الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 05th December,2005 العدد : 132

الأثنين 3 ,ذو القعدة 1426

أيام في صنعاء «2-2»
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

بعد عصر اليوم قادنا الشاعر محمد مسير مباركي إلى منزل الدكتور المقالح حيث المقيل وقد جمعنا بمجموعة من المثقفين والأدباء أذكر منهم الشاعر محمد عبد السلام منصور والنائب عبده العودي وعبد الناصر مجلي ومحمد حسين هيثم وغيرهم، وكانت مسامرة أدبية جميلة، حيث طرح الدكتور المقالح فكرة أن يستعرض كل واحد ملخصاً لآخر كتاب قرأه. بعدها ألقى بعضهم شعراً والبعض الآخر نصاً قصصياً وهكذا استمرت اللقاءات الأخوية كل يوم صباحاً في (بيت الثقافة)، حيث البرامج الرسمية وعصراً في المقيل المتنقل بين منازل الأدباء ومساءً لزيارة معرض الكتاب.
من البرامج الثقافية الصباحية (بيت الثقافة) التي لا تنسى، إذ أقيم احتفال برعاية وزير الثقافة والسياحة صباح يوم الاثنين احتفالاً بمناسبة إصدار مجموعة (قصص من السعودية) الذي أصدرته الوزارة بمناسبة اختيار صنعاء عاصمة للثقافة العربية عام 2004م وقد احتوى هذا الإصدار على 70 نصاً قصصياً من أبناء المملكة يجمع الرواد كإبراهيم الناصر وغيره مع الوجوه الجديدة، وذلك من مختارات (شبكة القصة العربية) التي أسسها ورعاها القاص المبدع جبير المليحان منذ خمس سنوات والذي شارك بها أكثر من 600 كاتب قصة عربي بما يقارب 5000 نص قصصي وأكثر من 40 ألف تعليق ومليون ونصف المليون قراءة.
وقد قدم الكتاب كل من وزير الثقافة والسياحة اليمني خالد عبد الله الرويشان بوصفه ناشراً وجبير المليحان معرفاً بالموقع وشاكراً لمن أخذ زمام المبادرة وأخرج هذا العمل إلى الوجود، كما عرف بالمجموعة يحيى سبعي مشرف منتدى القصة العربية.
بدأ الاحتفال بتقديم من الوزير فتحدث صاحب الموقع ومؤسس الشبكة جبير المليحان.. أعقبه يحيى سبعي، فمعجب الزهراني الذي تأخر وصوله فكلفني بقراءة ورقته.. ثم اقترح الوزير قراءة نماذج من القصص القصيرة التي احتواها الإصدار.
بعدها اختتم الحفل بتوقيع الأستاذ جبير المليحان على بعض النسخ لأبرز الضيوف الموجودين.
تخلل صباحات أيام الأسبوع أنشطة مختلفة بين معارض تشكيلية وأمسيات شعرية واحتفال بأحد الضيوف ضمن برنامج (الوجه الآخر) وكان من أهمها ما أقيم صباح الثلاثاء للكاتبة الكويتية ليلى العثمان، حيث تحدثت عن طفولتها وبدايتها مع الكتابة واختتم اللقاء بتوقيعها على كتابها الجديد (أيام في اليمن) أعقبها في اليوم الثاني عبد الناصر مجلي (في تجربة الهجرة والكتابة). وكان قد أقيم في يوم الأحد السابق أمسية شعرية قصصية مشاركة من أبناء المملكة شارك بها الشعراء عبد الوهاب الفارس من الدمام والشاعران عبد الله ثابت وعبد الرحمن موكلي والقاص جبير المليحان.
كان أستاذنا الشاعر عبد العزيز المقالح في انتظارنا ظهر يوم الثلاثاء في مركز الدراسات والبحوث اليمني ومعنا الدكتور معجب الزهراني، حيث قادنا رئيس المركز ومدير مكتبه محمد الشرفي في جولة على أجنحته وأقسامه ورأينا الجهد المبذول وما يقدمه للباحثين من خدمات وما يصدره من مطبوعات ويقيمه من ندوات وبرامج بحثية وعروض مسرحية وسينمائية.. الخ.
وقد تبادلنا مع المركز بعض المطبوعات التي اصطحبناها معنا وأهدانا آخر مطبوعاته ودورياته كمجلة (دراسات يمنية) وآخر عدد صدر منها هو العدد السادس والسبعون لشهري يناير - مارس 2005م الذي يضم دراسات وبحوثاً وبالصدفة فهذا العدد يضم فيما يضم دراسة عن رواية أحمد أبودهمان للدكتور المقالح بعنوان (أحمد أبو دهمان وتقنية السرد الحكائي في رواية الحزام).
عرّفنا الشاعر عبد الرحمن موكلي بالأستاذ محمد الأحول القنصل اليمني بجدة والسفير المرشح لليمن في الرياض بدلاً من السفير المودع محمد الأكوع. حضرنا معه مناسبتين مهمتين إحداهما في منزل الأستاذ مدير وكالة سبأ للأنباء، واليوم الثاني استضافنا على الغداء في منزله الذي أعقبه الانتقال لأعلى موضع في المنزل، حيث المقيل الذي يستمر إلى ما بعد غروب الشمس. وكما عرفت أن المقيل يُقام يومياً بالتناوب بين الأعضاء أو المجموعة من الأصدقاء يبدأ بعد تناول طعام الغداء بين الثانية والثالثة عصراً ويستمر إلى ما بعد غروب الشمس. يقدم فيه القات مع المياه أو المشروبات الغازية والشاي والقهوة لمن لا يُخزّن، وكثيراً ما تتحول هذه اللقاءات ضمن المقيل إلى ندوات فكرية وقراءات شعرية وغيرها من الأحاديث في السياسة والأدب وتتناول هموم المجتمع وقضاياه. ويتم فيها تبادل الإصدارات وما يستجد من أحداث.
لقد وجدت بين رواد مجلس الأستاذ المقالح اثنين من ألمانيا يتحدثان العربية وباللهجة المحلية (الصنعانية) وهما يحضِّران للدراسات العليا.
جمعنا السفير الأحول بمدير جامعة صنعاء الذي كان يلح علينا بزيارة الجامعة ولكن ضيق الوقت حال دون أن يتحقق هذا الحلم. وكان من بين الموجودين الدكتور عبد الله أحمد فروان أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بالجامعة الذي أتحفنا بإهداء بعض مؤلفاته مثل: (الثورة اليمنية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية). و(القات وأثره على الأداء الوظيفي) و(سياسة الإسلام الوقائية لمكافحة الفساد المالي والإداري).
كما كان للشاعر محمد عبد السلام منصور وحضوره المرح وأريحيته وخفة ظله وكرم أخلاقه ما أضفى على الجلسات التي يحضرها الكثير من الود والإحساس بالألفة وعدم الكلفة وقد أهدانا - أنا ورفاقي - شيئاً من مؤلفاته ومترجماته ك(من تجليات حي بن يقظان) و(إيقاعات على خطى النفري) و(الأرض اليباب). ومن الأوقات الجميلة التي قضيناها في صنعاء القديمة (باب اليمن)، حيث الأسواق القديمة والصناعات التقليدية التي حافظت عليها بعد الترميم بعض البعثات الأوروبية والمنظمات الدولية.
فقد كان للطراز المعماري المميز الشيء اللافت بجماله ورونقه وبهائه، لقد كان التنسيق وتوزيع أنواع المعروضات من تراثية وحديثة في أماكن محددة ومتقاربة يسهل على المتسوق الوصول إلى حاجته بسهولة.
وكانت الجولة الأخيرة والوداعية لباب اليمن برفقة الدكتورين معجب الزهراني وحاتم الصكر صباح يوم سفر العودة.. الخميس، إذ صحبنا الأستاذ العراقي صحبة الخبير العارف ببواطن الأمور وكان خير دليل، إذ عرفنا على بعض الأماكن المهمة كدار الكتب القديمة والمسجد الجامع وبعض الأسواق التقليدية القديمة وبدأنا الزيارة ب(أتيليه) جماعة الفن المعاصر، وهو مرسم الفنانة ريمة علي قاسم والمولودة بالرياض 1969م وقد درست التربية الفنية في كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض ودرّست الرسم لمدة أربع سنوات في الرياض وصنعاء.
وكان وقتها يوجد بالمرسم والمعرض إلى جانب زوجها صالح نعمان بعض الفنانين والفنانات والأستاذ الشاعر أحمد العواضي وكيل وزارة الثقافة.
عدت من اليمن ولم أر سوى مدينة صنعاء، بل لم أر سوى جزء بسيط منها لقد شدني وشوقني لها الكثير، وكنت أعتقد أن حديثهم عنها لا يخلو من المبالغة وبالذات ما أسمعه من الدكتور معجب الزهراني عندما نلتقي بدار المفردات للنشر بالرياض ظهر كل خميس عند الإعداد لموسوعة الأدب السعودي الحديث أو ما سمعته وقرأته لليلى العثمان. لقد قرأت (أيام في اليمن) واشتقت أكثر لمعرفة ما أجهله وبالذات ما قالته عن حضر موت و(سوقطري) الجزيرة الساحرة وشبام وتريم وإب وتعز وعدن وغيرها الكثير.
وقد تألمتُ كما تألمتْ ليلى عندما وصفها أطفال جزيرة (سوقطري) بالكافرة لأنها غير محجبة فعندما تلكأ أحدهم في قراءة آية الكرسي أكملتها عنه فاستغرب إذ كيف تحفظ القرآن كافرة..
وعندما حاورتهم، هل تفرحون بقدوم السياح؟ صرخوا بصوت واحد: نعم نفرح بالسياح العرب.. قالت لهم: والأجانب؟ قالوا جميعاً لا. هؤلاء كفار.
فأكملت ليلى العثمان حديثها: فارتعبت وسألت: من قال لكم هذا؟ قالوا: المطوع يقول هذا.
تألمت لهؤلاء الأطفال. ماذا غرس هذا المطوع وسواه في عقول الأطفال هنا وهناك في كل بلداننا العربية والإسلامية؟ أي زرع سيفجر ألغام الإرهاب والأحقاد والكراهية التي تنشر سمومها بين البشر وتعطل ركب التطور والتقدم وكثير الحروب والويلات؟ حزنت على الأجيال القادمة، تلك الورود التي يمتصون عطر عقولها ليملؤوها برائحة البارود.
خلال أسبوع وللمرة الثالثة أزور باب صنعاء بأسواقه القديمة التقليدية الجميلة التي لا يشبع أحد من التجول بها والتمعن في محتوياتها وجمال تنسيقها وتنوعها، فلكل نوع أو لون سوقه الخاص سواء المواد الغذائية أو الملبوسات أو الصناعات والحرف اليدوية والذهب والإكسسوارات والفن والسلاح والأزياء.. الخ.
ضمن وداخل هذا الكرنفال المهرجاني كنّا نسمع بسوق الملح الشهير.. وفي طريقنا استوقفنا سوق داخل السوق كأنه قلعة كتب عليه لافتة: (سوق النحاس) وهو مبنى مربع متوسط الحجم يتكون دوره الأرضي من رواق يحيط به مجموعة من الدكاكين وسلم حجري يصعد لطوابقه العليا، وهو عبارة عن معرض للفن التشكيلي في أحد دكاكينه مرسم وقد زينت جدران السوق في أدواره الأربع باللوحات الجميلة وبأماكن خدمات للزوار كدورات المياه وأماكن للجلوس. وقد صعدنا للطابق الأعلى، حيث يطل على صنعاء بجميع جوانبها. وقد كتب في مدخل السوق عن تاريخ تأسيسه التقريبي وإن البعثة الدانمركية قد قامت بترميمه أي بعد قيام الثورة.
لقد عدت من أول زيارة لصنعاء وفي القلب شيء من حتى. وسأظل أحلم بالعودة مرة أخرى لأرى ما لم أره سواء في صنعاء أو غيرها من المدن والأماكن المهمة. ولا ألوم ليلى العثمان عندما كتبت لي إهداءها على كتابها (أيام في اليمن): (الأخ العزيز محمد القشعمي.. هكذا عشقت اليمن كما أعشق الرجل) فتحية لكل من فتح قلبه وبيته لنا تحية لمن حمل على كاهله أكثر من ثمانين ربيعاً وزارنا بفندق (تاج سبأ) ظهراً وتحلقنا حوله وهو يروي قصته مع عبد الله القصيمي بالقاهرة قبل أربعين عاماً انه الشيخ عبد الرحمن جابر الذي كان مديراً لمكتب ولي العهد الإمام البدر، ثم لما اكتشف ميوله وعلاقته بالثوار سجن في الأقبية، وعندما قامت الثورة وأخرج من (القبو) تولى إدارة مكتب أول رئيس للجمهورية عبد الله السلال، ثم قادته الأيام إلى القاهرة حيث ساهم في نقل أو تهريب مسودات كتب القصيمي من القاهرة إلى بيروت ومنها إلى باريس.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved