كيفَ السُّلوُ وهذا الصَّدُّ يوجعُهُ؟ |
أنتَ القريبُ بعيداً لست تسمعُهُ |
وحسبُهُ من صروفِ الدَّهرِ أنَّ له |
من أمرِهِ كلَّ يومِ ما يُروِّعهُ |
وَجْدٌ يكابدُه قلبٌ يُعانده |
وباصْطبارٍ وتعْليلٍ يُرجعُهُ |
قلبُ تلذَّعَ هِجْراناً وإنَّ لهُ |
من الصَّبابة ما يغدو تُلذُُعُهُ |
قلبُ تَولَّعَ والأيامُ ما برحتْ |
ترميه بُعداً وفي بعدٍ تولعُهُ |
شوقٌ حنينٌ وتسهيدٌ يطُوف به |
حتى تجافى لَذيذَ النَّومِ مَضْجُعُهُ |
يَقْتَاتُهُ الهمُّ والتفكيرُ في دَنَفِ |
يرجو دُمُوعاً ولم تَسْعفْه أدمعُهُ |
قد هَيَّجتْهُ تباريْحُ الهوى فلها |
في كُلِّ جارجةٍ وَقْعُ تُوقعُهُ |
إذا اشتكى الصدَّ والحرمانَ حُقَّ له |
ذاك التَّشَكيْ فَهَلاّ أنت تمنعُهُ |
يمدُّ للوصلِ حبلاً وهو في أملٍ |
مُذْ رحتَ يافَاتناً عمداً تُقَطّعُهُ |
مزَّقتَهُ القلبَ إمعاناً وليس له |
إلاَّكَ في الجهرِ والخفيا يُرقّعُهُ |
مضى يُؤَمِلُها الآمال باسمةً |
فأجْفَلَ السعدُ جافاه توقُّعُهُ |
تلك السنونَ وقد مرت على عجلٍ |
تُبِعْثرُ العمرُ لما راحَ يجمعُهُ |
قد خانَهُ الواقعُ المهزومُ فانهزمتْ |
منه الحقائقُ لما راح يتبعُهُ |
ولاذَ بالعالمِ المأمولِ فانفلتَتْ |
منه العواطفُ أغْراها تَرَفُعُهُ |
وفي خيالِ رحيبِ طار بُلْبُلُهُ |
مغرداً ليتك المحبوبُ تَسمعُهُ |
يقوِل هلاَّ لعلّ ليتما وعسى |
تَحنُوْ عليه وبالَّلقْيَا تُمَتِّعُهُ |
غدا يَبّوحُ ومن فَرْطِ الجوى عبقتْ |
منه المشاعرُ والمكنونُ يُطُلعُهُ |
أخفى وأبدى وكانتْ مجازفةً |
شكوى الهوى فلهيبُ الشوق يدفعُهُ |
واللهِ واللهِ إنْ لم تُنْصِفَنَّ فلن |
يَخفَى عليكَ الذي قد باتَ يزمِعُهُ |
لَيُخْرِجَنَّ قُليباً رَغْمَ علتِّهِ |
من أسرِهِ وعميقُ الحبِّ ينزعُهُ |