الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 3rd May,2004 العدد : 57

الأثنين 14 ,ربيع الاول 1425

أحمد خالد البدلي وذكريات ليالي السطوح
وسعت إلي البشرى تخب وتترى عبر الهاتف تقول: لقد قرر رهط غير مفسد من الزملاء والأصدقاء تحت مظلة الجامعة وفي ردهاتها أن يكرموا أحد الرواد الأوائل الذين عاشوا بداياتها.. وصفقت كما صفق بردى بالرحيق السلسل.
أي والله أنا الذي أطرب لتقدير من يستحق وتكريم من يستاهل ومجتمعنا والحمد لله له من مزاياه الإحسان لمن أحسن والتذكر (أحياناً) لمن أتقن (ما بالي ذهبت هكذا وكدت أنسى أنني أتحدث أمام أساتذتنا الكبار وعلمائنا الافذاذ الذين أحس بالهيبة أمامهم والخشية بين يديهم)؟
يا سادتي: عرفت الصديق، بل الأستاذ والموجه الصادق (أبا مالك) منذ هبط الرياض كالشعاع السني دون أن تكون معه عصا الساحر وقلب النبي، أقول عرفته وتعرفت عليه وسعدت بالسعي إليه، كان يسكن وطائفة من الحجازيين معه في محلة تسمى (حلة العبيد) قريبا من مطاعم الأكلات الشعبية الحجازية التي وفدت إلى نجد وعرفت بها هذه المحلة وتفنن سكانها في إتقانها، ولأني منذ يفاعتي بالطائف كنت أميل لتناول تلك الأكلات بكرة وعشية وغبوقاً ورووقاً يوم كان الناس في نجد يعيرون من يأكلها ويهجون من يقدمها كرامة للقادم وقرى للضيف وقياماً بالواجب.
ديرة هلها يبيعون القهاوي والعدس والفول فيها يجلبونه؟
وتغيرت الأحوال وأصبح المنتقدون في نجد أحرص الناس على تناولها وأسبقهم في تقديمها وأكثرهم تفنناً فيها وحفاوة بحاذقيها.
سامحوني يا سادتي فالحديث عن شخصية الصديق البدلي حديث عن كل شيء يذكرنا بحارات مكة القديمة وأسواقها، والطائف وبساتينها وأسواقها، ما لقيته مرة إلا جاء الحديث معه عن ذكريات قديمة وحميمة مرت سريعاً وتصرمت.
ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام
كان المرحوم الشيخ أحمد عبدالغفور عطار كلما أزمع الحضور للرياض يتصل به ليعلمه بوصوله وأحياناً يهاتفه من مكة قبل أن يقوم من مقامه فنتبادل البشرى بحضور الشيخ ويتحول الفندق الذي يحل فيه وينزل إلى منتدى وجلسات لا تنسى تتخللها مقافشات ومقابسات حتى إذا قرب مساء الخميس توجهنا جميعاً إلى مجلس المرحوم الشيخ عبدالعزيز الرفاعي، وحسبك بذلك المجلس وما يدور فيه من رفيع القول وجميل النثر وروائع الشعر يتخلل ذلك تناول لما لذ وطاب من سائغ وشراب، وهكذا تجري الحياة مع أولئك الرجال الكبار والعلماء الأخيار.
ذم المنازل بعد منزلة اللوى
والعيش بعد أولئك الأيام
ماذا أقول وماذا أدع وأنا أتحدث عن أحد أصدقاء العمر الأوفياء الذين وقفوا معي وآزروني وشاركوني بدايات عملي مسئولاً في الصحافة يوم تسلمت رئاسة تحرير صحيفة (الجزيرة) قبل أكثر من ثلاثين عاماً كانت اسبوعية تصدر كل ثلاثاء، وكان (ابو مالك) يشرف على الملحق الثقافي الأدبي فيها، ويومها خرج على الناس بترجمات من الادب الفارسي الرفيع المستوى لا عهد لهم بها بل إن بعضهم حاول أن يشوه القصد من نشرها ويدس عليه ويكيد له، ولكن أحمد البدلي واصل بشجاعة وتصدى بإصرار، غير مبال ولا مكترث بالتهم والتهكم والإرجاف والأراجيف، واستمر ينشر عبرها وعبيرها يبشر بفجر للآداب قادم، وضحى للأخلاق مقبل، وظهر للفكر يتقدم.
كنا نسهر جميعاً في ليالي الصيف فوق سطوح مؤسسة الجزيرة للصحافة بشارع الناصرية ومعنا ثلة من الزملاء والاصدقاء أتذكر منهم: خالد المالك وسليمان العيسى وصالح رشيد العوين وآخرين، وكان أحمد عطار وأحمد البدلي يضفيان على الجلسة من ظرفهما وتعليقاتهما وقفشاتهما ما ينسينا تعب العمل وحرارة الجو ورهق الحياة.
هذا طرف قليل أرويه من كثير أطويه عن فترة من حياتي مرت، وأيام من عمري عبرت، لا أزال أتذكرها بشوق، وأستعيدها بذوق.

عبدالرحمن المعمر
الطائف من عصبة الأدباء

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved