Culture Magazine Monday  05/02/2007 G Issue 185
مداخلات
الأثنين 17 ,محرم 1428   العدد  185
 
حول مطالعات ورواية الشعلان
لا تجدي العاطفةُ فيموت الجسد

 

 

تعقيباً على زاوية مطالعات ليوم الاثنين 26 من ذي الحجة 1427هـ للأستاذ عبدالحفيظ الشمري في قراءاته لرواية (ومات الجسد.. وانتهت كل الحكايات) للراوي سعود الشعلان:-

وضعت هذه الرواية بين يديّ قبل بضعة أيام.. وحقيقة استهوتني كثيراً لدرجة تفاعلي مع أبطالها وأحداثها، وأعجبت جداً بما كتبه الأستاذ الفاضل عبدالحفيظ الشمري عنها.. حتى أني عدت لقراءتها مرة أخرى، ورغبت فعلاً في التعليق على بضع نقاط وهي كما يلي:

أولاً.. الرواية سبرت أغوار النفس البشرية في محاولة رائعة لتمثيل شعور الكآبة واليأس.. بدايةً بالعزلة.. إلى فقد الشعور بالاستمتاع وانتهاءً بمحاولة الانتحار.. تخللت الأحداث رياح الظروف التي تغير مسار الرواية على نحو لم يتوقعه القارئ.. كإحباط محاولة (سعيد) الانتحار في المرة الأولى.. ثم إحباطها للمرة الثانية ولكن على يد (نازك) وانتهاءً بموته بطريقة مفاجئة..

وبقدر ما حملته الرواية من كآبة وسوداوية إلا أنها أظهرت لنا القوة الحقيقية للعاطفة حين تستخدمها الأنثى في انتشال رجل تحبه من القاع..

وهنا أختلف مع الأستاذ عبدالحفيظ حين كتب: (.. إن أحداث الرواية تعكس عظم المأساة التي لم تبرع العاطفة في تهذيبها أو رفعها عن كاهل شخص يعاني من عزلة الناس).

بل على العكس (.. ويفرغ هو بين ذراعيها ذلك الدخان الأسود الذي ما فارق روحه دهراً.. آن له الآن أن يرحل إلى غير رجعة...).

يليه اعتراف بالجميل: (المهم أن روحه أخذت تصفو شيئاً فشيئاً.. وبدأت قطرات الدمع المنهمرة من عيني (نازك) تسقي روحه الجديدة حين تسقط على صدره فيشربها جلده كما تشرب الأرض زخات المطر كي تنمو من جديد بذور سبق لنازك أن غرستها في تلك البلاد).

ثم بزوغ العاطفة بشكل واضح: (.. قلبٌ جديد يحمل لغارسته وساقيته من المشاعر ما سيُحيل الأيام القادمة عالماً ساحراً..). يلي ذلك أحداث وصفت ترعرع علاقة الحب هذه وزيادة توطيدها بين البطلين.

وأيضاً لا أتفق معه في أن (نازك) قد انفردت ببطولة العمل الروائي.. فنازك وسعيد جاء كل منهما مكملاً للآخر.. صحيح أن (نازك) تسنمت هرم الحكاية منذ البداية وحتى النهاية.. ولكن صُلب الرواية كانت عن حياة (سعيد) ابتداء بقصة حياة روحه وانتهاءً بموت جسده. واتفق معك أستاذي الفاضل في أن شخصية الصديقة (نادين) لم تكن ضرورية في بناء العمل ولكنها كانت عبارة عن صورة اجتماعية اعتمد فيها الكاتب على مبدأ الوسطية في الوصف.. حيث مثلت الشخصية نموذجاً معتدلاً لحياة زوجية لا فاشلة ولا مفرطة في الرومانسية.. حياة تخللها فترة ملل وبرود.. مشكلات بسيطة وتأخر في الإنجاب.. وكأنما أعطى نظرة سريعة لمجمل للمشكلات التي تواجه أي متزوجين. (الفشل قد يكون وارداً في بعض المحاولات حتى وإن توفرت مقومات النجاح)

وأيضاً ألا ترى أن النجاح قد يكون وارداً حتى وإن توفرت مقومات الفشل..!

كنجاح (نازك) في انتشال (سعيد) من عالمه الأسود برغم بقاء الظروف.. ولا أتفق معك أستاذي في وصف النهاية بأنها محتملة لأنها جاءت في وقت قد استبعد فيه القارئ كل هذه الاحتمالات بعد أن نفضت (نازك) ذلك الغبار الأسود الذي كان يغشى عالم (سعيد) وأحداث الرواية.

وحين تقول: (إلا أن هذا الخلاص جاء آنياً وعاجلاً حيث عجلت حالة اليأس والقنوط بتفاصيل الأحداث ليضع (سعيد) حداً لحياته أمام البحر في وقت باءت محاولته السابقة بالفشل).

بل على العكس تماماً.. خرج (سعيد) من حالة اليأس هذه في الستة فصول الأخيرة من الرواية.. وذهب إلى البحر بعفوية يمارسها أي إنسان في حياته اليومية ولكن القدر هو من وضع حداً لحياته هذه المرة.. وكان مكتوباً عليه (أن يموت حين لا يريد أن يموت) كما قالتها العرَّافة.. فما نفعه صراخه واستجداؤه حبيبته (نازك) أن تنقذه.. وهنا فقط كانت هزيمة الحب والعاطفة ولكن أمام القدر.

وأرى أن الكاتب قد أبدع في وصف اللحظات الأخيرة لحياة الإنسان وتسلسل أحداثها بسرعة مخيفة ليثبت لنا أخيراً أن النهاية هي موت الجسد حيث لا تجدي العاطفة بكل قوتها في رسم طريق العودة إطلاقاً.

شروق الصالح


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة