Culture Magazine Monday  03/09/2007 G Issue 214
فضاءات
الأثنين 21 ,شعبان 1428   العدد  214
 

ثقافة التقويل والخرافة
1-2
قاسم حول

 

 

ماذا يحتاج المثقفون العراقيون في المرحلة الراهنة؟ وما هو عدد المثقفين الذين غادروا وطنهم قبل وبعد الاحتلال؟ ومن يعرفهم اليوم؟ وما يعرف عنهم؟ وهل الدولة العراقية المعينة أو المنتخبة تعترف بوجود المثقفين العراقيين ودورهم في الحياة الحضارية للعراق والمنطقة والعالم؟ أسئلة كثيرة تطرح على بساط الواقع إن صح التعبير.

كان عدد مثقفي العراق الذين هجروا وطنهم قبل الاحتلال يقرب من ثلاثة آلاف مثقف في حقول الأدب والفن، وهم غير المبدعين في ثقافة الهندسة والعمارة والطب والعلوم التكنولوجية والإنسانية. وأخال أن ذات العدد قد هجر بعد الاحتلال، ويتضح ذلك من عدد الكُتاب والفنانين والصحفيين الذين شيعيشون الآن في سوريا والأردن. وما إن تتاح لصحفي أن يسافر خارج العراق لتغطية حدث سياسي أو اجتماعي أو ثقافي حتى نراه متشبثا بالمكان الذي يصل إليه ويرفض العودة إلى وطنه حتى في أقسى ظروف العيش في الغربة حفاظا على حياته.

المثقفون العراقيون الذي فتحوا قلوبهم للمثقفين العرب عندما كانوا يزورون العراق حتى إبان الحقبة الدكتاتورية يقفون الآن دون مأوى ولا حتى طعام، دون أن يتذكرهم أحد من الذين شبعوا من خيرات العراق حد التخمة.

الفضائيات العربية دونما استثناء تستضيف كل المثقفين العرب سوى المثقف العراقي، ولا تريد حتى أن تفتح نافذة يطل من خلالها المثقفون العراقيون على وطنهم وأهلهم.

البلدان العربية وفضائياتها لا تدرك ولا يدركون حجم المخاطر الآتية نحوهم.

تتمثل هذه المخاطر ليس فقط في تفريغ العراق من عقوله المبدعة بل أيضا في عملية استيطان ثقافية خطيرة قادرة على تغيير الهوية الثقافية للعراق.

الخطوة الأولى كانت في قتل المبدعين؛ ما اضطر الآخرين إلى الهروب خوفا على حياتهم، كذلك تصفية الأطباء والأكاديميين في الجامعات. وبدأت ثقافة جديدة تدخل العراق من خلال أقنية فضائية تتكاثر كل يوم داخل العراق ومن وراء الحدود موجهة للعراق. وكل ما يقدم من هذه القنوات ليس سوى ثقافة التقويل والخرافة. إن مؤسسات وأشخاصا يقولون شخصيات تاريخية ودينية من الماضي ما يشاؤون تقويلهم، حيث لا وثيقة تثبت ذلك التقويل وينشرونها في مطبوعات ثم يحولونها إلى مصدر. وعلى أساس ذلك تبنى مواقف وتتحدد مسارات للناس ضمن مقولات تسري مسرى القوانين السماوية. تقويلات لم ينطق بها ولا يمكن أن ينطق بها الرسل والخلفاء والأئمة لأنها خارج المنطق وخارج العقل. كما يلقن الناس بخرافات هي الأخرى خارج المنطق وخارج العقل فتتجسد طقوس المناسبات بطريقة غوغائية بدلا من تحويل المناسبات إلى ثقافة الإبداع الحقيقية والتحليل العلمي للواقع التاريخي.. طقوس توقف عجلة العمل وعجلة العطاء وعجلة التقدم وتشل الحركة في الشوارع ودوائر الدولة ومحال بيع المأكولات وتبذخ لتلك المناسبات أموال طائلة. كما يتم تعميم ثقافة الأزياء وثقافة الاقتصاد والعملة.

عرضت إحدى القنوات الفضائية العراقية نقلا لمعرض للكتاب في مدينة كربلاء المقدسة. وسأل المذيع أحد زائري المعرض عن رأيه بالكتاب في المعرض فقال الزائر إن أسعار الكتب غالية قياسا بأسعار العام الماضي، وأضاف أن الأسعار تكاد تكون نفسها ولكن سعر صرف الدولار مقابل التومان منخفض؛ ولذلك يصبح سعر الكتاب مرتفعا (والتومان هو العملة الإيرانية)!

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7591» ثم أرسلها إلى الكود 82244

sununu@wanadoo.nl - هولندا


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة