الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th December,2006 العدد : 179

الأثنين 13 ,ذو القعدة 1427

صورة المرأة في الأدب السعودي «2»
المرأة والخطيئة:في رواية فسوق - نموذج أول
سهام القحطاني
المرأة ترى لها نفس الحق في ارتكاب ما يمارسه الرجل لأنها تحمل نفس ميوله.
المرأة، عندما تنزلق، تتعفر سيرتها ويصيبها العطب فتفقد فرصتها في التطهير والبدء من جديد، ويرفض أن يتزوجها الرجال حتى أشدها فسوقا وعهرا! (تتزوج بفتاة ضبطت مع رجل وصل إلى مفاتنها من غير جهد)-ص74- هكذا كان حكم الإعدام على جليلة الابنة بحرمانها من ممارسة حقها الطبيعي في الحياة، إن المجتمع لا يغفر للمرأة خطيئتها وحينها لا تجد نفسها إلا في اختيار طريق من طريقين (إما ممارسة البغاء، أوالدخول في العبادة، كحل ينسي الناس براءة حب غلف بكيس نفايات وقذف في برميل قمائم) -ص78- إنه حكم اجتماعي جائر، يعني أن كل امرأة تحمل في داخلها مشروع للفسوق، وخطورة هذا الحكم أنه يجبر المرأة على الرضى بحكم المعتقد الاجتماعي الظالم، لأنه يمثل الواقع، الذي تنعدم في ضوئه حرية الاختيارات، (فحين يجد الفرد أياً كان موقعه، عدم مقدرته على العيش وفق اختياره الحقيقي، ولا يستطيع قول رأيه الحقيقي، ويجد الأشياء في حالة ذوبان، كل الأشياء تختلط بعضها ببعض، كاختلاط الخاص بالعام، عندها يصل الفرد إلى قناعة الرأي الواحد، إلى ثقافة القطيع، ويصبح من غير المجدي، أن يقف ليحتج،أويعترض، أو يصلح، لأنه سيجرف أويدهس)-ص 156-، وهي ثقافة ترسّخ داخل المرأة احتمالية أنها تحمّل فيروس الفسوق والإصابة بالخطيئة مرض تتوارثه النساء... هذا ما أدركته جليلة الابنة بعد حادثة وقوعها في يد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسعت لحماية نفسها من هذا المرض الذي خلق وهمه داخلها ثقافة المجتمع.... ، ورغم كل ذلك ظلت جليلة في الذهن الاجتماعي نموذج للفسوق أو على الأقل مشروع قابل لأن يكون كذلك، تفجرّت بواطنه من خلال أقوال نسوة الحارة (كانت تتحرش بالرجال منذ صغرها،.... - نميمة زينب باموسى)-ص80- (وفي طفولتها لم تكن تطيق ارتداء ملابسها،.....، وقد لازمتها هذه العادة السيئة، فعندما كبرت كانت تحب الموديلات الفاضحة)-ص40-إذن فكرة كل امرأة مشروع قابل للفسوق،هي فكرة حاضرة في اللاوعي العقل الجمعي،لا يثيرها إلا في ضوء حكاية، كحكاية الفتاة التي هربت من قبرها.
وهوذات الواقع-الرأي الواحد وثقافة القطيع، الذي أنتج شفيق، وجعله يستسلم في داخله لقناعة هذا الرأي بأنه وجه آخر لمشروع رفض المجتمع له، فهو يجلب الموت لكل من يجلس معه أويحدثه، حتى نما داخله رغبة الاستمتاع بالموت لأنه الدليل الحي الواحد على وجود الحياة، (.. ينتابني فرح مع مجيء الجنازات، وأتمنى موت شخص في كل ساعة) - ص214 - إلا أن جليلة علّمته الثورة والانقلاب على نفسه وعلى سلطة المقبرة، علّمته الجريمة، لأن الحب يصنع الجريمة، وأوّحت إليه بالخطيئة،لأن الحب يصنع الخطيئة، ووراء كل خطيئة فتش عن المرأة، والمرأة الخطيئة هي الأقدر على الهام الرجل بمبادئ فلسفة الجنون والشر والجريمة، علاقة عكسية تهدّ طموح الرجل وعقله وحكمته نحوالأشياء والأمور، مثل أخ جليلة العشيقة الذي كان (رجلاً مفتوناً بالغد كثيراً، يحمل طموحه فوق ظهره كحمار معاف... كان هذا قبل أن يرتبط بزوجه، لم تر فيه سوى سلة تحمل فيها خبزها... فتراجع عن طموحه كثيراً.. وذبل سريعاً كزهرات الليمون التي تسقى بمياه مالحة وقذرة في آن... تأكد من خيانة زوجته له وهروبها مع عشيقها... تركت له طفلاً.. يحلم ليليا بقتلها، يضع أمامه طفلاً ووسادة، مجرباً انزلاق شفرته بين أحشاء لبد الوسادة... أرشد الجيران إلى بداية جنون خدش عقله، فتركه هائماً بين الهذيان، والبحث عن وسيلة تُفرغ حقده برؤية دم امرأة يسكب)-ص27- ومثل الرجل الخمسيني الذي أراد الانتقام من زوجته الخائنة بقتل أبنائه الخمسة، والآخر الذي قتل زوجته لسؤال ناقص تفوهت به طفلة صغيرة تحاول أن تمسك خطوط العلاقات لتظلل المتشابه وتلغي المختلف.
هكذا يُحمّل المجتمع المرأة نتيجة فشل الرجل وجنونه وجريمته، أما نجاحه فهي مسئولية عبقريته وقدرته على الإنجاز، وخطيئتها مسئولية انحرافها واختيارها، لذا ماتت جليلة العشيقة، وعاش محسن الوهيب مع أنه شريكها في الخطيئة، ودنس شرف جليلة الابنة من أجل خطأ مراهقة، وأصبح محمود مجاهداً وإمام مسجد ثم شهيداً مع أنه شريكها في الخطيئة،!! إنه غباء عدالة العقل الجمعي للمجتمع.. (يتبع - رواية فسوق).


* من دراسة (العقل السعودي في الميزان)

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved