الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 3rd November,2003 العدد : 35

الأثنين 8 ,رمضان 1424

واقع الفن التشكيلي المحلي (7)
بعد أن زادت أعدادها
المعارض التشكيلية اختلط فيها الغث بالسمين والحابل بالنابل
محمد المنيف

مررنا في الحلقة السابقة بإيجاز على بعض ملامح واقع المسيرة التشكيلية ابتداء من ولادتها من رحم التربية الفنية كما ذكرنا في المدارس ثم معهد التربية الفنية ثم مرحلة الأندية التي كانت تحت إشراف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى ان جاءت المرحلة الأكثر نضجا في التعامل عبر تأسيس إدارة للفنون التشكيلية عام 1396هـ بعد إنشاء الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتم من خلال تلك الإدارة وضع خطط وبرامج أسهمت في دفع هذا المجال للتواجد ثم تطرقنا إلى مراحل الرواد ومرحلة الاستقرار وأشرنا إلى بعض الأساليب والأعمال والأسماء كالنماذج التي رسمت الأطر الحقيقية للإبداع التشكيلي الذي يمكن خلاله التعامل معه عالميا بمواصفات محلية من مرجعية تراثية أصيلة تشكل منها جسد الثقافة السعودية فأصبحت لها خصوصيتها عربيا وعالميا إلى ان وصلنا إلى فترة الاستقرار في مفهوم العمل الفني لنطل اليوم على جوانب أخرى لا يمكن إغفالها أو تجاهلها في حال التحدث عن مسيرة الفن التشكيلي المحلي إذ تأتي تباعا في سياق المراحل فمنها ما يعتمد عليه في بناء هذه المسيرة في مقدمتها مرحلة إعداد المعارض التي تطرقنا لها وعن الجهات المعنية بها وكيف أصبح الفن التشكيلي رمزاً من رموز الإبداع الثقافي والفكري وأصبح شريكا لأي احتفالية ثقافية وأدبية داخل المملكة وخارجها ضمن الأنشطة والأسابيع الثقافية التي تقيمها المملكة في دول مختلفة للتعريف بما تحقق للثقافة وما حققه المبدعون فيها وتأتي أهمية المعارض كونها الجسر والنافذة التي يطل ويصل من خلالها الجمهور على هذا الإبداع كما يترتب عليها الكثير من النتائج مع ما شاب أسلوب تنظيمها من سلبيات تسببت في تدني مستوى المنافسة فيها وتدني متابعة الجمهور لها.
فالمعارض الفنية التشكيلية هي الخطوة الثانية بعد إبداع الفنان وإنجازه لأعماله في مرسمه منها ما يقوم به بشكل شخصي أو بمشاركته بأعماله ضمن معارض جماعية ولهذا تعددت السبل وتقاطعت الخطوط وازدوجت المفاهيم حول تلك المعارض ابتداء من الفكرة أو الهدف من اقامتها مرورا بطريقة تنظيمها وصولا إلى استخلاص نتائجها ومردودها المعنوي والمادي للفنان إضافة إلى ما أدت إليه من تأثير جمالي على الجمهور وفي رفع أو خفض مستوى رقي الذائقة لديه ولو بنسبة معينة مع معرفة حجم الإقبال على هذا المجال ومن المؤسف انه لم يكن هناك أي دراسات وبحوث جادة من الجهات المعنية بالمعارض الدائمة منها على وجه الخصوص بعد نهاية كل عام تقام فيه المعارض لمعرفة مستوى المحصلة ومقدار ما آلت إليه من نتائج الايجابية منها والسلبية.
ومن خلال تجربتنا وقربنا من مسيرة الفن التشكيلي وشرف المشاركة في أول معارضها شخصية أو جماعية قامت على تنظيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب منذ عام 1396هـ مع جمعية الثقافة والفنون التي أقامت عدداً من المعارض منها معرض لكاتب السطور أقامه في الجمعية عام 1394هـ بعد تأسيسها بسنة واحدة باعتباره من أعضاء اللجنة الأولى للفنون التشكيلية فيها والتي كان يرأسها الفنان عبدالعزيز الحماد نعدكم بأن نعطي الجمعية مساحة خاصة في سياق الحلقات كما كانت تحظى بمتابعتنا لخطواتها في هذا المضمار والتي يشاركنا فيها بقية الزملاء من الكتاب التشكيليين والنقاد المجتهدين في الإشارة عبر المقالات أو التغطيات الصحفية في الصفحات التشكيلية بعد ان نمر بالمعارض وكيفية إعدادها وتنوع أهدافها.
وقبل الحديث عن المعارض يمكننا الإشارة إلى ان الرئاسة العامة لرعاية الشباب لها الدور الكبير في إدراج هذا النشاط لخدمة الفنانين ضمن برامجها وخططها مؤدية بمعارضها التشكيلية دورا كبيرا في دعم الفنانين وتشجيعهم ولفت نظر الجمهور لهذا الإبداع إضافة إلى الانتقال به إلى مساحة عالمية عبر المناسبات والأسابيع الثقافية ومن هنا يمكننا تقسيم تلك المعارض على النحو التالي:
* معارض خاصة بالأندية وإنتاج منسوبيها من الهواة والموهوبين ويطلق عليها معارض المراسم.
* معارض لتشجيع الفنانين وعلى مختلف مستوياتهم ويطلق عليها معارض المناطق وهي خلاصة معارض المراسم كما تتاح فيها الفرصة لغير منسوبي المراسم والأندية.
* معارض مفتوحة للجميع لمنح الجوائز وهي معارض المسابقات يتم إعدادها للاقتناء من قِبل الجهات المعدة لها مع أن اكثريتها أو الثابت منها تقوم به الرئاسة العامة لرعاية الشباب تهدف من خلالها إلى اقتناء الأعمال من المعارض للمشاركة بها في المناسبات الخارجية ويطلق عليه معرض المقتنيات والذي أقيم لأول مرة عام 1396هـ.
* معرض للنخبة المتميزين باسم الفن المعاصر وأقيم أول معرض له عام 1399هـ.
إضافة إلى المعارض الأخرى التي تقيمها مؤسسات أو أفراد منها الجماعية ومنها الفردية.
هذه المعارض وما أحدثته من ايجابية في تحريك للراكد من مياه الوعي عند الجمهور وما قامت به من خطوة نحو اثبات الفن التشكيلي عند الجهات الرسمية وتحقيقها الكثير من الاحترام والدعم إلا انها بقيت في حدود وسياق تنفيذ البرامج.
وعند العودة إلى البدايات واسترجاع أول معرض أقيم لهذا الفن وهو المعرض الجماعي الأول للمقتنيات لوجدنا انه من الممكن ان يكون منطلقا ثابتا للمستوى وللأسماء أو ما جاء بعده من معارض جماعية في فترة الفن التشكيلي الأولى والتي انطلقت عام 1396هـ مشتملا على نوعية رائعة وتجارب سابقة لعصرها وأسماء مازالت حتى الآن تعطي وتبحث وتجرب وتنافس على الجديد مع خصوصيتها المحلية إلا ان تلك الأسماء لم يعد لها تواجد إلا من القلة القليلة لعدم قناعتهم بما آلت إليه المعارض من ضعف في المستوى وتراجع في المنافسة عوداً إلى الطريقة التي اتبعت في كيفية قبول الأعمال لمجرد ملء المعارض والخروج منها بتقرير وتوثيق للتنفيذ أو ما مر بالمعارض من تذبذب في مجال التحكيم إلى آخر منظومة، ويحضرني هنا موقف تمثل في قيام منظم أحد المعارض من قِبل جهة رسمية لمسابقة من المسابقات لم يكن عدد الأعمال المشاركة والتي تم اختيارها ومنحت الجوائز كافيا لتغطية الصالة المقام فيها المعرض فاستعان صاحبنا ببقية الأعمال التي لم تفز في المسابقة ولم يكن الكثير منها مناسبا للعرض لضعف المستوى التقني ومع ذلك وجدها حلا لتغطية العجز على حساب ما يمكن ان يأتي من ردود فعل من المتلقي الذي أصبح حضوره حالياً بالشكل المأمول ضرباً من ضروب الخيال. إذاً فكثافة تلك المعارض وما لحقها من تأثير كبير على الخطوة الأهم في المنجز التشكيلي وهي مرحلة اغراء الجمهور والذائقة والمقتنين بالحضور دفعت المتلقي لاحقا إلى طرح علامات الاستفهام ثم الابتعاد لعدم وجود اجابات مباشرة تجاه ما يقدم له من معارض وما تشتمل عليه من أعمال اختلط فيها الجميل بالقبيح والجيد بالرديء وهو ما سنعود إليه للتعرف على واقع تلك المعارض وللسلبيات التي أدت إليها تلك الكثافة العددية وما آلت إليه مستويات المشاركة ولماذا أصبح المتلقي غير راض عنها وعن فوضوية إقامة المعارض من قِبل أفراد ومؤسسات لهم فيها مآرب أخرى.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved