الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 05th June,2006 العدد : 156

الأثنين 9 ,جمادى الاولى 1427

بعد أن اتسعت منتديات الإنترنت واتسم بعضها بالإقصاء
مثقفون: الثقافة السمعية لا تبني.. والصراخ لا يؤثر!
الثقافية - سعيد الدحية الزهراني
يلاحظ المتابع لحراك الثقافة المجتمعية ظاهرة أو قل ملمحاً لا يدعوه للارتياح ولا يوحي بالتفاؤل بل من المفترض أن يكون بمثابة صافرة الإنذار التي ننطلق بعدها إلى ما يجب اتخاذه حيال هذا الخطر.. الذي عانينا من السكوت أو (التعامي) عنه.. بأشكال مختلفة ليس أولها زعزعة أمن (هذا البلد الآمن) ولن يكون آخرها إجهاض القرارات الوطنية البناءة حضارياً وتنموياً ومعرفياً..؟!
يتلخص وصف ما نحن بصدد الحديث عنه وحوله في ما يمكن أن نسميه ب(المد المتطرف) عبر منتديات الالكترونية على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) مقابل انحسار أو (التضييق) على المنتديات التنويرية الداعية إلى البناء والسلام والحب.. بشفافية وصدق ووضوح.
وكما أجمع ضيوف هذا التحقيق على أهمية أن يكون هناك التفاتة حقيقية لهذه القضية من الجهات الرسمية.. فإننا أيضاً نؤمل أن لا يستمر هذا الخطر في الانتشار بل نتمنى تسريع عملية إعداد البرامج والآليات التي من شأنها استئصاله من جذوره ومتابعته وقطع السبل أمامه والتي تأتي منتديات الانترنت أحدها إن لم تكن أهمها.. لن أطيل.. فإلى ضيوف هذا الحوار:
أقلية
الكاتب المعروف بجريدة (الجزيرة) الأستاذ عبدالله بن بخيت تحدث حول هذه القضية من خلال عدد من المحاور.. كان ابن بخيت في حديثه مركزاً على قضية الجهود المنظمة لدى التيار المتشدد يقول:
لاشك أن هناك جهوداً منظمة لأداء هذا التيار (فالساحات) مثلاً واضح أنها تدار بجهود منظمة.. هناك أناس يدعمونها مالياً وبشكل تنظيمي .. بعكس الآخرين الذين هم في الواقع الأكثرية ولذا من الطبيعي أن لا يكون أداؤهم وعملهم منظماً لأنهم الكل.. أما الأقلية منهم فدائماً قادرون على تنظم أعمالهم وتنظيماتهم فهؤلاء المتعصبون تجدهم منظمين وتربطهم اتصالات ورسائل جوال وجمع تبرعات وإلخ.. بينما الطرف الآخر الذي يحتل الوجه العادي وليس لديه حس سياسي في حركته أو في مطالباته فتجده غير قادر على التجمع أو إعداد استراتيجيات التنظيمات مثل ما لدى الطرف الآخر فهو أقلية ولأنه خارج عن السياق فبالتأكيد إنه قادر على التنظيم والإعداد وما إلى ذلك..
وحول هذه الرؤى أو التشخيص السريع لواقع المنتديات المتطرفة لدينا يرى ابن بخيت أن الحل أو أحد جوانب العلاج تكمن في فتح المزيد من الحرية في منابرنا في الداخل وليس في الخارج في الصحف والقنوات حيث يكون هناك توازن بين هؤلاء وهؤلاء.. (الأمر الآخر وهو الأهم في نظري أن كثرة الصراخ يجب أن لا يكون لها تأثير) ولك أن تمر بشكل سريع على الساحات مثلاً لتجدها مليئة بالصراخ والتكفير والشتم وما إلى ذلك.. مما ينعكس على القرار وهذا هو الأهم مثلما حصل تأجيل قرار تأنيث محلات المستلزمات النسائية بالرغم أنهم أقلية إلا أنهم استطاعو أن يجهضوا قراراً رسمياً بصراخهم وأساليبهم فتجدهم يمارسون أساليب الضغط من خلال منتديات الإنترنت..!
مسؤولية
ويأتي رأي الإعلامي الدؤوب الدكتور سعود المصيبيح.. حيث تناول القضية بوصفه مواطناً ومسؤولاً ايضاً.. يقول المصيبيح:
في الواقع كنت من أوائل من تناول منتديات الانترنت فقد كتبت هذا وتحدثت به ونشرته في خلال الصحافة قبل أكثر من سبع سنوات وحذرت من آثارها السلبية واكدت على انه ينبغي الالتفات لها.. وكنت أتابع ما ينشر بها عن بعد وكانت للأسف وسيلة لنشر الفكر التكفيري.. وكلنا نعرف أن بعض التكفيريين كانوا يستخدمون الإنترنت من خلال شيفرات معروفة بينهم وإيصال رسائل، وأخيراً تعبئة شباب صغار سن بهذا الفكر التكفيري والعمل على نشره.. كان يحدث هذا في غياب الأب وغياب الأم وغياب المجتمع بشكل عام.. دون أي رقابة تذكر..؟!
بطبيعة الحال كان التيار التكفيري متسيدا في المنتديات الالكترونية عبر الانترنت ذا قوة وسطوة في بث سمومهم إلى أدمغة الناشئين في ظل غياب وأقول (غياب) حكومي وأنا موظف رسمي ومسؤول أيضا، بكل أسف الجهات الحكومية الرسمية غابت عن الانترنت وما ينشر من خلالها فكلنا نعرف ان الانترنت كانت تستخدم لبث السموم التكفيرية ضد الدولة وولاة الأمر ورموز المجتمع.. ولكن كما أسلفت كان يحدث هذا في ظل غياب للجهات الرسمية كالوزارات الرسمية المعنية بنشر الفكر الدعوي والأمني والفكري والثقافي.. انتبهت إلى هذا في الفترة الأخيرة وبدأت تعمل وتطرح وتقدم برامج للتصدي لهذا الفكر التكفيري ولكن دورها في هذا المجال محدود وليس بالشكل المطلوب.
نقطة أخرى أضيفها وهي أن مواقع الإنترنت لا يمكن حجبها، فقريباً سندخل مرحلة الفضاء وسيكون بمقدور أي انسان ان يدخل الى ما يشاء وبشكل سهل ويسير جداً.. من هنا تبرز أهمية ان يعزز جانب التربية الوقائية الداخلية بحيث يصبح الانسان قادراً على وقاية نفسه فكرياً واخلاقياً وثقافياً ودعوياً.
كما أود أن أشير إلى من يكتب باسمه الصريح في المنتديات الإلكترونية فأرى أن لا بأس في هذا لأنه حتماً سيتحمل المسؤولية القانونية والاجتماعية لما سيكتبه.. من يكتب باسمه له ان يكتب ما يشاء مع الابتعاد عن الشتم والصراخ والتعريف بالناس.. وعلى أي أنا أحيي كل من يمارس الكتابة في الانترنت باسمه الصريح.. لأن هذا يعد شجاعة وثقة حتى وإن اختلفنا معه في الرأي.
أما من يكتبون بأسماء مستعارة فأنا أشبههم بمن يكتبون خلف أبواب دورات المياه.. فهذه حيلة العاجز وحيلة الضعيف وهي مرتبطة بنضج الشخص.. كلما كان الشخص غير ناضج فكرياً حتى وإن كان كبيراً في السن فإنك تجده يمارس هذا السخف المشين وأحيانا ترتبط بصغار السن المتحمسين والمندفعين والانفعاليين فهؤلاء عندما ينضجون سيتيقنون من فداحة ما كانوا يمارسونه.. سيجدون أنهم عندما كانوا يكتبون ويشتمون قامات معه لدينا امثال الشيخ عبدالمحسن العبيكان والشيخ سعد البريك والأستاذ قينان الغامدي ود. غازي القصيبي والأستاذ إياد مدني..
أقول عندما يهاجمون هذه التجارب الحقيقية وطنياً وفكرياً وثقافياً فإنهم يهاجمون رموز الوطن وهم بهذا يشككون في الدولة وفي ابنائها والعاملين بها.. من هنا اقول يجب ان نسمح بأن يكون هناك مواقع انترنت للشباب ولكن يجب الا نسمح بأن يكون هناك مواقع تسيء للوطن وتهدم في ثوابته وتشكك في أي قرار يصدره مجلس الوزراء..
على الرغم ان قرارات الدولة لن تكون إلا فيما يعود بالنفع والمصلحة والخير لكننا نجد ان هناك من يمارس الصراخ ضد بعض القرارات عبر منتديات الانترنت وكما يقول المثل الشعبي (الرمية التي لا تصيب.. تدوش).. وهنا أدعو المسؤولين والعقلاء إلى أن لا يضيعوا وقتهم في مثل هذه الترهات التي تنشر في بعض المواقع.
وأضاف د. المصيبيح: أنا أقيم المجتمع على أنه لحمة واحدة وعندما أحاكم شيئاً فأنن أحاكم النصوص والأعمال لا الأشخاص وتقييمي للشخص من خلال ولائه لهذا الوطن المعطاء أرض الحرمين ومهبط الرسالات كما أشير إلى أننا يجب ألا نعزز الاتجاهات والتوجهات لاننا ان عززنا هذا فإننا سنجد انفسنا في مواجهة نحن في غنى عنها.. علينا أن نقرب وجهات النظر وعلينا أن ننبذ الخلاف والتفرقة بين كل ابناء المملكة العربية السعودية.
أما ما يتعلق بتأجيل قرار تأنيث محلات المستلزمات النسائية فأنا أعتقد أنه أجل لأنه لم يشرح مثلما حصل في تأجيل قرار تدريس اللغة الانجليزية سابقاً وأنا شخصياً أستغرب من معارضة هذا القرار والدفع لإيقافه أو تأجيله كلنا نعرف أن النفع والفائدة ستكون للمرأة وللمجتمع وللقيم عبر هذا القرار.. إذن لماذا يطالب من يطالب بإلغائه أو تأجيله.. كلنا درسنا في معاهد وجامعات إسلامية وكلنا نعرف أن الأسواق مختلطة في عهد الرسول(ص) والصحابة إلى وقتنا الحاضر فما هي الاشكالية في هذا القرار.. أن تأتي المرأة لتبيع وتحصل على ما يضمن لها حياة كريمة خير من الفقر والحاجة وخير من الأجنبي الذي يبيع لها ملابسها الداخلية.. لكن أتصور أيضاً أن هناك سبباً خفياً يتعلق في نظري برجال الأعمال الذين لا يريدون أن يقدموا لهذا الوطن أي شيء.. نهبوا مقدراته دون أن يبذلوا أقل الواجب عليهم.. فهم لا يريدون السعودة وكلنا نعرفهم جيداً ومراكزهم تعج بالأجانب.. لذا بدؤوا بالضرب على وتر المرأة والتحريم والثوابت وما إلى ذلك.
أدلجة
أما الأكاديمي المعروف الدكتور محمد آل زلفة.. فقد جاءت مشاركته واصفة لمفاصل هذا التيار كما أبدى تفاؤله بالقادم المليء بآفاق الانفتاح البناء.. يقول آل زلفة:
بدءاً التيار الليبرالي لدينا ليس مؤدلجاً لأن الليبرالية أصلاً ليست إيديولجيا.. إنها الحرية في الفكر والتعبير وعدم القيود الى جانب هذا الإيمان بالثوابت فالليبرالي حر في تفكيره وليس مقيداً بشيء.. لهذا قلة المواقع الليبرالية على شبكة الانترنت او عدم حرصهم على ان يشاركوا ويكون لهم حضور دائم ومستمر وجاهزون للرد على كل من ينال منهم أو من أطروحاتهم.. أقول هذا يعود إلى أن الليبراليين ليس لديهم ايديولوجيا معينة مثل الطرف الآخر الذي يحمل ايدلوجيا ويرى ان من الواجب ان ينافح عن الامور منطلقاً من فهمه الخاص. لا أستغرب كثرة وانتشار مواقع (الإسلاميون) لأنهم ينطلقون من تنظيم مؤدلج.. وفيما يبدو لي إنهم الآن يعيدون تسمية القبيلة وتحديداً (القبيلة الجديدة) فتجد أنه إذا تعرض أحد من رجال القبيلة إلى شيء فإن القبيلة تهب كلها للدفاع عنه بشكل متعصب ومأزوم.. أما الطرف الآخر فغالباً تكون خطاباتهم ومنطلقاتهم وطنية انسانية عقلانية وليس لديهم قيود على الانفتاح على الآخر وثقافات الآخر اتباعاً لمقولة (الحكمة ضالة المؤمن) إلى جانب انه ليس (بهش) يخاف على نفسه وثوابته من الانفتاح على الثقافات الأخرى فهو يملك الحصانة والقوة.. أما (الإسلاميون) فإنهم يعتقدون أن كل ما يخرج وما يقال وما يطرح إنما يراد به تقصدهم في أبسط الأعمال، وانظر إلى التأويلات والأحكام التي ستصدر بعد ذلك.
ويواصل آل زلفة قائلاً:
فالواقع نحن نعيش فترة مشرقة وجميلة تتمثل في فتح آفاق الحوار بشكل بناء.. ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني احد تلك العلاقات وهو يعد نقلة نوعية مهمة في تاريخ الثقافة السعودية بشكل عام.. أقول ما نعيشه من انفتاح جميل يدعو الى التفاؤل والانطلاق فهناك حرية في الطرح والتعبير عن الفكر والرؤى والمطالب من خلال الصحف والإعلام وما إلى ذلك بشرط أن لا يتعارض مع الثوابت الدينية التي لا تحتمل النقاش أو الجدال أما ما عدا ذلك فهو قابل للنقد والأخذ والرد سواء مجتمعياً أو فقهياً أو نحوهما وهكذا علمنا الصحابة فمالك رضي الله عنه يقول: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى أي حال أنا أرى -ونحن في ظل هذه الانفتاحات المشرقة فكرياً وإعلامياً وحوارياً - أن من كانوا يستأسدون أصبحو الآن ضعفاء بعد أن تساوت كل الاطراف أمام الدولة.. بل إن من يسمون بالليبراليين لا يشكلون خطراً على الدولة ولا على الدين ولا على الوحدة الوطنية ولا على الحياة.. لم نسمع يوماً ما أن ليبرالياً اخذ حزاماً ناسفاً وفجر ودمر وخرب ولم نسمع أن ليبرالياً وزع منشورات يؤلب من خلالها على احد أفراداً أو غير أفراد، بعكس الطرف الذي يؤلب ويعد الخطب العجيبة.. والغريب أنهم أصحاب ثقافة سماعية تستند على ما يسمعونه عن الناس وبالتالي يصدرون أحكامهم على الآخرين دون وجه حق، فهم لا يعتمدون على المعلومة الحديثة المستقاه من مصادر حقيقية وبطرق منهجية موثوقة فقط مثلما اسلفت يعتمدون على السماع فهم اصحاب ثقافة سماعية.
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved