الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 3rd May,2004 العدد : 57

الأثنين 14 ,ربيع الاول 1425

سلمان
شعر: د. عبد الله الفَيْفي

ما جَفَّ حِبْرُكَ في دَمِيْ، يا خَالي
أَبَداً، ولا أَدَبٌ سَرَى بِخَيَالِي
.. وفَتَحْتُ قَلْبَكَ، عَالماَ من أَنْجُمٍ،
وسَمَحْتَ لي، فجلستُ حيثُ حلا لي
هذي حُرُوْفُكَ، أم حُرُوْقُكَ، لم تَزَلْ
بالحُبِّ يُشْعِلُ نَبْضُها أَوْصَالي
هذي (طُرُوقُكَ)، بَدْؤُها والمُنْتهَى،
طَيْرٌ بسِدْرَة قلبيَ الأَطْلالِ
في كُلَّ نُوْنٍ لَفْتَةٌ حُوْرِيَّةٌ
تُلقْي على كَتفِ الزَّمانِ سُؤالي:
* * * *
إنْ أَوْحَشَتْ منْكَ المسَاءَ عُيُونُنَا
فعُيُونُ شِعْركَ لَذَّتي ووِصَالي
كَمْ كُنْتَ غَضَّاً كالتَّحيَّة، مُشْرِقاً،
جَزْلاً، جَميْلاً، أمَّةً بِحِيالي
قد كان كأسُكَ من ذَكاءٍ كُلُّهُ
أشهْى على كَبِدِيْ مِنَ السَّلْسَالِ
فشَرِبْتُ صَوْتَكَ، صافِياً، تَرْوي بِهِ
سَمْتَ الكُهُوْلِ وشِقْوَةَ الأَطْفَالِ
(في البحرِ يسبحُ بي خيالٌ مُغرْقٌ)
غَنَّى القصيدُ. فهام كُلُّ جَمَال!
ولقد كَتَبْتَ بغَيْمَةٍ خَضْراءَ خا
تمةَ البروقِ وجمرةَ الإشْعَالِ!
نَهْراَ من الحِبْرِ المضِيء، فرادساً
من فاكهاتِ الفكْرِ والأمثالِ!
سُبحْان مَنْ وَهَبَ الَمواِهب للوَرَى
وحَبَاكَ منها أَنْجُماً ولآلي!
صَوْتٌ نَمِيْرٌ، ماؤُهُ مُتَهَلِّلٌ
غَسَلَ الفُؤادَ بِقَطْرِهِ الَهمَّالِ
فرَبَتْ عُرُوْقُ الأرضِ، والإنسان، لو
أنّ الحجَارة تُسْتَثارُ لِغاَلي
لهفا رسولُ العِشْقِ مِنْ حَدَق الذُّرَا
يَنْعِيْكَ، يا لُغَةَ الضَّميْرِ العَالي!
* * * *
إنْ قِيْل: إنَّ الشِّعْرَ تُلْهِمُهُ الرُّؤَى،
سأقُوْلُ: شِعْرُكَ رُؤيَةُ الأَجْيَالِ
في كُلَّ بَيْتٍ ألْفُ عيْنٍ، كُلَّما
أَنْشَدْتَهُ جاشَتْ شِعافُ جِبالي
تَرْمِي قوافيَ كالنيازكِ تارةً
وقوافياً كعواسِلٍ ونِصَالِ
وتُنضِّدُ الإحساسَ كاذاًَ يانِعاً
باقاتُهُ مِلأتْ عَلَيَّ سِلالِي
ورأيتُ في أُفُقِ التَّلَقِّي أدُمعاً
ملأتْ كتابَ الحُبِّ والإجْلالِ
بجَمالها وجِلالها، بنسائها
ورجَالها، وبأذْرُعٍ وتِلالِ
فَيْفاءُ منكَ اليَوْمَ تَبْكي شادياً
مَسَحَ الدُّموعَ بصَوْتِهِ السَّيَّالِ!
* * * *
سلمانُ، يا سَيْفاً تساقَطَتِ الظُّبَى
وبَقِيْتَ وحْدَكَ صَارِمَ الأهْوَالِ!
أنتَ الحِكايةُ، يا ابنَ آدمَ، قُلْ لَنا
كيفَ أرتأيتَ حِكايةَ الآجَال؟
منذُ الطُّفُولةِ عِشْتُ (أَيّوباً)، إلى
أنَ ماتَ صَبْرُ الصَّبْرِ في التَّرْحَالِ!
ما ذُقْتُ لوناً واحداً منْ لَذَّةٍ
إلاّ به قزَحٌ مِنَ الأَثْكَالِ!
ضَمًّدْتُ بالجُرْحِ الجِرِاحَ، ودونهَا
سَرَطَانُ بَحْرِ الَموتِ فِيَّ يُوالِي
قَضمَ الشَّباب جَهَالَةً لم يَدْرِ ما
فَعَلَتْ يداهُ بصَفْوَةِ الأشْبَالِ!
ما راعَني الموتُ الزُّؤَامُ مُصافحاً
إذ راعَ كُلَّ فرائصِ الأبطالِ!
لكأنمَّا كان التَّحدِّي سَرْمَداً:
تِرْيَاقُ ما يَفْنَى بحَيَّةِ آلِ!
أَتْعَبْتُ سَيْفَ الوقتِ فِيَّ وهكذا انْ
تَحَرَ الزَّمانُ، وعِشْتُ كالإشْكالِ:
أيموتُ هذا المَوْتُ إذْ نلقاهُ في
كَبِدِ الحَيَاةِ بعَزْمَةٍ ونِزَالِ؟
ولربما أردتَكَ مِنْهُ نَبْأَةٌ
صُغْرَى بِغَيْرِ شَكيْمَةٍ وقتالِ!
عِشْ حيثُ أنتَ، رجولةً فوقَ الثَّرَى،
ورجولةً تحتَ الثَّرى المُنْهَالِ!
أبَداً تُفَتِّتُ صَخرْةَ الأقْدار، في
كَفِّ اليّقيْنِ، بقُدْرَةِ الفَعَّالِ!
فالله فيكن إذا تشاءُ، بكَفَّهِ
كُلُّ المُحالِ هناكَ غَيْرُ مُحَالِ!
* * * *
يا مَنْ رَحَلْتَ ضُحَىً، كأنَّكَ ها هنا
ما زِلْتَ تقرأُ صَفْحَةً في بالي!
أقويتَ مِغْنَى القَلْبِ، كم من سائلٍ
شَفَتَاهُ لا تَقْوَى على التَّسْآلِ!
للهِ أنتَّ متى أَراكَ؟ فقد ذَوَتْ
في البُعْدِ بعْدَكَ نَخْلَتِي وغَزالي!
طالَ الغِيَابُ، ألا تُطِلُّ كغَيْمَةٍ
وطْفَاءَ، تَسْأَلُ في الثَّرَى عن حالي؟!
ما زِلْتَ مُذْ غادرتَ تَمْثُلُ باسِماً
مِنْ عِنْ يميني تارةً وشِمالي!
* * * *
الموتُ ياربِّي تَصَيَّدَ شاهقاً
والأمْرُ فيه لعَدْلِكَ المُتَعَالي!
ولقد عِلمْتَ بأنَّ عَبْدكَ واحداً
أَوْدَى بلا مَالٍ بلا آمالِ!
فاجعلْ ظلالَك خَيمةً دُرِّيَّةً
تغشاهُ منكَ بنورِها الهَطَّالِ!
وارْسُم بلطفِكَ لوحةً نوريةً
يوماً طويلاً ليس فيه ليالي!
يوماً به (سيزيفُ) ناءَ بثِقْلِهِ
وننوءُ من فرحٍ بغيرِ كَلالِ!
* * * *
كُلُّ لها، والفَرْقُ: فارسُ مهرةٍ
متحدِّرٍ كتحدُّرِ الشَّلالِِ!
وكَسِيرُ مضمارٍ، يُجرجرُ خطْوَهُ
في العاجزينَ بموتِهِ المُتَوَالِي!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved