Culture Magazine Monday  05/03/2007 G Issue 189
قراءات
الأثنين 15 ,صفر 1428   العدد  189
 

مشاهد من رواية (القارورة) تستنسخ الحكاية الجوهرية لرواية (دم البراءة)

 

 

ما الذي حدا بالقاص الروائي يوسف المحيميد أن يعيد استنساخ أحد المشاهد السردية التي تمثل بنية جوهرية في رواية الروائي إبراهيم الناصر الحميدان: (دم البراءة)؟

ونعيد السؤال الذي لا نمل من تكراره في مثل هذه الحالات: هل ما حدث برواية: (القارورة) ليوسف المحيميد نوع من الاستلهام أم الاقتباس وإعادة الاستنساخ أم التناص؟

أم هل سطا المحيميد على الحكاية المصغرة داخل حكاية رواية الحميدان، هذه الحكاية التي تمثل مشهد الموت بجلاء، وترتكز عليها البنية الروائية في رواية: (دم البراءة).

إننا - كقراء - نعرف خواص التناص، وهو في أبسط تعريفاته الجوليا- كريستيفية: (دمج نص مستدعى في بنية نص حاضر)، أو حسب باختين هو ما يسمى ب(الحوارية) بين النصوص، أو حسب نقدنا العربي الحديث: (توظيف الموروث في النص المعاصر، أو حسب بعض التعريفات الأخرى: (دمج بنية نصية كولاجية في نص راهن). وغالباً ما يكون النص المستدعى نصاً مشهوراً في الشعر أو النثر أو الأثر، أو نصاً مقدساً معروفاً كالقرآن الكريم، وإذا لم يكن نصاً معروفاً فإن الكاتب يشير في هامش إلى مصدر نصه المستدعى، سواء كان تناصاً أم استلهاماً.

أما في الحالات الأخرى فيسمى اقتباساً أو سرقة، أو استنساخاً.

يوسف المحيميد لم يشر إلى أي شيء من هذا كله، واكتفى بإعادة صياغة المشاهد الحميدانية السردية الواردة في: (دم البراءة) في بعض مشاهد روايته: (القارورة).

2-

في الفصل رقم (7) في الصفحات (42-47) من رواية القارورة ليوسف المحيميد (المركز الثقافي العربي، بيروت، الطبعة الأولى 2004م) يقع حادث السطو الأدبي، فهذه الصفحات تلخيص آخر، بأسلوب آخر لمشاهد واقعة قتل الشابة الجميلة الصغيرة في حادثة تتعلق بالشرف، هذه المشاهد الواردة برواية: (دم البراءة) لإبراهيم الناصر الحميدان (منشورات النادي الأدبي بجازان، الطبعة الأولى 2001م) في الفصل رقم (5) الصفحات (36-42). ولا تثريب علينا لو قصصنا الحكاية التي تتلخص في أن رجلاً ملثما طرق منزل امرأة عجوز اشتهرت بتغسيل الموتى، فوجلت منه، لكنه طمأنها بأن معه في السيارة (الداتسون) محرم، فتجهز أدوات عملها، وتركب معه السيارة التي تقل امرأة ترتدي العباءة، ثم يمضي بالسيارة إلى خارج المدينة حيث التلال والجبال، ثم يفتح باب السيارة لتنزل امرأة راكضة باتجاه مكان خلف التلال، ويتبعها هو، وبعد قليل تسمع غاسلة الموتى صوت الرصاص يدوي في الأنحاء، ويعود الرجل مثقل الخطى، ويأمرها أن تقوم بعملها في تغسيل الجثة، فتذهب معه خلف التلال، وتقوم بغسل جثة الشابة بألم وحسرة، وهي تدعو عليه لأنه قتل هذه الشابة، فيما يقوم هو بحفر قبر لها مستخدماً الفأس والمسحاة. ثم بعد أن ينتهي من دفنها يحمل غاسلة الموتى إلى بيتها، وفي الطريق تسأله لماذا قتلها، فتكون إجابته: مسألة شرف.

هذا هو ملخص الحكاية التي سنعرض نصها الكامل في الروايتين.

3-

يقدم يوسف المحيميد الحكاية نفسها الواردة لدى إبراهيم الناصر الحميدان، وقد قدمها عبر التسلسل التالي:

أولاً: الحفاظ على بنية الحكاية ووقائعها كما وردت لدى إبراهيم الناصر الحميدان في: (دم البراءة)

ثانياً: الحفاظ على نسق حضور الشخصيات الثلاث: (الرجل، المرأة العجوز، الشابة الجميلة).

ثالثاً: بدء المشهد من بيت العجوز فالانتقال إلى خارج المدينة حيث التلال والجبال، ثم انتهاؤه في طريق العودة.

رابعاً: استخدام التفاصيل نفسها في الحكاية، مثل: أدوات الغسل، وبرميل المياه، والتكفين، وحفر القبر وسط التلال.

بيد أن المحيميد قام بتغيير الأسلوب السردي، وتكثيفه أحياناً، وهذا لا يعني الاختلاف عن البنية الأصلية للحكاية. وفيما يلي نص المشاهد الواردة بروايتي: (دم البراءة) ورواية: (القارورة):


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة