الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 3rd May,2004 العدد : 57

الأثنين 14 ,ربيع الاول 1425

البدلي: في ذاكرة الورد!
خيرية إبراهيم السقاف
.. أحمد خالد البدلي..
أحد أركان كلية الآداب في جامعة (الرياض)، الملك سعود، كما أنّه الشّريان النَّابض في قسم اللغة العربية، فيها مع شرايين أخرى كانوا معاً يمثِّلون هرمية جسد المعرفة المختصة في مجال علوم اللغة العربية والعلوم القرينة، إذ شكّل هو، وأحمد الضبيب، وعبد العزيز الفدّا، ومحمد الشامخ، ومنصور الحازمي،وحسن الشاذلي فرهود،وعلي فودة، عجينة متلاحمة لم يكن يذكر اسم واحد منهم كجزء منها إلاّ ويُذكر الآخر...
حين اندرجت في الدراسة في قسم اللغة العربية كنتُ أهاب هذه الأسماء، وأحسب لها، وأتلمّس الوصول إلى تميز يرقى إلى مستواها، إذ كانوا يمثّلون لنا المثل، ونشعر بالسّعادة حين تردنا قائمة المقررات علينا، وتتوّجها أسماؤهم.
... وأحمد خالد البدلي
أستاذ اللُّغة الفارسية، له رهجٌ خاص في موقع السّمع والإحساس لديّ، إذ كنت مشوقة لأن أتعرّف لغة (فارس)، وتطوف بي أحلام وأفكار أبطال كليلة ودمنة، وتراودني رموز النصوص التي كانت تُترجم شعراً ونثراً بلغة فارس يقدّمها لنا البدلي وهو يعلمنا كيف نقرأ، كيف ننطق، كيف نكتب، ولأنّ الصّلة المباشرة مقطوعة به، وبهم، إلا من أوراق مجمّعة تردنا، والمكتبات حينها شحيحة بالكتب والمراجع، فلقد كان لا يتوانى عن الردّ على مهاتفاتنا، ولم نكن في القسم أكثر من طالبات أربع، انسحبت واحدة وبقينا ثلاثا، فكان أحمد خالد البدلي أكثر دماثة في التعرّف على وعورة وصول مفردات ومضامين هذا المقرر إلينا، ونحن في تلك لم نكن نجيد لغة أخرى سوى العربية، وإن كانت الإنجليزية قد حملتنا إلى مسافة في بحرها إلا أنها لم تكن تشارف بعداً يغيّب شاطئ الانطلاق إليها. ولم ندرك أنّه علَّمنا كيف نخضع لاختبار مدّته ثلاث ساعات في اللّغة الفارسية ونحن بإحساس ماتع، وحافز قوي كي نعبّئ الصفحات، ونحبّر الحروف، ونشكّل الكلمات، ونكتب نصّاً تعبيرياً بها، إلا بعد ان نخرج إلى ساحة الحوار، ونعود إلى النتائج؛ فنجدنا قد تحصّلنا على أعلى مستوى تميّز فيها، ومعنى ذلك أنه ترك فينا حصيلةً لم تقف عند معاني المفردات، ولا تركيب الجمل، ولا استخدام القاعدة النّحويّة للغة الفارسية بل إلى أن نقدم له نصاً تعبيرياً يحمل فكرة لم تكن ضمن ما احتوته مفردات المقرر وذلك يعني أنه أستاذ ناجح بكلّ مقاييس النجاح.
... أحمد خالد البدلي
الإنسان، الهادئ الجاد، المعطاء المانح...
أحمد خالد البدلي
الصدوق البعيد عن عبث التَّناحر وراء الأضواء، ظلّ يكنّ لطلابه وطالباته ودّ الأب، المربي والأستاذ المعلّم...، وعندما بلغ تلامذته مواقع الفعل والقرار والسّلطة والأنوار، تفانى في هدوئه وفي اطمئنانه لنجاحه بهم ونجاحهم به، ولم يضعهم حجراً يتعثّر بهم، أو يُعثرهم به!!
لذا أحببنا تخصّصه، وأقبلنا على الكتب المترجمة عن الفارسية نتزوّد منها ونقرأ فيها، ونحرص على ما فيها تُمِدّنا بكثير من الوجوه المفارقة لخطوات الفكر الإنساني، ومدى تأثر الموروث العربي، بذاكرة النص واللغة، وأدبيات الفرس...
ولعلّني كلّما قرأت مُصَنّف كلستان (روضة الورد) لسعدي الشيرازي أتذكّر أستاذي القدير أحمد خالد البدلي وهو روضة ورد كان لنا، ولا نزال نعبِّق بعبيرها ذواكرنا. حفظه الله، وأمدّ في عمره، ونفع بعلمه وصدقه وإخلاصه.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved