Culture Magazine Monday  05/02/2007 G Issue 185
نصوص
الأثنين 17 ,محرم 1428   العدد  185
 
هزيمة
بدور الأحيدب

 

 

هذهِ اللحظة كل شيءٍ ميّت..

أصوات الشارع الصَّاخبة..

إخوتي الصغار - الذين تتخلل براءة إغفاءتهم براثن كوابيس مزعجة فيصرخون بكلمات مبهمة أو آهات تشي بأن إبرة الطبيب التي حذرتهم أمي منها حين يخالفون أمرها، قد اخترقت أجسادهم الغضة وهم نائمون - أراهم الليلة ينامون هانئين في سكون رتيب بلا كوابيس..

وأنا أركض في وحدتي..

أشعر بأني مسحوقة..

أتحسس وجهي فلا أجد سوى نصفه أما نصفه الآخر فما زال يفتش عنهُ في زقاق الغربة..

وحبل مربوط في صخرة اليأس يشد روحي إليه..

حاولت أن أسألني ما بكِ؟!

أجبتُنِي: أنا حزينة، حزينةٌ حتى الوجع!!

أتسكع داخل جرحي..

وأمارس فعل الكتابة الذي يجتذبني منذ طفولتي..

لكني أمارسه الليلة بشكل مختلف..

أمارسه بلا ضوء..

اطارد أسطراً لا أراها..

أعيش نَفْسِي..

وحلمي الذي لم أعد أطيق حمله لأنه لا يود أن يستيقظ..

وأكتب..

وفي زوايا الليل ترتسم تلك المقولة بخيوط من ضوء:

(الإنسان قد يكذب إذا تكلم لكنه لا يستطيع الكذب إذا كتب!!)

وفي نفسي يبرق الحزن..

أبحث في رحم قلمي عن فرحة مجانية..

فأسقط بين وجوه عدة من الموت..

أحاول إخفاء شهقة الوجع في مغاور حنجرتي..

أحمل عذاب أمي وأمزجه بعذابي..

وحين تخنق خيوط الصباح ظلمة الليل أنظر إلى الورقة فأجد لونها قد غدا أحمر وأن الحرف واحد قد نام على صدرها..

التفت مذهولة إلى يدي فإذا بأناملي لاتمسك قلماً إنما ذات الإبرة التي تقض مضجع إخوتي كل ليلة..

ضريبة الصدق

وصموني بالضعف في ذروة لحظات صدقي ونقائي..

حين كنت كسلحفاة تضحي ببيتها لأجل حيوان آخر يرتعش تحت وطأة البرد..

كسرت أغلال أنانيتي ومضيت..

تلك الأنا حصَّنتُ نفسي ضدها ومنحتُها لهم بذاتِ نبضها لو كانت لي..

وهبتها بملء رغبتي..

ثم استوقفوني وهمسوا في أذني:

للغباء عندك طقسٌ خرافي!!

ونشأ الألم كنتيجة حتمية للاحتكاك بين صدقي وبشاعة العالم حولي..

وها أنا أكتب حزنا شاسعاً يمتد حتى الأفق..

جائعة أنا للنقاء ممن هم حولي بقدر نقاء سريرتي..

حقيقة

حين أكتب معناه أن خنجرا مسموماً قد انغرس في صدري..

ولأني بعيدة عن الثورة واللغط في الكلام والمهاترات الشخصية..

حتى أمام أولئك الذين يقذفون صدري بحمم بركانية ملتهبة..

أخبئ ثورتي وأفجرها حرفا يقويني..

ويغسلني كالمطر..

وأصر على الركض من جديد..

فيكفيني ثقب صغير في سجن وجعي لأرى الحياة كبسمة طفل..


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة