الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 06th February,2006 العدد : 139

الأثنين 7 ,محرم 1427

تعقيباً على حصاد العام
تحرير الفكر والتعبير يعني أن نبدأ بالحياة..!
لعل تحرير الفكر والتعبير يعني أن نبدأ بالحياة لتكون المنطلق والموضوع والمرجع والمعيار والغاية لما نعبر عنه وما نفكر فيه وما نفعله ولابد من إعادة النظر في المدارك والعلاقات مع المحيط الذي نعيش فيه، إن كان تحرير الفكر والتعبير عن ما في النفس يعني الخروج من الأطر الشرعية عند كثير من الناس، وجعلوا أنفسهم ضمن تصنيفات وهُويات ضيقة وصغيرة ومشوِّهة ولابد أن يعلم الجميع أن التفكير المطلق ليس عليه أية قيود من أي نوع كان لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل) ..
إن فكرة الحريات المطلقة والحقوق المطلقة فكرة عفى عليها الزمن؛ إذ كانت في بداية عصر النهضة الأوروبية تصورات المفكرين تأخذ هذا المنحنى لكن سرعان ما طرأ رد فعل سريع وضع الحريات والحقوق في مكانها الطبيعي وحرية كل إنسان تنتهي عندما تبدأ حريات الآخرين في الظهور، ثم كانت ردود فعل أخرى لعل أهمها المذهب الاجتماعي الذي يؤصل ويؤكد أن الحقوق والحريات ليست مطلقة، ولكن لها وظيفة اجتماعية لابد من التقيد بها.
وماالابتداع ضد الثوابت والمسلمات الا ظاهرة سلبية، ولكن المشكلة هو تحديد ما هي الثوابت والمسلمات؛ فالبعض يتوسع في الموضوع ويدخل الآراء الفقهية حتى الخلافية ضمن دائرة الثوابت والمسلم بها، والأصل أن الثوابت هي نصوص الكتاب والسنة القطعية أما النصوص الظنية التي تحتمل في تفسيرها أكثر من رأي فيظل مجال الاجتهاد فيها مفتوحًا، ولا يمكن وصف الرأي الجديد بأنه بدعة طالما أن له مستنده ودليله، حتى ولو كنا لا نوافق على هذا الدليل أو ذاك؛ فهناك إذًا خط أحمر يستبعد الثوابت بالمفهوم الذي ذكرت، ثم داخل هذه الدائرة هناك مجال لتعدد الآراء فالإبداع والابتداع كلاهما اجتهاد جديد وحيث إن الابتداع أو البدعة كما تسمى تكون مقبولة في غير أمور الدين والعبادة والمبادئ والقيم ثم تأتي التفرقة بين إذا ما كانت هذه البدعة حسنة أم سيئة حيث يجري قياسها بمقياس موضوعي أو معيار موضوعي، وأقول بأن المفروض البناء فوق الأصل وليس إنكاره وحذفه، لا يمكن تعميمه وحتى يكون تصورنا لضوابط الحرية الفكرية والإبداعية موضوعيًًّا ينبغي أن ننطلق من تحديد لإطار الموضوع حتى لا نقع في ازدواجية المعايير ولقد مر عام 1426 هـ على الساحة الثقافية السعودية متأرجحا ما بين السمة العادية وبعض الأحداث الطفيفة التي وإن تفاوتت درجة سخونتها، إلا أنها عدت من المتغيرات التي شكلت إضافة للساحة، فعلى صعيد الإبداع، فقد واصلت الرواية تقدمها نحو تصدر الصفحات الثقافيه إذ تتالت إصدارات الشباب المتحمس بروايات متنوعة وبمختلف التيارات، وشهدت الساحة ولادة كاتبات وكتاب موهوبين نجحوا بعملهم الروائي في إثارة نقاش كبير حول عملهم وصل إلى حد التشكيك في كتاباتهم ونواياهم ولربما وصل الامر عند البعض الى العزم على الاعتزال من أول إعصار لاقاه في ظل غياب الدعم والتبني لأفكار هذه المواهب الواعدة.
وقد لاحظ المتابع للساحة الأدبية التغير النوعي الملحوظ في معارض الكتاب السعودية الدولية التي استضافتها مدن العالم العربي والغربي وبعض مدن المملكة وظهر فيها بشكل ملفت عدم الرقابة وتخففها من الصرامة المنطقية التي كانت سمته، حيث ساهمت و سمحت بمرور عناوين مثيرة في حقول الفكر والإبداع سواء الديني او الاجتماعي ، مما كون تشاؤما عند السواد الأعظم من المهتمين والمراقبين وحتى عامة الناس من المهتمين بالقراءة.
نعم نريد استجابة لمتغيرات العصر التي تشارف على أن تحيل الرقابة للأرشيف ولكن لا يصح إلا الصحيح، ولا بد من وضع أسس رقابية صارمة ضد كل ما هو دخيل على ثقافتنا الاسلامية العربية الاصيلة نظراً لما نتمتع به من نظرة مستقبلية أمامية قيادية لدى العالم الإسلامي والعربي.
ومع كل هذا فإن هناك إشارات ملحوظة لدخول الإبداع السعودي حقبة جديدة من النبوغ والتصدر العربي تدعمها أسماء جديدة بعد أن تغيبت عن الساحة معظم الأسماء القديمة التي هيمنت على الشارع فترة من الزمن، وتحولت هذه الأسماء اللامعة لكتابة مقالات صحافية باردة يدور أغلبها في محاكاة الماضي وكتابة الذكريات والعلاقات الرسمية والاجتماعية التي لا تضيف شيئا للإبداع السعودي. ولا ننسى أن هناك بعض الأسماء القديمة استمرت في الإبداع والتنوع الإبداعي. ولا يخفى على الجميع كذالك أن الحركة الإبداعية الجديدة امتدت نجاحاتها لخارج الحدود، حيث نال بعض الكتاب السعوديين جوائز الإبداع سواء من هيئات داخلية أو منظمات دولية.
وفي المقابل فإن الإبداع الأدبي أحدث حساً إدارياً في فرض الشباب أنفسهم على الأندية الادبيه الكاهلة بالصمود فأحدثوا فيها ضجة عارمة من المطالبة بالتجديد والتطوير حتى انهزم أمامهم العديد من رؤساء الأندية وبادروا بالانسحاب من رأس الهرم، وترك التركة بدون توزيع مع غياب الرغبة في التجديد الإداري لدى الوزارة الوليدة التي نأمل أن تكون رعاية الثقافة هي أولوياتها، كما أن اسم الثقافة من أول اسمها ( وزارة الثقافة والاعلام ) وكما نرى أن اغلب الأندية الأدبية تسير في سباتها وسكونها المعهود؛ مما عزز ارتفاع أصوات كثيرة تلح بالمطالبة بتأسيس جهاز قوي يشرف على المناشط والفعاليات الثقافية التي ظلت مشتتة، ولعلنا نرى مناشط الوزارة الجديدة قريبا في ظل قيادة ادبية صحفية ممثلة بوزيرها الدكتور اياد مدني.
ولعل الساعات الطوال التي يمضيها أغلب السعوديين في كتاباتهم في المنتديات او في الأعمدة الصحفية أو في الأعمال الادبية أو في مهاتراتهم الاعلامية هي حكاياتهم عن المرأة،التي لا يتناولون لا من قريبٍ ولا من بعيد حقوقها وواجباتها ولا يثمنون في المقابل عطاءاتها وإبداعاتها إنما تتمحور كتابات الادبيين والصحفيين بالكثير من السخرية والتندر وإطلاق النكات عليها بل وصل الامر الى دعوتها الي التمرد على عاداتها وثقافتها الاسلامية التي ساهم في نقلها وترويجها للعالم الخارجي على أنها مسلوبة الحياة، وانها تعيش في كهف مظلم ولايتسع المجال هنا الى اضافة الردود على هذه التراهات والكتابات التي أبدت هي القول فيه ونطقت الغيورات على بنات جنسها في الذود عنها، أملاً أن يتجدد العام الهجري القادم بمزيد من الإبداع الأدبي والعلمي والاجتماعي المنضبط بالكلمة الهادفة الدالة الي الخير الساعية الى نشر الفضيلة..


عبد الله عبد الرحمن سليمان العايد
القصيم بريدة ص ب 5517
shabib22@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved