Culture Magazine Monday  03/09/2007 G Issue 214
تشكيل
الأثنين 21 ,شعبان 1428   العدد  214
 
التعبير الفني في ضوء القضايا المعاصرة
تغريد البقشي

 

 

نعلم أن الفن يمتلك لغة عالمية فلا نحتاج إلا لقليل من التأمل والخبرة البصرية والوعي لندرك ما ترمي له الصياغات التشكيلية فالتاريخ صور لنا الكثير من الملاحم والبطولات والقصص التي نحتت وخطت فصولها على جدران المعابد والكهوف، فهاهي أهرامات مصر تنضح بالرسومات على معابدها وهنالك النقوش الأفريقية تمثل طقوسها وسحرها والمخطوطات العربية الفارسية، فالفن هو اللغة البصرية التي من خلالها تسجل معظم الأمم والشعوب حضاراتها وثقافتها وأهم ما جرى من وقائع وأحداث.

الفنان التشكيلي كائن ذا إحساس متقد لما يحدث حوله من أحداث يمتلئ بها تؤثر به فتخرج لتتجسد الرؤية بشكل رموز وألوان ومضامين، فالفنان المبدع دائما يفيض بكتلة من المشاعر تجول في وجدانه تلح عليه، الحالات الإنسانية تتجلى فيه يرى ما حوله بالبصيرة لا بالبصر, تراه دائما قلقاً ولا تهدأ نفسه وتستكين حتى يفرغ تلك الشحنات الانفعالية، ينظر إلى الأشياء بنظرة مختلفة ربما هو يعلن عن بدء طقوس لا يشهر عنها إلا عندما تشتعل مدركاته الحسية بما يؤجج قلبه وروحه وعقله لتخرج حمما بركانية على مساحات تتبلور فيها تعبيراته من خلال مخزون من الذاكرة.. إذاً هو ليس فقط مرآة لعصره بل نرى أنه يتلقى بكل جزئياته بكل وجدانه ما حوله، يصور ما يدور فيه من ألم وحب وفرح وحزن.

كمثال نرى الفنان فاتح المدرس عندما صور معظم القضايا التي نراها تتجدد في كل يوم من لبنان وفلسطين والنازحين والشهيد والصمود والمقاومة والموت والحياة وأيضا لن ننسى مأساة الجورنيكا التي أصبحت أغنية المبدعين التي صاغها الفنان العالمي بابلو بيكاسو في لوحة تشكيلية. فلن يكون الفن التشكيلي فنا ما لم تتجسد الرؤى والأحاسيس في أعمال فنية خالدة.

لكن يا ترى ما مدى قوة إيصال هذه اللغة وإدراكها للموجودات؟؟ هل قوة تفاعل الفنان مع الأحداث ومدى تعايشه معها وإحساسه يفرض قوة العمل الفني والطريقة الفنية التي يصاغ بها من استخدام أساليب معينة تفي بإيصال الحس إلى المتلقي؟؟ أم أن الأمر يتعدى تسجيل حدث معين لتخليده إلى الأجيال القادمة فتمتزج كل الأمور في بوتقة واحدة من منطلق أننا نحتاج إلى فن راق معبر صادق ينقل ماهية الفنان التشكيلي والعمل الفني وما يحيط به من أجواء على حد سواء لينتج لنا روحاً واحدة اختيرت لها الديمومة والبقاء.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة