار المسافة المائلة عن، وإلى الحلم.
ها أنذا أحمل مهمل أشيائي المتناثرة ما بيني وبين بوابة للحلم الصاعد إلى أسفل منازل للقمر المتثائب خلف نافذتي المفتوحة، وقد أضمرتُ في داخلي أن أتدحرج على صدره كبرتقالة راشدة، وأن أرصد بريق عينيه في مرآة مقعرة ومجوفة لأرى من خلالها أحلامه الناعسة وهي تستدفئ بشهي لحظة مختالة فاتنة.
ها أنذا الآن أتقوقعُ وأنفرجُ في داخل بوصلة غامضة، يشير عقربها المتسكع على ظهرها كغجرية راقصة إلى خاصرتي الموبوءة بالحلم العابث في داخلي كالأرملة المجنونة.
ها أنذا إذاً أبدأ رحلة لشهقة صاخبة تعتمل أصداؤها في فؤادي كالحمى القاتلة، ترتجف لها أطراف أحلامي المتآكلة، وترتعش أوردة اللحظة الهاربة من عنفوان بوحها المغامر.
هي نقطة ليست وحيدة، وقد ضمت إلى صدرها أفنان ظلي، وأزاهير وجعي، فباتت مفتونة بالخطو المتسارع أسفل نافذتي المشروعة.
(2)
كنت أشعل الصمت، ميمماً بوحي لقيثارة قديمة، تتكئ على الجدار، ويخذلني صوتي، وهو يهرب أمامي وخلفي كرجل معتوه.
شعرتُ بالقلق الشديد، وقد بدا الكون بثوب جديد، متجاوزا معالم صورتي وهويتي، مما أجبرني على الدخول في تحديات هلامية، لأصل إلى وجه يشبه وجهي ولو من بعيد.
غامرت بنشر أشرعتي رغم الضباب الذي يخفي محيط عيني وكامل قامتي، ووزعت أرصفتي وخرائط مدني على نجمات تضيء في سماء أحلامي المتعثرة.
لم تمهلني بوابات الريح، لأصعد على صدر موجة عاتية، تخترق القلب من أقصاه إلى أقصاه، لم تمهلني لأغني.
بدأتُ في رسم ظلي، متفائلا بصديقتي الشمس، ومتوجسا من غيمة ترقب
خشوع انتظاري، رأيتها وهي تقلب تقويم جسدي، وتتربص لفراغات عيني، متحينة وقتا تخبو فيه ظلالي، فتقرنني.
لم تمهلني الريح، لأغني، وأغني.
(3)
لن أعود أدراج بوحي، وسأظل قابعا خلف صورتي المعلقة، حتى أختنق، أو يختنق الجدار، سأمارس عليه نرجسيتي المهذبة حتى يذوب.
أحمل الآن حطب مهجتي لأعتقه بنور الشمس، وبذكرى لحظة هزت القلب، سيكون رائعا هذا الحطب المعتق، سأهديه لأبي، ليزرعه أشجارا تقاوم مواسم الغبار، أو أهديه لصديقي، ليملأ به مزهريته الفارغة.
لن أحتار في حطب مهجتي المعتق، حتى لو وضعته سلما لعاشق وعشيقة، أو بعته في مزاد علني، بسوق الأفئدة الحزينة.
لن أحتار فيه، ومليون مكلوم سيشتريه.
لن أحتار، حتى لو طرزته شالا لقصيدة،
فالريح لن تمهلني، حتى يذوب الجدار.
(4)
أتدحرج من أسفل إلى أعلى، غير مبال بتلك الجاذبية، وكأني أستسلم لغوغائية بليدة، تجوس في داخلي، كالكرة الزنبقية، تلك المتنافرة المتماسكة.
أجل ربما أنا كذلك، متنافر متماسك، متوحد متهالك، أهرب من ظلي إلى الشمس، وأهرب من الشمس إلى غيمة مغامرة، تهوى جنوح الريح، وعبث العاصفة.
أقف على بعد أنملة من نجمة، واستدير، مشغلا روحي بليل القصيدة البهيم، وأهيم في سماء من ورق، بحثا عن صفحة بيضاء، أرسم عليها ما علق في ذاكرتي لوجهي القديم.
ما كنت أصدق أنني أنسى وجهي، حتى رأيته مرة في المرآة لا يشبهني، كان مختلفا، اختفت منه أشياء كثيرة، وظهرت عليه تقاسيم جديدة، حدثتني يومها نفسي، لربما سرق أحد ما وجهي، وتخيلت عصابة همجية، تقوم بسرقة الوجوه وتخبئها في مكان ما، أو ترتديها كالأقنعة.
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved