Culture Magazine Monday  04/06/2007 G Issue 201
الملف
الأثنين 18 ,جمادى الاولى 1428   العدد  201
 

د. راشد المبارك سيبقى في الذاكرة بتقدير المنصفين له
حاسن البنيان

 

 

عندما هاتفتُ الدكتور راشد بن عبد العزيز المبارك، لإجراء لقاء معه لبرنامجي (رجال في الذاكرة) في قناة (الإخبارية)، وقد اعتدت أن ألتقي ضيوفي قبل التسجيل لاستكشاف المزيد من التفاصيل والجوانب العديدة عن شخصيتهم وسيرتهم ومسيرتهم ومشوار حياتهم، وجدت (أبا بسام) يدعوني، بل يلح أن يكون اللقاء على مائدة غداء في ظهيرة شتوية بديعة في منزله بشرق الرياض، مما أكد لي مقولة الصديق الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، عندما أشار في كتابه (إعلام وأعلام) عن د. راشد بالقول عنه: (فيه كرم أهل الأحساء وطيبة الأهالي في الهفوف، وأخلاق أُسرته الفاضلة العريقة (المبارك) وعلمهم ..).

وكنت أتوقّع أن يكون قد دعا آخرين لمائدته، لكنني تفاجأت بأنّني المدعو الوحيد إلى مائدة سخيّة متنوعة تكفي لأفراد المنتخب الوطني، وكان خادمه (جون) يتولّى خدمتنا..!!

في الثلاث ساعات التي قضيتها معه، لا أملك إلاّ القول بأنّني ازددت أكثر إعجاباً بصفاته وسجاياه الحميدة، من تواضع وعزوف عن الأضواء، كما ازددت إعجاباً بكفاءته وقدراته ومهاراته المعرفية الواسعة التي لا يعرف قدرها إلاّ الباحثون والعلماء والمتخصصون.

خرجت من عنده وأنا ألوم نفسي بتأخُّري كثيراً في التعرُّف عن قرب على شخصية هذا العَالِم والمفكِّر الذي جمع بين العلم والأخلاق وتواضع العلماء، والذي نذر نفسه للفكر والتأليف، وإقامة ندوته الأسبوعية (الأحدية) في منزله طوال 26 عاماً وما يزال.

لمتُ نفسي وما زلت، لأنّني لم أتعرّف من قبل على فكره الإنساني وعلى ثقافاته المتنوعة، حيث وجدته يمتلك المقوّمات الإنسانية والفكرية والفلسفية والأدبية، مما كان له الأثر في بصماته المحمودة وخبراته وتجاربه الرائدة في مجال التأليف وفي تخصصه العلمي في السنن الكونية والعلوم الطبيعية، وهو كما هو عالم في الفيزياء، كان مبدعاً في الشعر والأدب، فكانت له إسهاماته في الحركة الثشقافية السعودية، وهو بحق يجمع في أسلوبه ومنهجه بين منهج العَالِم الطبيعي وصنعة الأديب المطبوع وحاسة الشاعر الموهوب ومنطق الرياضي الموفور والفكر الذي لا يجور .. إنّه نموذج مثالي وفريد في تاريخ الفكر السعودي، يستحق أن يفخر به ..وسيبقى د. راشد بن عبد العزيز المبارك أزمنة طويلة في الذاكرة لآثاره الخالدة ومكانته العلمية والفكرية والخُلقية وبتقدير المنصفين له.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة