الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 03th October,2005 العدد : 125

الأثنين 29 ,شعبان 1426

قصة قصيرة
صورة مثقف سعودي!!!
الحميدي بن عبدالله المطيري المجمعة
كثيراً ما تخيفني الخطوات التطويرية في الجريدة التي قد تفقدني يوما ما زاويتي التي حصلت عليها بالأسبقية!، انتابني هذا الخوف بعد أن طلبت مني الجريدة هذا اليوم تغيير صورتي القديمة التي تنشر منذ عشرات السنين!، بعد المكالمة المشؤومة نظرت - للمرة الأولى - إلى وجهي في المرآة، وأدركت عمق المأساة التي لا يكفي لردمها مجموعة عمليات تجميل!، ولكن ما رد لي الثقة - بقوة - أنني مثقف ولست بعارضة أزياء!، رافق ذلك إحساس بحسرة شديدة لأنني أذبلت نفسي من أجل الرقي بالغوغاء والعامة والدهماء والرعاع!!!.
في الصباح الباكر انطلقت إلى طبيب الأسنان الذي كان عليه حشو المتسوس وقلع المتفتت وتبييض المصفر وتعديل المعوج وإكمال الناقص فقط!!
ثم محل النظارات لتغيير عدسة النظارة المخدوشة والثقيلة وبروازها القديم المغبر!، ثم محل الملابس الرجالية لشراء ثوب بدل ثوبي الذي اصفر واندلق الحبر على جيبه!، وشماغ جديد بدل شماغي الذي تهلهلت خيوطه الحمراء!، وعقال أسود براق، وطاقية بيضاء تسر الناظرين، وحذاء أسود لامع بشرائط صفراء، ولكني عدت لإرجاعه لأني تذكرت بأنه لن يخرج معي في الصورة!!
ثم صالون حلاقة لحلاقة شعر رأسي الأشعث!، وقص الشعيرات البيضاء من شاربي ليكون أسود كثا!!، ولكن الحلاق اقترح علي طلاءها، لأنه لن يبقَى من شاربي شعرة واحدة عندما يقوم بقص الشعيرات البيضاء!!! وكنت أيضاً محتاجا إلى طلاء شعر رأسي الأبيض الذي سيخرج من تحت الطاقية عند التصوير!!!، ولكن نصحني بصالون نسائي للقيام بذلك!!، كلمته هذه أثارت انفعالي:
- ألم تر صورتي في الجريدة كل يوم؟
خرجت بعدها من عنده دون أن أدفع له شيئا!!! وهذا أسهل إجراء يمكن أن أتخذه في حقه لإساءته لنخبويتي!!!
توجهت بعدها إلى محل تصوير راق ليلطف ملامح وجهي بالحاسوب!!! ولكن - وللأسف - لم يستطع توفير خلفية على شكل مكتبة، وهذه الخلفية ضرورية جدا، ولأن بيتي لم يكن يحوي مكتبة!!! - لأنني لست مقتنعا بالثقافة الورقية في عصر العولمة أو لأنني أقرأ في المكتبات العامة!!! - ذهبت مع المصور إلى مكتبة (الكتاب الممزق للكتاب المستعمل) المجاور له بناء على طلبه! ولكن صاحب المكتبة رفض إلا بمقابل!!
ابتسمت بطقم الأسنان الجديد!، وقلت:
- ألا تعرفني؟
- لا.
- تمعن جيدا.
- أوه..... ألست؟
- بلى.. بلى.
- إن أغانيك تعجبني كثيرا!!!!، لذلك خذ صورتك مجاناً أينما تشاء!
عندما أجلت نظري في (أينما تشاء) لم أجد إلا أكعب الكتب الممزقة والقذرة فوق رفوف حديدية.
- أليس هنا كتب نظيفة؟
وأشار - بتملق! - نحو زاوية سبقني إليها يمسح أكعب الكتب بيديه!، وأخيراً حشرت رأسي بين الرفوف لالتقاط صورة بدوت فيها كحيوان محنط!!!
يبدو أن الشيطان وخز صاحب المكتبة ليطالب بالنقود مرة أخرى، ولكنني وعدته بأن أضع اسم مكتبته الجميل على غلاف شريطي القادم!!!
يبدو أن هاتفي الجوال كان مصرا على تكدير صفوي، فانبعث صوت يحشرج بسرعة:
- إنني أعتذر لك جدا، لم تكن أنت المقصود بتغيير الصورة،... يؤسفني جدا أن أقول لك بأن زاويتك ستتوقف لفترة بسيطة جدا!!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved