الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 03th April,2006 العدد : 147

الأثنين 5 ,ربيع الاول 1427

وزارة الثقافة والإعلام واختبار الإصلاح !!
*سهام القحطاني:
(من خلال هذا الموضوع أسجل موقفاً معارضاً لتغيّب المرأة عن إدارة الأندية الأدبية في المملكة والنادي الأدبي بجدة خاصة).
إن تهميش المرأة في ظل تعيينات وزارة الثقافة والإعلام هو خطاب يقرأ بأكثر من طريقة وبتأويل لمضمونات مختلفة.
عندما يكون الحاضر تكرارا للماضي بذات الصيغة الفردانية التي تهشم بقصد الجانب الأيسر من المرآة لنتوهم أن الوجه كله هو حيّز نصف الجانب الموجود! فهذا يعني أننا نتطور في سلم المأزق، ولا فضل حينها لقيمة موضع المأزق في أدناه أو أعلاه، كما يعني أننا أمام ذات الأوراق التي سترتب فيما بعد بطريقة مختلفة لتمثل المستقبل.. حقيقة إنها كارثة لعبة البهلوان تلك، تكرار ذات الوجه لكن كل مرة بألوان مختلفة، كارثة لأنها تخدع الجماهير وتتاجر بوعيهم وطموحاتهم، لكني لا أنكر أن احتراف الجماهير للسذاجة بالتقادم والفرض أسهم في استمرار لعبة البهلوان تلك، وقد حان الوقت أو هكذا أعتقد أن نعترض على تلك اللعبة ونمنع استمرارها الذي اكسبنا على مدى حقب الغباء والإلغاء، فلم يصبح الأمر اليوم في ضوء الهامش المكفول لحرية الرأي بقرار حكومي ممكنا لقمع الاعتراض أو قطع الألسنة التي تختلف مع هيمنة السلطة الاجتماعية التي يحركها بعشوائية رجعيات ومرجعيات العقل الجمعي، كما كان في الماضي، فوعي الحكومة اليوم أصبح قادرا على تفهم مدى حاجة وقدرة الجماهير للانتفاضة على رجعيات العقل الجمعي وتغييره وإعادة صياغة (وثيقة وعيه) نحو الأشياء، ولكن مثل ذلك الوعي الحكومي لا يصبح كافيا على مستوى النية، بل يحتاج إلى قرار سياسي واضح لإثبات ذلك الوعي ومباركة الإصلاح الثقافي. وكلما أوشكنا على تصديق الوعي الحكومي وجديته في مجال الإصلاح، اصطدمنا بشواهد تقلب قراءتنا لذلك الوعي وتشككنا في جدية ومصداقية نيته رأسا على عقب، فالحوار الوطني الثالث المتعلّق بالمرأة ظل حبرا على ورق، وأرجو ألا يكون شاهد فشل لنية الإصلاح في مجال حقوق المرأة خاصة، واليوم تأتي فاجعة الأندية الأدبية والتعيينات التي قامت بها وزارة الثقافة والإعلام مهمّشة المرأة كعضو فعّال في صناعة القرار الثقافي، في خطوة تظنها للإمام ولعلي أحسبها خطوة لتكريس الدكتاتورية التي ننادي بإلغائها، وسواء اقتنعنا أم لم نقتنع بثلة المبررات التي ساقها بعض مسؤولي الوزارة أن الوقت غير مناسب لتفعيل خطوة الانتخاب، وأحسبها لن تأتي ونحن نمارس وصاية الفرض على الاختيار، فهل الوقت أيضا غير مناسب لشراكة المرأة في صناعة القرار الثقافي كونها صورة أخرى للمجتمع الجاهل غير القادر على الاختيار الصحيح؟!.
(الانتخاب والمرأة) بندان مؤجلان في أجندة وزارة الإعلام والثقافة، فهل يشتركان في ذات مسوّغ التأجيل؟ كارثة لو تشاركا في ذات المسوّغ!!.
وعلى العموم التسويف والتأجيل ليس بصيغتين جديدتين في خطاب المسؤولين لدينا، بل يعتبران من أهم سمات الخطاب الرسمي لدينا، كما أنهما من أهم أزياء هروب المسؤول من تفعيل الإصلاح، وفي ذات الوقت متاجرة بطموحات الأفراد وأمنياتهم.. حتى ينقضي عهد المسؤول ويأتي مسؤول آخر وتعود لعبة التأجيل والتسويف بمبررات أخرى، ألم أقل منذ البدء إنها لعبة الوجه الواحد والألوان المختلفة!!.
إن تنحية المرأة عن السلطة المناصبية في صياغة القرار الثقافي يعني أيضا، غياب نية الوزارة في تفعيل دور الشراكة للمرأة في صناعة القرار الثقافي، وممارسة التمييز العلني ضدها من خلال فرض كل أعضاء إدارة الأندية الأدبية من الرجال، وهذا يعني مخالفة المؤسسات الحكومية نصوص وثيقة التمييز ضد المرأة التي وقعت عليها المملكة من ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة من خلال إتاحة فرص التكافؤ بينهما في موقع صناعة القرار وعدم الاكتفاء بحيز المشاركة في الأنشطة الثقافية، مثلها مثل (ملطّف) الجو المنعش!!.
كما أن التهميش يعكس تعمد الوزارة تغيب المرأة عن أي سلطة مناصبية في مجال الثقافة، وبهذا المنطق ستدور الوزارة حول نفسها ولن يفيدها تشدّقها بالإصلاح أو التغيير الذي أصبح شيمة منهج خطاب مسؤولي الوزارة الموقرة، فأنا أعتقد أن حرية تسعير الصحيفة وحضور الأنشطة الثقافية والتصريحات مختلفة الألوان لا تعدّ إصلاحا في ثقافة وعي المجتمع ولا تمثل خوضا نحو التحدي مع جهالات الذهنية المجتمعية، ولا إنجازا تنويريا يا معالي وزير الثقافة والإعلام!!.. وقد فشلتم في أول تحدٍ في تغيير وثيقة الوعي المجتمعي، وما عدا ذلك فهو باطل!، وبما أن وزارة الإعلام والثقافة وزارة حكومية فهل قرارها هذا يعني تمثيلا لوجهة نظر الحكومة في تهميش المرأة في صناعة القرار الثقافي عبر سلطة مناصبية؟؟ سؤال سنظل نكرره حتى يثبت عكسه بالشاهد.
إن السؤال الملح الآن: لماذا الخوف من إعطاء المرأة دورا في السلطة المناصبية؟ لماذا يُظن أن شراكة المرأة في صناعة القرار هو تهديد للسلطة الذكورية وتمدد رقعتها، تهديد لاستقرار المجتمع وأمنه كما نتوهم؟ ليست المرأة هي الفتنة النائمة، بل جهل الوعي الذكوري بمن فيهم وعي المسؤول بتقدير حجم ما أصبحت تمثله المرأة لدينا من عدد وقوة اقتصادية وشرائية وعلمية وثقافية هي الفتنة النائمة، تلكم إشكالية لها تفرعاتها المعقدة.
إن أي خطوة لتفعيل الإصلاح الثقافي لدينا في غياب (القرار السياسي) واضح اللغة والمطلب مجرد كلام فارغ نضيع وقتنا في مضغه واجتراره، ولعل ما حدث من تهميش للمرأة في تعيينات وزارة الإعلام والثقافة لهو دليل أن الثقافة لدينا ما تزال تعاني من تخلف.
أعتقد أن المرأة لدينا اليوم في حاجة إلى المنادي بحق (الكوتا) لتحقيق حقوقها ولفرض شراكتها في صناعة القرار الاجتماعي العام ولتثبيت أهليتها وجدارتها في مثل هذا المناصب.. ومن المخجل أيضا أن نقف اليوم منادين بمنصب بسيط للمرأة في إدارة الأندية الأدبية ونضيع وقتنا في ذلك في حين أن المرأة العربية تقف اليوم بمناداة بحقوقها البرلمانية والوزارية، وهذا ما يجعلنا لا نعقد مع التفاؤل أي وعد بأي تقدم لحقوق المرأة السعودية، فإن كان القليل قد أستكثر عليها، فمن باب أولى الكثير محرّم عليها!!.
ولعلي في هذا الموضوع أتمنى من مثقفات جدة أن يقفن موقفا صارما من هذا التهميش وإعلان موقف صريح معارض لتهميشهن، أتمنى ذلك، فنحن في حاجة - أقصد المثقفات - لرمي حجرة لتتحرك المياه الراكدة.


seham_h_a@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved