وجد أجود نفسه أمام ردم من التفاهة الصفراء فتراجع عن معركة داخل الوحل واللزوجة. وهو رجل بنى اسمه وقامته الأبية على كظم الغيظ وابتلاع الحرائق. آثر أن يظل سارية مضيئة في ليل المرافئ الصخبة فلعل سفينة ملائكية ترحل به بعيداً عن حزازات الطين والشللية المقيتة!
- كان يصادف في دروبه الكثير من المسوخ المشوهة وسقط التكوين وطفح الزمن فيرثى روحه حتى الألم ويحترق حتى البكاء! لكن الصدفه القاسية وضعته على أشواك الطلح والعوشز، في مواجهة موظف مريض جوفته العقد حتى الاضطهاد في وظائفه السابقة! فكره نفسه والحياة والناس، وتحول إلى فيروس خامل له قابلية اللدغ بأياديه وقوائمه مع هبوط أول خيوط الظلام.. وهكذا فعل بالكثير من معارفه!
- ودخل أجود في ظل الشمس حيث تغتسل النفوس من أوشاب العفن والضغينة... وراح يعمل بصمت ودأب ينجز المعاملات ويدفعها للتوقيع النهائي من المدير ولكن المعاملات تحفظ، تمزق، وأصحابها طوابير من الخرس والانتظار.
هكذا كان يحفر له هذا البحري الأصيفر!
- هذا الصباح قرر أجود أن يوقف المهزلة بشكل ما بالكلمة الطيبة بالشكوى، بالحذاء!! دفع بقدمه باب المدير فرآه على وشك الرحيل مع الأبيض، فقبض على يده ومضى به في صمت وتعافى الرجل!.
- وردد أهزوجته - أنا صويب بين الأضلاع مطعون. التفت أحد الزملاء ذات يوم إلى أجود وهمس: أنت يا أجود شجاع بلا شك، ولكن هل كانت المكافأة تستحق المغامرة؟!! قال أجود وهو يجمع أوراقه من الأدراج: المكافأة يا عزيزي هي أن أرى ضميرك قد استيقظ وترك الرجل للزوجته وأكداس الديدان المشنوقة وراء الأبواب!
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244