عبدالله السميح يتدثر بالبياض شعراً..
ديوان (البياض) بيان ضد الجدب والحزن اليومي
|
*مطالعات -عبدالحفيظ الشمري:
الشاعر عبدالله متعب السميح ينطلق من شعرية مؤثرة وفاعلة في بناء مشروع الإبداع الإنساني الذي يحوي في أعطافه دائما تجاليات الذات المفعمة بالحياة، ليصوغ منها بوح الشعر أنغاما شجية.. فالشعر لدى السميح مرهون بحالة الدهشة من البياض والجمال الذي يصوره، ويسجله، ويستعيد تفاصيله الدقيقة شعراً خالصاً.
كل هذه الإطلالات تواردت في ديوان الشاعر الجديد حيث وسمه بعنوان (متدثر بالبياض)، متيقناً من فأل يسكن في تضاعيف هذا المخلوق المسمى.. البياض.. فضلاً عن أن يكون التدثر رغبة قصوى لدى الشاعر الإنسان حينما تهاجمه صولات صقيع لا يرحم في قفر حياتنا المليئة بالجدب، والبرد، والظمأ للبيان والدفء والحياة.
فاتحة الديوان.. قصيدة (ترتيلة لصباحات الرياض) مصافحة أولى لبياض الحب الذي تتركه حالة العشق لمدينة قد يشدك الشوق إليها كلما اختطفتك حالة القرية.. تلك التي أشعلت في الشاعر السميح حرائق الشعر الفاتن:
(كلما نوغل في عشقك يشتط الهوى
يستبد الوجد
وتمتد الجهات)
الشاعر عبدالله السميح ينحو في قصائد ديوانه منحى التجلي الإنساني النبيل، إذ يكثر الشاعر انثيالاته تجاه كل ما هو عفوي وبسيط موقناً بأن البقاء للبسطاء الذين تؤثر فيهم تحولات الحياة لا سيما حينما تكون في وصف إنسان يؤثر فيهم، ويتفاعل معهم على نحو قصيدة (صديق المتعبين) حيث صاغ السميح من تلك العلاقة الحميمة بين الناس ورمز قصيدة المتمثل بالأديب الراحل فهد العريفي، صاغ تلك العلاقة الحميمة بين الناس ورمز قصيدة المتمثل بالأديب الراحل فهد العريفي، صاغ تلك العلاقة الحميمية المدهشة، ليصوّر وببراعة فائقة حجم تلك المحبة التي ظلت تسند العلاقة بشكل جميل.
اشتمل الديوان على قصائد تعنى برحلة الشاعر مع الغربة التي فجرت ينبوع الإبداع، فلم يشأ السميح أن يتجاوز هذه التجربة الإنسانية التي عايشها، وكشفت له وجوها مختلفة من الحياة التي لم يألفها.
ديوان (متدثر بالبياض) رؤية حالمة للأشياء، يفر الشاعر فيها من منغصات حياتية كثيرة، فهو الذي ينشد الخلاص من وطأة الحزن الذي تخلفه هزائمنا المادية والمعنوية.. تلك المواقف التي تجعل الشاعر أكثر صموداً في وجه العاصفة المدمرة، المتمثلة في أداة الحرب القاتلة، والمخربة على نحو ما يحاول فيها الشاعر أن يزيح هذا الهم الذي تراكم، وذلك من خلال قصائد متفائلة، تخاتل الفاجعة على نحو قصيدة (أم قصر) إذ يحاول أن يوازيها بقصيدتي (الحلم) و(الأمل) تيقناً منه بأهمية أن يكون للفرح وجود في عالمنا الدامي، وأن يكون للأمل برهة أو فسحة تحقق في الذات مداها الجميل.
في الديوان قصيدة رائية وسمها بعنوان (حلة الشمس) تعارض قصيدة الشاعر الدكتور غازي القصيبي، حيث يستهلها بإيماءة إخوانية متجلية:
(خمسٌ وستون لم تصعد كتائبها
إلى الكواكب لو لا غرم جبار
ما أصهلت ذات مجد في أعنتها
إلا وقد سبقت في كل مضمار)
(الديوان 69)
في وقت لم يشأ الشاعر السميح أن يتجاوز أعلاما خدموا المشهد المعرفي، وأثروا حياتنا الاجتماعية في العديد من المواقف النبيلة على نحو قصيدته المهداة إلى (كاتب الغيم).. الأديب النبيل حمد القاضي، حينما عرض ببعض جمالياته:
(متدثر بالغيم والوطن البهي
ومسيجاً بالنخل يمشي باسعاً
تتهامس الأشجار حين يمر تعرفه
وتحكي عن نداه
عن عشقه للأرض
عن إيمانه...)
(الديوان ص 73)
تراوح قصائد الديوان بين التوسط والقصر، إذ يعمد الشاعر عبدالله السميح إلى استجلاء الموقف بلغة شعرية مميزة، تنهل من معين المعاني الوجدانية الخالصة،.. بل هي لغة توازن بين كل الصور، وتستحضر بأسلوب رائع كل المعاني التي يختزنها الإنسان في تضاعيف تجربته الحياتية.
يقع ديوان (البياض) في نحو (92 صفحة) من القطع المتوسط، مشتملاً على العديد من القصائد التي تتجاذبها بناءات الفن الشعري، إذ راوحت القصائد بين التفعيلة والمقفاة الموزونة، وراوحت كما أسلفنا بين التوسط والقصر، لتأتي القصائد على هيئة رسائل إنسانية ووجدانية تفيض عاطفة، وألماً تعكسه هذه المرحلة العصبية من حياة أمتنا.
الديوان من إصدرات نادي الطائف الأدبي لهذا العام 1427هـ، وجاءت لوحة الغلاف للفنان التشكيلي ناصر عبدالله الموسى، وقد سبقت قصائد الديوان بمقدمة إهدائية هجس فيها الشاعر السميح للقارئ ملوحاً بحميمية اللقاء الذي طالما انتظره ليبوح بما لديه شعراً خالصاً.
إشارة:
متدثر بالبياض (ديوان شعر)
عبدالله متعب السميح
نادي الطائف الأدبي 1427هـ
يقع الديوان في نحو (92 صفحة) من القطع المتوسط
لوحة الغلاف للفنان ناصر الموسى
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
