الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 06th June,2005 العدد : 109

الأثنين 29 ,ربيع الثاني 1426

أغضى وبالنصر مضى!
عبدالمؤمن القين
حملت أسياف المنى (أملاً).. قطعت أجفان الردى، فإذا بالصحو يملأ الدنيا.. فجراً مؤتلقاً بسنى الأنداء على جبين الشمس!!
تعبر الكلمات آفاق الحب.. ذائبة في شفاه اكتظت بالوجد، بطول الانتظار لرضابات الحبيب.. كأنها لم تمسها شفتاه البتة!! تقول في لهفة الشوق إليه: قف!! لا تمض بعيداً فقد أضناني الحنين إليك.. ثقب رجلي الطريق إليك.. وعلى امتداد العين لم أر في الآفاق غير طيفك، رغم ازدحام الورى..
كانت المسافات إليك منيعة عزيزة.. منيعة في الإغلاق، وعزيزة في الدنو منك أيها العزيز الأثير إلى نفسي.. وليس هذا مبعثه إلا الشعور بأن الهدى في قربك، فأنا لا أستاف في كلماتي، ولا أشطط في نوازع ذاتي، فقد ارتدع الهوى فيها وبات لا وجود له.. إلى جانب (حسن الصون) عما يدنس النفس من فوق ما فوق السموات العلى من لدن العزيز الحفيظ الأعلى الوهاب لا تضيع عنده ذرة من مثقال خير سدى، ولا يظل أحداً.
وأعجب لذلك يا عزيزاً إلى نفسي.. أن تفهم أمري بغير حقيقته وليس بغير ما أهوى وأريد، فقد أخطئ الفهم أنا أيضاً، كما تخطئ أنت ويخطئ غيرنا.. ولا أدعي معرفة تلك الحقيقة وحدى، لكنني على أية حال حينما أعرفها لا أرضى تعريفاً إضافياً منك أو من غيرك، اللهم إلا التذكير.. فكل منا له طريقة في الفهم.. دون قسر أو ضغط عليه.. وقد تطول أو تقصر فترة الفهم وزمنه من فرد لآخر، فكل واحد له ظروفه وواقعه ومحيطه الخاص به.. وكل واحد له قدرات في الذكاء والفهم.. ولا أخالفك في أن النباهة شرط للسباق في زمن التزاحم على كل شيء، وكذلك التفوق والألمعية والنجابة وسرعة البديهة وأن يكون الإنسان لماحاً شديد اللمح كأن ذهنه وعينه تخترقان الاشياء، كآلة تصوير فوتوغرافية.
وما وراء الغطاء، رؤيته لا تخضع لذكاء ولا فطنة ولا شيء مما أسلفنا، حيث تبلغ حدة البصر أقصاها، وإنما هي كرامة من الله لعبده، ليذهب عنه غفلته، وتنجلي الغشاوة عن عينيه.. ويصبح كل ما يعبر في أفق حياته واضحاً على حقيقته، يكشفه الله له ويعري مكنوناته أمام عينيه.. ولا يزال البصر لا يدرك كل ما استدق حوله، من مخلوقات دقيقة إلا بالمجهر، فهو حسير دائماً كلما حاول التأهل في ملكوت السموات، فالله عزّ وجلّ لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار.. يسمع ويرى.. وهو اللطيف الخبير!!
وحينما نصل إلى نقطة فهم كهذه، يجب علينا أخذ (العبرة) و(العظة)، ليكون زاد المسافر في رحلة الحياة العابرة، التي لا راحة فيها مع (الابتلاء) إلا لمن تأدب معه، ولا نصب فيها مع الاستغفار، الذي يحيل الذنب إلى هشيم.. فينجوا العبد (بمفازة) من (مفازاته) إن هي كانت كثيرة بصفة خاصة.. وينحدر البغي والجور بسهام الذكر، ولا يبقى من الكيد والمكر إلا كيد الله ومكره، فيأتي الخير فيهما.. يرد إلى نحر الباغي كيده ومكره فيحيق به.. خاسئاً، خائباً.. ينوء بحمله الثقيل.. فطالما افتأت على الآخرين وألبسهم المظالم وما ظلموا، وألبسهم التهم وما ارتكبوا جرماً ولا بخسوا حق أحد كبخسه هو حقوهم.. يكيل لهم الصاع صاعين.
والسعيد من أغضى ففاز بالنصر ومضى.. وبالعز صعد إلى الذرى الشم.. يرى الدنيا صغيرة تافهة وكل ما فيها من صراع تافهاً مثلها، إلا من ذكر الله أو علم أو تعلم كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم.
أغضى ومضى، فتوالت حسنات ظالميه تترى عليه.. أغضى ومضى، فأصبح (حاطب نهار) لا (حاطب ليل).. يشعر بأن العزة لله جميعاً، وأن الله لا يذلّ من أعزّ ولا يعزّ من أذلّ، له الحكم وإليه يرجع الأمر كله..
ومعذرة لبدء المقال، لكنه كتقليد القصيدة العربية الجاهلية وصدر الإسلام، أيضاً، فنحن كأننا في صدره من جديد، والله المستعان.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved