Culture Magazine Monday  05/02/2007 G Issue 185
تشكيل
الأثنين 17 ,محرم 1428   العدد  185
 

زهرة بو علي لـ«المجلة الثقافية »:
منجزنا الثقافي يثبت تزامن إبداع التشكيلية إلى جانب زميلها

 

 

حينما يستعرض أي منا مسيرة الفن التشكيلي يجد أن هناك أسماء لها صدى مؤثر عبر ما تقدمه من مساهمات على مستوى الحضور والتجربة أو الثقافة والوعي بالواقع الإبداعي المحلي.. ومن هذه الأسماء يبرز اسم الفنانة زهر بو علي من الأحساء بالمنطقة الشرقية، رسمت طريقها وحددت هدفها وأخذت تواصل العطاء لتحقيق أفضل النتائج على المستوى الشخصي أو العام عبر جسور فنها وتجاربها وخبراتها المتواصلة، تحمل درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من كندا، تلقت العديد من الدورات في مجالات الحفر والجرافيك والسيراميك والنحت والرسم بالباستيل، وذلك في عدد من الدول منها البحرين وكندا وأمريكا، تعمل متفرغة للفن، أقامت العديد من الدورات، أقامت العديد من المعارض الشخصية وشاركت في أغلب المعارض والمسابقات الجماعية، عضو في العديد من المتاحف والجمعيات العربية والدولية.

بعد هذا الاستعراض الموجز عن رمز من رموز الفن التشكيلي السعودي من الجانب النسائي أو ما يمكن أن نطلق عليه الوجه الآخر للعملة الإبداعية لنصل إلى السؤال حول تجاربها بعد هذه الحصيلة، تقول زهرة بو علي:

من المحطات التي أعتبرها مهمة وبمثابة نقاط تحول في تجربتي التشكيلية هي معارضي الفردية خلال مرحلة الدراسة الأكاديمية بكندا.

هناك، قدمت نفسي كتشكيلية، كانت في نظر الغالبية، (مجهولة، وآتية من ثقافة غريبة وغير متطورة)، إلى محيط تشكيلي، على درجة عالية جداً من التنافس والتذوق.

وكان لا بد لي من قبول التحدي وتطوير أدواتي الفنية ومفرداتي التشكيلية، لتكون قادرة على الحوار البصري المتقدم.

هذا التحدي زامنه تحد آخر، هو تمسكي العميق بالمكان والتراث وبالثقافة والتاريخ الفني الذي أنتمي إليه. وجدت نفسي أتعمق في هذا المعين و أنهل منه لفهم مَنْ أكون، وكيف أحاور ذاتي، لفهمها أولاً، ومن ثم محاورة آخرين ينتمون إلى ثقافة وتاريخ فني بعيد كل البُعد.

وحمداً لله، تمكنت، ولو لدرجة ما، من هذا الحوار البصري البناء.

النتيجة أتت إيجابية أكثر، كلما اتصفت تجربتي بالعمق الثقافي والمعرفي.

هذه الخبرة، حسب قناعتي، أضافت لي الكثير من النضج والتجاوز في التجربة التشكيلية خلال زمن أعتبره قياسيا. بعدها أتت معارضي الفردية داخل المملكة، لتشكل هي الأخرى محطات مهمة في تجربتي التشكيلية.

منها معرضي الشخصي حوار الذاكرة، الذي بدأت رحلة البحث فيه خلال سنوات الاغتراب، والذي عرض بالخبر عام 1997، ثم في السفارة الفرنسية عام 1998، ثم انتقل إلى جدة عام 2000.

تمحورت هذه المصادر حول المكان والأثر الإنساني داخله والعلاقات والوجوه.

كانت هذه بداية لرحلة بحث إلى الداخل إلى الأعماق، دفعتني إلى المكان والبيئة، إلى العلاقات التي شكلت ذاكرتي الأولى، فوجدت وطني يرافقني اغترابي، فكان للصحراء تأثير ولألوان بيوت الطين ولرائحة النخيل والمزارع وعيون الماء.

وجدت الأحساء تلتصق بي أكثر، تجيب على أسئلتي الملحة والكثيرة وتثير غيرها لتدفعني إلى البحث أبعد.

حضر المكان في المعرض في عشر لوحات تقريباً، كان لها عناوين رمزية، مثل مجموعة (بصمت). كذلك كانت هناك مجموعة لوحات للأيدي بأوضاع وإشارات مختلفة، حملت عنوان (كلمات) من 1-10.

مجموعة ثالثة احتوت صورا شخصية (بورتريهات) لنساء عبرن الذاكرة وتركن الأثر.

اتصف المعرض بنوع من المباشرة وببساطة الموضوع في الظاهر، لكنه حمل أيضاً أبعاداً مختلفة في المضمون، والحوار الذي ربط بين المجموعات الثلاث.. كان هاجسي في تلك المعارض والتجارب كيف أعبر عن أحاسيسي الموغلة في العمق، بكل ثقلها الثقافي، كيف أتمكن من الضوء واللون ومستويات المضمون، مستخدمة أدواتي ومعارفي المعاصرة، دون فقدان لهويتي؟ المعرض الشخصي السادس، بعنوان (سفر الحوار) كان هو الآخر تتويجا لبحث تشكيلي تواصل لما يقارب خمس سنوات.

أقيم المعرض على قاعة مركز الفنون بالخبر عام 2002، ثم في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض عام 2003.

ضم حوالي خمسين (50) عملاً تشكيلياً بين لوحات زيتية وأكريليك وحفر وطباعة من الزنك والخشب واللينو والتحسيس الضوئي و(الكولاغراف)، إضافة إلى المنحوتات من الخامات المختلفة.

(سفر الحوار) كان تجربة خاصة جدا بالنسبة لي.

وكما ذكرت في سطور زامنت المعرض (كان سفراً داخل الروح وفي الأعماق، في ذاكرة الماضي والحاضر والآتي، في الرموز.. في البقايا في الأمكنة والأزمان، في المرئي واللامرئي.

كل عمل أو لوحة من (سفر الحوار) أتت محملة بأحاسيس لحظات اللقاء التي سجلتها كل خطوة من خطوات هذا السفر.

رافق الأعمال، في المعرضين الأخيرين، نصوص لا أعتبرها شعراً، بقدر ما هي حوار مع الذات عبر خطوات البحث.

وعن كيفية التعامل مع مصادر الإلهام، البيئة المحيطة، مرورا بالمختزل الذهني (الخيال) وصولاً إلى تأثير الثقافة البصرية المعاصرة، قالت زهرة بالفعل، كما ذكرت سابقاً، قد تكون كل هذه العوامل حاضرة في ذات الوقت، حسب المراحل الإبداعية أو الهاجس الفني الذي أعيشه في وقت معين. فالإبداع عملية تراكمية ، قد تبدأ بأحاسيس استفزت ببساطة، لكنها في الوعي وفي اللاوعي، قد تستنهض الذاكرة وتنبش داخلها، وقد تعبر الأزمان إلى الآتي.

ومع مرور الوقت تكبر وتنضج لتظهر وتعبر الفنان إلى اللوحة أو العمل التشكيلي. وبالطبع استفدت كثيراً من اطلاعي على الثقافة البصرية المعاصرة وغير المعاصرة، فقد أضافت لي عمقاً معرفياً وبصرياً تجاه رؤيتي للعمل وطريقة تنفيذه.

فتجدني أحياناً كثيرة لا أقتنع بالعمل بسهولة، ولا بد أن أمنحه وقتاً للنضج قبل أن أشارك به الجمهور.

كون الفنانة زهرة بو علي أحد أعضاء اللجنة التحضيرية للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، يدفعنا ذلك لمعرفة تفاؤلها بدخول الفنانين هذه التجربة الديمقراطية في تشكيل كيانهم التشكيلي؟.. إذ تقول: أرى أن الساحة، بشكل عام، جاهزة ومتحفزة لدخول هذه التجربة التي طال انتظارها. لكن قد تكون هناك ثغرات في وصول أخبار هذه الجمعية إلى الجميع.

فحسب علمي أن هناك من لم يعرف بالموضوع من أصله ولم يعرف أن هناك تاريخا محددا لقبول استمارات المشاركة في الجمعية التأسيسية. هناك أيضا شيء من التوجس عند البعض، وحالة من عدم الثقة في أن يكون هناك أي تغيير في التعاطي مع التشكيل.

على أية حال، أرى أن هذا لا يجب أن يكون مبررا لعدم المشاركة واتخاذ موقف سلبي متفرج تجاه هذا المشروع الثقافي والوطني المهم.

عموماً، يبقى المحك الحقيقي هو مدى أخذ الموضوع بجدية سواء من جهة وزارة الثقافة والإعلام أو من جهة الفنانين أنفسهم، والبدء بخطوات عملية ومتابعة لا تتعثر ولا تفقد جديتها مع مرور الزمن.

المرأة عنصر مهم في بناء أي حضارة، ونحن اليوم نعيش واقعاً جديداً لتفعيل هذا الدور.

والفنانات التشكيليات جزء من التركيبة العامة، كيف تنظرين إلى واقع المرأة التشكيلية.

لا يمكن لأية حضارة أن تقوم وتنمو وتستمر، دون أن ترتكز على إنجازات وإبداع قطبيها الرجل و المرأة.

وتاريخ منجزنا التشكيلي يثبت تزامن إبداع الفنانة التشكيلية إلى جانب زميلها الفنان التشكيلي. فلقد نحتت فناناتنا الأوائل طريقهن بشكل مشرف، ولا زالت الفنانة التشكيلية المبدعة، وأركز هنا على كلمة المبدعة، تواصل تميزها وإضافتها لذاكرتنا الثقافية.

هذا بالطبع يؤهلها وبجدارة لتحمل مسؤوليتها التشكيلية كاملة إلى جانب زميلها الفنان.

بمعنى أن تتمكن من أخذ دورها الطبيعي، سواء الإداري أو العملي أو حتى الرسمي في تمثيل الفن التشكيلي وتقديمه داخل الوطن وخارجه.

كذلك أرى أن هذا التاريخ وهذه المكانة للفنانة التشكيلية السعودية، تؤهلانها لحضور أكبر مما كان عليه في اللجنة التحضيرية لتأسيس جمعية للفنون التشكيلية. عموما أتمنى أن يكون حضورها في الجمعية التأسيسية نوعياً وعاكساً لهذا الإنجاز؛ لأن هذا الحضور سيشكل دعماً قوياً لزميلها الفنان وكذلك لمنجزنا التشكيلي. قناعتي هي أن الإبداع التشكيلي نتاج إنساني بالدرجة الأولى، بغض النظر عن جنس المبدع. وهو لغة كونية عالية المستوى تتجاوز كل الحدود والقوالب والتصنيفات وتنفذ إلى العمق الإنساني.

تبقى المحاكاة الحقيقية هي القدرة الإبداعية والخلفية الثقافية والتمكن من الأدوات الفنية، لإنجاز أعمال تتحدى الزمن وتترك الأثر.

***

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6461» ثم أرسلها إلى الكود 82244

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة