Culture Magazine Monday  04/06/2007 G Issue 201
فضاءات
الأثنين 18 ,جمادى الاولى 1428   العدد  201
 

هيام المفلح في فن القلق والاتكاء على الجمر!!
قراءة فنية لمجموعة قصصية
د. محمد أبوبكر حيمد

 

 

هيام المفلح كاتبة قصصية صدرت لها ثلاث مجموعات من القصص القصيرة، وفي جعبتها ومكتبتها مما لم ينشر عدة مجموعات أخرى لم يتح لها النشر حتى الآن.

يقوم فنها القصصي على حاسة الالتقاط السريع والذكي للأحداث الصغيرة في حياة الإنسان اليومية.. في واقعه المعيشي أو واقعه النفسي وهو واقع لا يمكن تصويره في القصص الطويلة والروايات، والكاتب أو الكاتبة التي تستطيع تجسيد هذا (الواقع) المميز للقصة القصيرة نستطيع أن نُعدّه بحق كاتب أو كاتبة قصة قصيرة..

إنه (خيط رفيع) يجعل القصة القصيرة مثيرة فعلاً لا بعدد صفحاتها، ولكن بوحدة الموقف الذي تصوره وتقدمه بشكل لا يقبل التجزئة.

وفي مجموعتها الجديدة (كما القلق.. يتكئ الجمر) تقدم هيام المفلح تجربتها في كتابة الأقصوصة.. لم تبد لي التجربة مقنعة عند الوهلة الأولى للاطلاع عليها لأن كل أقصوصة عدة سطور ولكنني لما أعدت النظر بقراءة متأنية وجدتها لا تنتمي للخواطر ولا للمقالات، ولا للقصة القصيرة ولكنها قصة على كل حال، لأنها تحتوي على حدث وعلى تيار نفسي وعلى وحدة في التصوير، بمعنى أن كل أقصوصة منها تشكل في بنائها الفني والنفسي لفظة واحدة وتحتوي من المناظر المنظر الذي تتسع له عدسة الكاميرا في لقطة واحدة، فيكون ذلك هو إطار الحدث من حيث أبعاد العرض والطول، أما العمق بتياره النفسي فقد يسحبك إلى بحار ليس لها آخر، وهذا الفن الدقيق في التصوير والبراعة في التكثيف ما لفت لنظري في قصص هيام المفلح القصيرة جداً - إذا جاز التعبير - اختارت هيام عنوانات أقاصيصها بذكاء أو بتلقائية أو بهما معاً، إذ يكمن في العنوانات السر المفتاح الذي يفك رموز الحدث... قد يبدو العنوان لأول وهلة لغزاً أو أحجية لا علاقة له بالموضوع، لكن بعد تأمل تكتشف تعبيره الحميم - غير المباشر - عن فكرة الحدث، عنوانات (أعشق من جرح)، (الحاوي) (ثمر سفاح)، (تداخل)، (النوق)، (إثم)، (وعد) (طيش)، (التمثال)، (امرأة) (إشاعة)، (طوق نجاة).

وفلسفة العناوين في أقاصيص هيام لا تسير على نسق واحد، فقد يكون العنوان حلا للغز الحدث، وقد يكون هو اللغز نفسه، وقد يكون سخرية من الحدث أو احتجاجاً على ما حدث مثل عنوان (امرأة) يمثل احتجاجاً على ضعف المرأة التي أفقدها المجتمع حتى المقدرة على توجيه سائقها! وقصة (طوق نجاة) تحمل مفارقة درامية مؤلمة ممزوجة بسخرية وتحمل درساً أخلاقياً لمن يستعين على الرمضاء بالنار! وقد يكون العنوان تفسيراً لما حدث مثل أقصوصة (نحس)، وهناك حالات لا يحمل العنوان إلا جزءاً من الحل، وكمن السر في الحدث البسيط نفسه مثل (رغبات) التي يبدو فيها الموضوع مكشوفاً للقارئ بسهولة ويسر، وقد يكون الحدث مركباً والعنوان مستغلقاً مثل أقصوصة (عمى) التي تحتاج إلى تأمل.

ومعظم الأقاصيص تحتاج إلى تأمل إذ لا تسلم هيام المفلح مفاتيحها بسهولة للقارئ أو الناقد، بل تدعوه من خلال لوحاتها القائمة على الحركة الدرامية - بتياريها المادي والنفسي - إلى التفكير والتأمل أو إلى السخرية والابتسام وأحياناً إلى الضحك، وتبث من خلال ذلك (التصوير) رسالة أخلاقية أو هماً اجتماعياً تبوح به لنا بالهمس من خلال لغة الرمز، وهي لغة لا يستطيع التعبير عنها إلا الفن الأصيل والفنان المقتدر الموهوب.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«777» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة