الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 3rd May,2004 العدد : 57

الأثنين 14 ,ربيع الاول 1425

معقول اللامعقول في الوعي الجمعي العربي
صورة المغيب في المخيلة الشعبية الموريتانية

تأليف: محمد محمد أحظانا
الشارقة: دائرة الثقافة والإعلام 2002م
السؤال الأكبر والأعم الذي يهدف هذا الكتاب إلى الإجابة عليه هو: ما محددات الوعي بالقيم المعرفية والجمالية في الأفق الشعبي العربي، أو ما ورد في العنوان (معقول اللا معقول في الوعي الجمعي العربي). وقد تتبع الباحث آثار الموضوعات غير المعقولة (غير المحسوسة) في الثقافة في موريتانيا، بأن تقفى آثار الضرب على الرمل في موريتانيا حتى وصل به إلى المجال المغربي الأندلسي، ثم واصل الاستقصاء حتى كشف عن الجذور في جزيرة العرب، ونفس الشيء بالنسبة لتصور الجن عند العامة، بل عند العلماء (الفقهاء)، وذلك بتأسيس صورتهم عند العامة في جذورها النظرية والدينية والتاريخية. وكذا بالنسبة لتصور السحر أو العين أو الفأل أو اليُمن والشؤم... ولكن لم يشتمل هذا القسم المنشور الآن من الكتاب على التصور الشعبي للسحر والعين و(العمل)... وقد حاول تأصيل صورة هذا المغيب بجميع أطيافها في جذورها الدينية والعاداتية والثقافية والأدبية. وقد استخدم المؤلف منهج استنطاق النصوص والوثائق وتحليلها. جاءت الإجابة على سؤال الكتاب ضمن هذا العمل في شكل مدخل وبابين يشتملان على عدة فصول:
مدخل: تبويبات في الثقافة الشعبية الموريتانية:
وهو مدخل عام يمهد السبيل لولوج المهاد العقلي والقيمي للإنسان الموريتاني في تشكيله لرزم الثقافة الشعبية بأدبها وموسيقاها وأساطيرها وأمثلتها وحكمها وألعابها وحيلها ومهاراتها ومغيبها أيضاً.. ثم في خطوة لاحقة تتبع امتدادات هذا التراث إلى الأفق المغاربي والمشرقي، تأصيلاً لأصوله. والمدخل بذلك تأطير شامل للأفق العام الذي ينتسب إليه موضوع كتابنا هذا في جانبه المحلي ثم في أفقه العربي الإسلامي.
وقد حاول المؤلف من خلال ضربه للأمثلة من الرزم الثقافية كالموسيقى والأدب الشعبي أن يخضع لنفس المسار في الانطلاق من الظاهرة المحلية متتبعاً جذورها التاريخية واندياحها الجغرافي، وحاملها البشري.. حتى يصل بها إلى نقاط الالتحام بالثقافة العربية الإسلامية، إلا ما كان من إسهام محلي في الظواهر الفنية والأدبية ذكر في وقته. وقد قدم بهذا المدخل صورة المغيب، لا لأن ثمة علاقة في الموضوع، وإنما للانتماء المشترك للثقافة الشعبية ككل.
الباب الأول: استحضار المغيب بتغيب الحاضر:
وهو عن الزيجرة والطيرقة (العرافة، طرق الودع والحصى، خط الرمل (الاكرانة). التوطئة كانت عن أفق العرافة في صحراء الملثمين ،وهي تحت عنوان : علم مجهول أم جهل معلوم؟! واشتملت على تصور الإنسان للمغيب اللصيق به، والمقروء قراءة فورية لا وسائط اصطناعية كبرى فيها.
وتضمنت لوحة عن صورة الوعي الإنسي الموريتاني، (الغراب، والطيور الأشائم..)؛ وعلاقة هذا الوعي بالمحيط الطبيعي الحيواني والبشري في إدراكهما للمغيب أو المخفي من حيث اليُمن والشؤم أو انعدام الدلالة على أي من الاثنين.
الفصل الأول: ويستعرض عادات طوارق الودع والحصى، وإخباراتهم بالمغيب، وتحليل لغتهم التي يتحدثون بها، وعلاقتها بالإسقاطات النفسية للمستطلعين عن مستقبلهم وقادم أيامهم ومضمراتهم، والتوقعات الممكنة، والتخابر الذي يدعيه العاملون في هذا الحقل داخل أفق الوعي السائد.
الفصل الثاني: هو تحت عنوان، الطرق والزجر بالأشكال، خط الرمل في الأفق العربي، وشي بأنامل تائهة على رمال مجهول ناعم.
وضمن هذا الفصل قام المؤلف بتتبع خط الرمل ابتداء من عمل الطوارق اللواتي ما زلن يمارسنه في صحراء الملثمين، ثم من خلال الوثائق المتوفرة حول هذا الموضوع في موريتانيا؛ صعوداً إلى الأصول الشائعة في العالم العربي الإسلامي عن هذه الممارسة من فجر الإسلام إلى غاية القرن الثامن الهجري، من خلال وثيقة لابن خلدون؛ وانتهاء إلى محاولة تأسيس ضرب الرمل فيما قبل الإسلام من وراء محاولة توسم العلاقة بينه وبين أصول اللغة، خاصة في أشكال الحروف والخطوط المسندة، وعلاقتها بالعدد 16 وكذلك بالوعي العددي والهندسي المبكرين قبل اكتشاف الزاوية والتقاطع بين الخطوط الأفقية والعمودية في الجزيرة العربية، ثم الكشف عن بذور حساب الاحتمال على نحو بدائي حيث يرد في ضرب الرمل 256 احتمالاً، منها 128موجبة ومثلها سالبة، على غرار ما يوجد في جدول المناطقة الرمزين المحدثين، مع فوارق الدلالة والأفق المعرفي؛ وتطرق المؤلف في سياق لغوية الزيجرة إلى علاقة الدوال القليلة بالمدلولات الكثيرة في مرحلة مبكرة من نشوء اللغات.
الباب الثاني: وهو عن صورة الجن في المخيلة العربية عبر تصور الملثمين:
ويتألف الباب من مدخل وفصلين: المدخل بعنوان: الكنز الرمزي المحظور. وضمنه قدم المؤلف منهج الدراسة المتبعة في الباب، وهو منهج ثلاثي الأبعاد... وتتداخل أبعاده على نحو متضافر لإعطاء الصورة المتكاملة للموضوع، وقد بيّن قواعد المنهج في محلها.
الفصل الأول: رحلة خوف أخاذ في فراغ المجهول: وهو عن صورة الجن في المخيلة الشعبية العربية من خلال الأفق الموريتاني. وأورد المؤلف فيه ثماني وتسعين حكاية ومروية شعبية امتدت في الأفق الصحراوي الموريتاني والجواري من جنوب المغرب والجزائر إلى ضفاف النهر السنغالي جنوباً ونهر النيجر شرقاً، مع نزوح المجموعة البشرية الناطقة بالحسانية (لهجة عربية موريتانية ) نحو هذه البلدان.
وتضمنت هذه المدونة المعتبرة بالمقياس الكمي والنوعي: عادات الجن ،وتقاليدهم، وآدابهم الشعبية، وفنهم ،وأمثلتهم، وأسماءهم، وملوكهم وملكاتهم، وأهل الرأي والسفه منهم، وطرائقهم في الحرب والنهب والسرقة والخطف، وسبلهم في السلام والعهود، وحرفهم وظعائنهم، وعلاقاتهم الاجتماعية والسياسية ،ومعاشرتهم للإنس وهجرانهم لهم... كل ذلك من منظور مخيلة شعبية خصبة، أضفت على حدود الجن بجوارها عالماً يملأ الفراغ في صحراء مترامية الأطراف، لا يسمع المنقطع في لهواتها غير دوي الزمن، أو في غابات لا يجوس في امجامها وأدغالها غير صفير التيه. فكيف يترك الإنسان المولع بالأنيس، سربا للوحشية تلتهم مهده الحميم، أو تذروه الذواري؟! والمدوّنة مصاحبة بقراءة مجملة، وأخرى مفصلة مطبقة على النماذج البارزة منها.
الفصل الثاني: صورة الجن في مخيلة علماء الملثمين، بين التأصيل والاستعادة: تضمن الفصل توطئة عنوانها: بساط الريح. وحوى متن الفصل وثائق وكتابا عن الجن، بأقلام فقهاء ومؤرخين وأدباء موريتانيين، ووثيقة مغربية وأخرى مصرية تعكسان تمدد الوعي من بلد الدراسة إلى بلدان عربية مختلفة. أفاض المؤلف في استنطاق هذه المدونة المنوعة من حيث موضوعاتها، حيث شملت أمثلة دالة على مدى أربعة قرون متتالية، في جانبها الموريتاني، وضمت النموذج المغربي وهو من فاس (ق12هـ) وآخر من الاسكندرية بمصر مطلع (ق14هـ).
وامتدت في جانبها التاريخي العام إلى أحشاء القرن الثامن الهجري، مع كتاب آكام المرجان وغرائب الأخبار وأحكام الجان، للشبلي، فما قبله إلى غاية ما ورد في التصورات المؤسسة إسلامياً لرؤية الجن، وبعض الاستطرادات التأويلية الواردة عن الفرق في موقفها منهم، وكيف طغت قضيتهم أحيانا على بعض الجدل الكلامي، مثل رأي المعتزلة والأشاعرة من خلال الجويني والباقلاني، ومحاولات ربط إنكار الجن أو أثباتهم بالاعتقاد أو فكه عنه.
يقع الكتاب في (746 ) صفحة من القطع العادي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved