Culture Magazine Monday  04/06/2007 G Issue 201
تشكيل
الأثنين 18 ,جمادى الاولى 1428   العدد  201
 

بعضها تسبب في تدني الذائقة
أين موقع صالات الفنون التشكيلية من نظام المكتبات والمطبوعات

 

 

إعداد :محمد المنيف

يمر الفن التشكيلي حالياً بمرحلة صعبة بعد أن شارف على تخطي مرحلة الشباب إلى مرحلة النضج من خلال الكثير من التجارب والأعمال المتميزة التي جمعت بين التغير والتبدل الجديد في الساحة العالمية وبين ما انتج من أعمال في الفترة السابقة التي لم تكن واضحة المعالم تسير وفق قوالب ترسمها المسابقات أو أساليب الاقتناء التي كان لها تأثر كبير في كثير من التجارب أو الأساليب وفي مقدمتها التوجيه الغير مباشر لتسجيل الواقع والتراث وتوظيف العناصر الشعبية من خلال منح المتعاملين بها في أعمالهم الجوائز المتقدمة ليستمر هذا النهج إلى أن غلبت الإبداعات المعاصرة على الواقع العام وفرض بعض الفنانين قدراتهم التقنية والثقافية على المشهد التشكيلي فما كان من الجهات المعنية بالمعارض والمسابقات إلا الرضوخ والاقتناع بالموجة الجديدة التي لا يمكنهم الوقوف أمامها فآثروا التعامل معها والاستفادة منها في تغيير الحال إلى حال افضل لمسايرة الفنون العالمية، هذا التوجه والأخذ بالجديد توقف عند حدود تلك الجهات بينما نجد أن هناك جانب آخر لا يقل أهمية عن ما سبق القيام به من قبل إدارات وأقسام الفنون التشكيلية الرسمية لينتقل أو يتواصل مع القطاع الخاص.

* عرض وطلب

وإذا وضعنا القطاع الخاص تحت المجهر لنقترب إلى واقعه لوجدنا أن هناك فئتين تتعاملان مع الفن التشكيلي بناء على الهدف الذي قامت عليه كل فئة منها ونعني بها قاعات أو صالات العرض التجارية للفنون التشكيلية، منها من ينظر إلى الفن التشكيلي كسلعة تجارية قائمة عل مبدأ العرض والطلب والفئة الثانية تهدف إلى الجمع بين الكسب المادي وبين الارتقاء بالذائقة وبثقافة المجتمع نحو العمل الفني، ومع أن القاسم المشترك بينهم هو الكسب المادي والاختلاف يظهر في الهدف الآخر فإن الأمر يتعلق بمستوى وعي صاحب الصالة أو القاعة وقدرته على تحقيق الهدفين في وقت واحد وهو الأهم في نظرنا عودا إلى قيمة هذا الفن الحضارية والثقافية. فالمسؤول أو المؤسس لقاعة عرض هدفها الكسب المادي نجده لا يفرق بين عمل متميز يحمل المفهوم الحقيقي والقيمة الإبداعية تقنية وفكرة وبين عمل تسجيلي لا يمكن أن ينافس الكاميرا وبرامج الرسم الإلكترونية بقدر ما يشوه الحقيقة البصرية، فنشاهد هذا التنوع وهذا التوجه يملاْ القاعة، فالأمر متعلق بالعرض والطلب وكما هو معروف أن اكثر الزبائن هم من لا يعي قيمة اللوحة أو أهمية الفنان أو اعتبار العمل الفني ثروة تستحق الاقتناء وتمكنه من الكسب مستقبلا في حال وجود مزاد أو قاعة راقية تتعامل مع الأعمال الفنية من هذا المنطلق وهذا الأسلوب في التسويق.

ثقة متبادلة

هذا الواقع المتنوع في مستوى قاعات العرض وحجم وعي المسؤولين فيها احدث الكثير من التأثير السلبي على الساحة خصوصا القاعات التي يغلب فيها الكسب المادي على غيره من الأهداف وجهلهم بما يعنيه الاهتمام برقي ما يعرض لديهم من جذب لفئة تقدر وتبحث عن العمل الحقيقي والمتميز دون النظر للسعر خصوصا إذا وجدت علاقة بين القاعة وبين المقتنين تنطلق من تقارب في المفهوم وثقة من الزبون في إمكانيات صاحب القاعة بقدرته على انتقاء الأعمال التي تعرض فيها، وهذا هو الأسلوب الحقيقي الذي يمنح القاعة الاستمرار والكسب مهما كانت البداية بطيئة، وأتذكر هنا حديث تلفزيوني لمدير قاعة عرض في أوروبا ولها فروع على مستوى عالمي إذ يقول أن أهم ما يحقق نجاح صالة العرض ثلاث عوامل هي، القدرة على الاختيار، وثقة المقتني بالقاعة، ووجود ناقد، وإعلام مستمر (إعلان)، وهذه العوامل غير موجودة في غالبية القاعات الحالية إلا ما ندر.

فنانين بالريموت كنترول

نعود للوجه الآخر من العملة وهم الفنانين وتأثير تلك القاعات على إبداعهم وخطورة هذا التأثير على مسيرة الفن التشكيلي، التي تحتاج إلى إيصال حقيقة الإبداع إلى المتلقي وليس الاتجار به واستغلال الساحة بالشكل المسيء وليس الداعم، فهناك من المواقف ما يجعلنا نعتب على الجانبين مع أن العتب الأكبر على التشكيليين ممن يمتلكون الموهبة والقدرات العالية التي تؤهلهم للارتقاء بمستوى الساحة في حال تقديم أعمال جديدة معاصرة بعيدة عن الأعمال الساذجة ومع ذلك يتجهون إلى جانب الاتجار والاستسلام لريموت أصحاب قاعات العرض نذكر من تلك المواقف اشتراط قاعات العرض لنمط معين من المواضيع واسر الفنانين فيه تلبية لرغبات السوق، هذه الفئة من صالات العرض تساعد وتؤكد تدني الذائقة لدى المتلقي.

من المعني بتراخيص صالات الفنون

نختتم القول بأن هناك من يأخذ الفن التشكيلي لحما ويرميه عظما بعد أن يحقق أهدافه أما بحثا عن الشهرة واجتذاب نظر الآخرين على حساب الساحة أو للكسب المادي بتوظيف من يوافقهم التوجه لإنتاج ما يلائم ا التسويق الرخيص ثمنا وتنفيذا مع أن المفترض عدم الإشارة لمسمى الفن التشكيلي في تلك القاعات وإبقاءها بمسمى صالات الأنتيكات وإكسسوارات المنازل أو قاعات الرسم والزخرفة والديكور فكلمة فن تشكيلي تحمل مضامين ومعان كبيرة على المستوى العالمي لا يعيها إلا من لديه المعرفة التامة بها محليا ودوليا باعتبارها رافدا ثقافيا ووسيلة توثيق لمسيرة الحضارات، ومن المؤسف أن تراخيص هذه الصالات إما من البلدية أو وزارة التجارة مع أن المعني بها هي وزارة الثقافة والإعلام شانها شان المكتبات والمطبوعات. لتكون هذه الصالات ذات مستوى يليق بهذا الفن ويدعمه والارتقاء بمستوى الفنانين تقنيا وثقافيا، كما يضعها في حيز الهدف المرجو منها ومما يعرض

فيها لتصبح داعما ورافدا في مسيرة تشكيل الجسد التشكيلي أسوة بمن سبقونا على المستوى العالمي فلصالات جزء لا ينفصل عن المهام التي تقدم من خلال المكتبات أو المطبوعات أو الإنتاج الفني من روايات وقصص ومسرحيات أو أفلام ومسلسلات فاللوحة تجمع كل تلك العناصر والمفردات بلغة عالمية لا تحتاج لمترجم.

***

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6461» ثم أرسلها إلى الكود 82244

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة