الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 3rd November,2003 العدد : 35

الأثنين 8 ,رمضان 1424

أول أصدقائي.. أعزهم.. وأخلصهم.. وأوفاهم!!
خالد أحمد اليوسف

للذاكرة في مواقف كثيرة، إعجاز وتحد، ونبش وهرش، وبحث في أقصاها عما تحجبه، حينما يأتيك السؤال فجأة!!
هذا.. أنا أمام سؤال عن الكتاب في حياتي!!
مازلت أذكر مجالس العلم التي يعقدها الوالد عليه رحمة الله بعد صلاة المغرب، في مجلسنا الطيني العتيق، وأنا صغير لا أفقه شيئاً مما يقولون، أو يقرؤون!! وتتكرر هذه الحالة أمامي كثيراً، في بيتنا، أو في بيوت أقاربي، فكانت مرحلة أولى لمرافقة الكتب خاصة أمهاتها.
ادخلت الكتاب في مرحلة مبكرة، قبل الدخول إلى المدارس النظامية، وعايشت الكتب الاصولية في الشريعة عن قرب، ورأيت الاعتناء بها، علما وعملا، فكانت مرحلة ثانية لتأكيد أهمية الكتاب في حياتي.
تكونت فيما بعد مجموعة لا بأس بها من الكتب لدى والدي رحمه الله 0 وقد عرفت قيمتها آنذاك فأرتبها وأعتني بها، مما أهلني لان اكون ضمن اللجنة الطلابية، التي تدير المكتبة في المدرسة الابتدائية، وهي مرحلة ثالثة، أحببت بعدها الكتاب حقيقة، فقرأت القصص، في تلك المكتبة، رغم صغرها، وتواضع امكاناتها، إلا أنها مهمة لدي.
في السنوات ذاتها، غادر خالي البلاد، في بعثة طويلة، امتدت إلى خمس سنوات، فأوصتني جدتي رحمها الله خيرا بكتب ابنها الغالي، وقد احتلت دولاباً كبيراً، يغلب عليها الطابع العسكري، ولكن حينما نبشتها وجدت بعض الكتب الإبداعية، مثل: ماجدولين، الفدائيون الثلاثة وغيرهما.
المرحلة الخامسة دخولي المعهد العلمي بالرياض، وهو معهد يعنى بالتعليم المعتمد على كتب التراث الأولي، والمصادر الرئيسة في العلوم الشرعية، واللغوية، والأدبية، وبعض العلوم الحديثة، هذا قبل تغيير المناهج وتطويرها التي تجعلك على صلة دائمة بالكتاب: قراءة، وبحثا، وإهداء، وتبادلا، من قبل إدارة المعهد، في المناسبات، التكريمية للنشاطات، التي اعتبرها أهم واحب الأعمال بعد الدراسة، لهذا تكونت لدي بعد المراحل الأولى، مكتبة اعتز بها كثيرا، كان الوالد رحمه الله من غرس في بدايات حياتي هذا الحب للكتاب، بل وواصله في إهداءاته، كل ما سنحت فرصة لها، ولن انسى في هذا المقام، حادثة طريفة، حيث كنا في الحجة ورأيت مكتبات منتشرة حول الحرم وكل الكتب المعروضة فيها تنحصر في التراث والشريعة، وهي مشهورة في هذا التخصص، وبما اني قد عايشتها ورأيتها كثيرا، لم تجذبني، فتركتها، ولم أدخل فيها، واكتفيت بالوقوف في الخارج، رغم حرص والدي على زيارتها كلما زرنا الحرم، وفي حي المعابدة، وجدت مكتبة حديثة، فدخلت فيها واشتريت كتبا حديثة، دواوين وروايات ومجاميع قصصية، وحين عدت للسكن ورأى هذه المجموعة، اخرج من حقيبته كتابا، وقال هذا أهم من الكتب التي اشتريتها، وقد كان عنوانه «تاريخ الخلفاء» للسيوطي ولم أدرك هذه الأهمية، إلا بعد مرحلة من العمر وتكرار قراءته كثيرا، بل والرجوع اليه في بعض الأبحاث والدراسات ارجع إلى دور المعهد العلمي في هذه المرحلة، حيث لم يمض وقت طويل في المرحلة الثانوية من المعهد إلا وقد ضممت إلى الطلبة المشرفين على المكتبة، وهي من أكبر المكتبات في الرياض آنذاك وهي قليلة.
وسنحت فرصة مسائية للتعاون مع اللجان العاملة في تأسيس المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود في اختيار الكتب وترتيبها، بعد تقسيمها وفرزها، مما جعلني أكمل العيش مع الكتاب وأهله، والعمل من أجله في محطات كثيرة.
حينما أقبلت المرحلة الجامعية، لم يخطر في ذهني إلا دراسة الأدب وفنونه، بعد معايشة للشعر والقصة والرواية على وجه الخصوص، من الأدب عامة، ولكن لظرف خاص، بحثت عن أقسام أخرى، وعلمت ان قسم المكتبات والمعلومات يتمنى من خريجي الثانوية الدخول فيه!!، فكانت مرحلة ومحطة جديدة علي، حيث مكثت اربع سنوات، لا هم فيها إلا الكتاب، ولا أكل إلا مع الكتاب، ولا نوم إلا مع الكتاب!!، ولم يعد الكتاب بالنسبة لي هذه الأوراق المجموعة بين دفتين، بل تجاوزها إلى عالم واسع، تاريخه، إنتاجه، صناعته، تسويقه، كيفية اقتنائه، ونوعية المقتنين، ثم انتقلت إلى عالم التعامل الفني مع الكتاب، وهو واسع، خاصة اني أتعلم في الصباح، وأطبق في المساء، حيث عملت متعاوناً مع مكتبة كلية الملك فهد الأمنية، ومحرراً قبل ذلك مع المجلة الرائدة «عالم الكتب» وتدرجت هذه السيرة مع الكتاب، إلى المصغرات الفيليمية للكتاب، كانت هذه المرحلة برفقة علماء اجلاء: محمد عبدالفتاح الحلو، محمد أنور عمر، محمد ماهر حمادة، يحيى الساعاتي، محمود الشنيطي، سعد الهجرسي، ناصر السويدان، أحمد المهندس، عبدالستار الحلوجي، مصطفى حلاوة، وغيرهم رحم الله الأموات منهم، ومتع الله من بقي منهم في حياته .
هذه المحطات كونت في داخلي، مأوى متكامل للكتاب، وصاغت عقلي وقلبي عاشقا، وهائما في خدمته، لهذا عملت ناشرا من خلال كتبي، ومن موقعي السابق في جمعية الثقافة والفنون، ومكتبة أرعاها كل صباح في عملي الرسمي، ومنظما لمعارض كتب، بل ومتابعا للمعارض المحلية والدولية، ومتابعا لأخباره في الصحف اليومية والدوريات بأنواعها، ومقتنيا لكل ما هو متجانس مع ميولي، فزادت المكتبة منذ الكتاب الأول، لتصل إلى الآلاف، وتتسع المساحة المخصصة لها، من دولاب إلى الدور الثالث في بيتي، ويأتي الإنترنت أخيراً ليصطادني إلى عالمه الواسع، فأرى كيف سخرت هذه الخدمة للإنسان، وأقرر مختارا الدخول اليه لخدمة الكتاب كذلك، وأحمد لله نجحت في هذه المهمة، فأصبح الراصد، ملجأ لكل القراء والباحثين الجادين، هذه جوانب، وفي الجانب الآخر، صنع مني الكتاب ببليوجرافيا ينقب ويترصد لأي كتاب يصدر عن ومن حياتنا الأدبية، وينشر القوائم والمصادر والمراجع التي تفيد الباحثين، والدارسين، ويهمه كل سنة نشر ما استجد في هذا العالم.


kaym@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved