الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 05th June,2006 العدد : 156

الأثنين 9 ,جمادى الاولى 1427

لهم بلا وصاية
أحمد الدويحي

أخذني الروائي المصري عبده جبير ذات مساء مغر إلى مقهى ريش الشهير بالقاهرة، وأخذ رواد المقهى يتوافدون إلى زاوية النجم اللامع فيها شاعر (مدينة بلا قلب) وقد عاد للتو من باريس صوت قوي، انتهى بموت السادات في نهاية الثمانينيات، وقد شكل رحيله ومن ثم عودته حزمة ضوء، فالتف حوله بعض من فنانين وكتاب، فلاحظ وجهاً غريباً بينهم، وحينما عرف أني أديب من السعودية، ظهرت كلمة لم ترق لي حينها، أصابتني بشيء من التبرم مما جعلني برهبة وحرقة وبعفوية ندمت عليها، أردد البيت المعروف من قصيدة المتنبي (نامت نواطير مصر..) لأطفئ ليل الغربة، لولا أن نكتة مصرية كالعادة، تأتي تنفيساً لحالة حينما يحدث الاحتقان:
( ليه ؟ المملكة برضه أحسن الممالك) الحوار العربي بما فيه من دونية لم يستمر، إذ شخصت العيون لوفد يهودي، جاؤوا إلى هذا المكان بالذات بما له من دلالة، جعلت أحدهم يصرخ وكأنه ينادي أمل دنقل من قبره وهو يردد قصيدته (لا تصالح) :
سيقولون..
ها نحن أبناء عم
قل لهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيف في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارساً وأخاً وأباً وملك.
ومرت الأيام ولم استطع هضم تلك الليلة بسهولة، وفي أحد أيام الجنادرية كنا نسري الوقت مع الأستاذ عابد خزندار في إحدى الأمسيات، ونسمع في تلك الليلة لنقاط مشروع خيالي، يحدد ويقترح فيه جار الله الحميد مواصفات العاملين المنتظرين في الأندية الأدبية بسخرية مرة، ومنها:
ليس له عمل إبداعي ولا ينتظر منه ذلك.
منافق بدرجة ممتازة.
بلغ الستين عاماً ويعاني أكثر من مرض.
له دقن مدببة.
نقاط عديدة لم يجد أستاذنا عابد خزندار شيئاً من شروط جار الله المجحفة، لتنطبق على شخصه الكريم ليكون عضواً مساهماً في النشاط المؤسسي الثقافي، فجارى لحظة الظرف محتجاً مع أن عابد خزندار، لو كان هناك حراكاً ثقافياً حقيقياً، لكان على رأس القائمة..
صحت فجأة! وقد رأيت غريمي يعبر بوابة المدخل، وقلت: يا بخت عين صادفت ديانها!
طبعاً جار الله كان موافقاً على مانويت فعله، ورفض عابد أي سلوك غير ثقافي وحضاري، ولم أكن أعرف أنه أصبح ( مدن الآخرين) هنا وهناك، وبالمناسبة هذا اسم ديوان لمجموعة شعراء عالميين صادر عن دار الخزندار، ولعلنا ننتظر نهاية الأمسية الشعرية التي لا تُنسى في مدينة الرياض، كان فارسها ذاته أحمد عبدالمعطي حجازي، حينما كسر وصاية من يريد أن يكون له وصاية على فكر الشعراء ونتاجهم، في النهاية جعلني أقول له غفر الله لك...
أتذكر هذه الحكاية جيداً بما فيها من دلالة ورمزية جارحة، فكل شيء يتغير إلا مستوى الحوار والعقلية الانتهازية، ففي الوقت الذي تغير فيه كل شيء، ويطرح مؤتمر الحوار الوطني ندوة حول الصالونات الأدبية، ويوصي بترسيخ ثقافة الحوار، ليصبح أسلوب حياة وسمة من سمات المجتمع، نجد من يتلبس ثوب الوطنية والمسؤولية، ويقرر في غمضة عين إقصاء الآخرين ومصادرة حقوقهم بحجج واهية، والريف لا يحتاج للصالونات الأدبية ! وهم في الواقع إنما يلتفون على كل توجه سليم، يسلبهم حضورهم ونفاقهم وسلطويتهم، إنها العقلية الانتهازية لأولئك الحرس القديم في نادي الباحة الأدبي الذين يظنون أنهم أوصياء على الناس، وقد وجدوا أنفسهم كغيرهم من الأعضاء السابقين ومن يلتف حولهم، أوصياء على الأندية الأدبية والمثقفين بسبب ضعف ارتباط الأندية بالرعاية فيما سبق.
وخلاصة القول إن سمو الأمير محمد بن سعود أمير الباحة المثقف لا يرضى أن تتحول المقاهي والساحات إلى منتديات أدبية وفنية غير منظمة بسبب هذه العقليات، فماذا يضر أن يكون في الباحة صالون أدبي أسوة بأربعين صالوناً أدبياً في مناطق المملكة المتفرقة، ووزارة الثقافة تعلن صباح مساء بأن الثقافة المتنوعة ينتجها المثقفون ليحيا بها الناس والمجتمع..!


ALDWI7Y1000@YAHOO.COM

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved