(دَقَّتْ) تُهَاتِفُني على جَوّالي |
حسناءُ ذاتُ تَغَنُّج ودَلالِ |
تُزْجي من الترحابِ كلَّ تحيةٍ |
حَرَّى، وتسألُني عن الأحوالِ |
تدعو لأمي ثم تسألُ عن أبي |
وتقولُ: طَمْئنِّي عن الأطفالِ |
لم تُبْقِ من أهلي امْرأً إلا وقد |
كَمَنَتْ له في دَعوةٍ وسؤالِ |
وتَظَلُّ تُبْدِعُ في التلطُّفِ أحرفاً |
بيضاءَ أَحْسَبُها عُقُودَ لآلي |
وتصوغُ فيَّ من المديحِ قلائداً |
تُعْيي فحولَ الشعرِ والأقوالِ |
وأنا صَبَوْتُ وشاهدي في صبوتي |
ما دارَ مِن لِينِ الحديثِ ببالي |
وتَرِقُّ أَكثرَ فاسألوا عن نَشْوَتي |
إقبالَ أحلامي على آمالي |
فيروحُ بي التخييلُ ثم يعودُ بي |
وأكادُ أُفْصِحُ عن بعيدِ خيالي |
حتى إذا ما أَحكمَتْ تزويقَها |
وهَفا لها قلبي الضعيفُ الخالي |
قالت: قصدتُكَ أنت من بينِ الورَى |
لِتُنِيْلَني بعضاً من الأفضالِ |
فأعرنيَ الكتبَ التي سأعيدُها |
في ليلتينِ، وَهَاكَ وَعْدَ رجالِ |
وسأشكُرَنَّكَ ما حييتُ فإن أَمُتْ |
فستشكُرَنَّك في الثرَى أوصالي |
فأعرتُها بين الذهولِ وخيبتي |
ما تشتهيهِ من النفيس الغالي |
وظَللتُ أَرْقُبُ وعدَها في لهفةٍ |
وَمَضَتْ ليالٍ إثْرَهُنَّ ليالي |
لا اسْتَمْهَلَتْني مُدَّةً أُخرَى، ولا |
هَتَفَتْ، ولا رَدَّتْ على مِرْسالي |
أين التراحيبُ التي خَلَبَتْ بها |
لُبِّي؟ وأين سؤالُها عن حالي؟ |
أم أين هاتِيْكَ الخصالُ حميدةً؟ |
ما بالُها انْقلبَتْ لِشرِّ خصالِ؟ |
وسجيةٌ في اللينِ كيف تحوَّلَتْ |
في لحظةٍ لسجيةِ المُحتالِ؟ |
جَحَدَتْ وعادتُها الجحودُ، وأنكرَتْ |
ما كانَ من جُودي وطِيْبِ فَعالي |
تَبّاً لها فتّانةً غَرّارةً |
تَخِذَتْ أُنوثتَها وثيقَ حبالِ |
تُبدي اللُّيُوْنَةَ إن غدَتْ مُحتاجةً |
فإذا اغْتَنَتْ فالماردُ المُتعالي |
ولأجْلِها ساءت ظنوني كلُّها |
ومَنَعْتُ عن كتبي ذواتِ الخالِ |
ولسوفَ أبقَى مانعاً إلا إذا |
أسْلَمْنَ جاحدتي إلى الأهوالِ |
وعَضَضْنَها في خدِّها، وخَدَشْنَها |
بأظافر كالمُرهَفاتِ طِوالِ |
وشَدَدْنَ نافرَ شعرها، ولَكَمْنَها |
وعَقَدْنَ قُرْطَيْها على الخَلْخالِ |
وجَذَبْنَها من جِيْدِها، ورَبَطْنَها |
كالمُوْثَقِ المَغْلولِ بالسِّلْسالِ |
فهناكَ إن يَفْعَلْنَ أسْخُو بالذي |
أَمَّلْنَ من كتبي بلا إمْلالِ |
ولَكَمْ هَمَمْتُ بفعلِ ذلك كلِّه |
لولا مخافَةُ لَحْظِها القَتّالِ |
فلْتَعْجَبُوا من ليثِ غابٍ يَتَّقي |
في كَرِّهِ المَشْهُوْدِ بَأسَ غزالِ؟ |