لإكمال النقص وابراء الزمة
عميدا التاريخ السعودي في كتاب جديد
* قراءة سليمان الوايل اليحيى:
|
يميل بعض المؤرخين إلى القول: إن (التاريخ) يتأثر ب (الجغرافيا) أكثر مما يتأثر بأبطاله، مدلِّلين على ذلك بتاريخ المنطقة الوسطى من الجزيرة العربية (المتفق تاريخياً على تسميتها بنجد) التي يرون أن (طبيعتها الصحراوية) أبعدتها عن الأحداث (تأثراً وتأثيراً) لفترة تمتد أكثر من ألف سنة (منذ نهاية حروب الردة حتى ما بعد سنة 1000ه). لذا نجد أن المؤرخين السعوديين يحصرون بحوثهم التاريخية عن نجد في القرون الأربعة الأخيرة، ومنهم عميدهم الحالي (الدكتور عبد العزيز الخويطر) الذي قال في أحدث ما كتب (مقدِّمته للطبعة الأخيرة من كتابه: عثمان بن بشر): (ما كُتب عن تاريخ نجد في القرون الأربعة الأخيرة قليل وناقص الجوانب في فترات متعددة منه، وزمن مثل هذا مرَّ وانقضى ليس من السهل تدارك ما فات منه).
يعرف المهتمون بالتاريخ والمتابعون لحركة الفكر السعودي أن الدكتور الخويطر أثرى المكتبة السعودية خلال السنوات الثلاثين الماضية بالعديد من الدراسات والبحوث والكتب، إلى جانب مقالاته في الصحف والمجلات، ومحاضراته في الجامعات والمراكز العلمية والثقافية، ومقدماته للكتب التاريخية والأدبية.
ومن هذه الكتب كتابه (عثمان بن بشر) الذي صدرت طبعته الثالثة قبل أيام، وسأحاول تعريف القارئ الكريم به، معتمداً على نصوص مستقاةٍ من الكتاب، وهو دراسة متكاملة عن ابن بشر المؤرخ (حياته، عصره، مكانته في المجتمع، رأيه في كتابة التاريخ ونهجه فيه، أسلوبه، مصادره)، ومن كتابه الشهير (عنوان المجد في تاريخ نجد) الذي أرَّخ فيه للفترة الواقعة بين 1158هـ (انتقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية)، وآخر سنة 1267هـ، (وبهذا يكون قد دوَّن حوادث الفترة التي أرَّخ لها ابن غنام، وزاد عليها فترة زمانه. وإذا صح أنه استفاد من تاريخ ابن غنام عن الفترة السابقة لزمنه فما أورده في كتابه عن الفترة التي تقع بين عامي 1212هـ 1267هـ شيء انفرد به. وفائدة الحقائق التي أوردها عن هذه الفترة تأتي من ناحيتين: الأولى أنه ليس بين أيدينا ما أوفى منها عنها، والثانية أن ابن بشر معاصر لمعظمها).
ومع أن الدكتور الخويطر يبدأ تمهيده للكتاب بالتأسُّف على نقص جوانب تاريخ نجد، إلا أنه يسارع إلى طمأنة القارئ: (فلا تزال هناك جوانب يمكن أن توصل إلى ما يبرئ الذمة؛ ذمة مؤرخ هذا العصر، أمام واجب الثقافة والإدراك والوطنية المتوقعة فيهم، وحبات المطر كان منها السيل الكثير).
ومن مصادر تاريخ نجد التي يذكرها الدكتور الخويطر:
1 دراسة ما بقي من معالم أثرية.
2 دراسة بعض القصص الشعبي.
3 دراسة الشعر النجدي العامي (النبطي).
4 متابعة بعض ما يزال يُروى على ألسنة الناس.
5 دراسة ما دوَّن فعلاً من التواريخ.
ويصف المؤلف دراسته هذه (بتواضعه الجم وإنكاره المعروف للذات) بأنها (محاولة لإلقاء ضوء خافت على بعض جوانب من كتاب ابن بشر، وقد تردَّدتُ في إشاعتها، إلا أن فكرة المساهمة بأي مجهود، مهما قلَّ، والإيمان بأن البناء دائماً يكون من أجزاء بسيطة، جعلتني أضعها في متناول من يهمه مثل هذا الأمر، ولعلها توحي لأحد بما هو أهم مما فيها، وهي أمور خطرت في ذهني عندما كنتُ أقرأ كتاب ابن بشر، فإن نفعت وهي كما هي، أو أوحت بما هو خير منها، أو تسبَّبت في تصحيح مفهومي عنها، فقط برَّرت الجهد المبذول فيها).
أما مقدمة الكتاب، فيبدؤها المؤلف ب(نقص المعلومات التاريخية عن قلب الجزيرة ظاهرة يقابلها كلُّ مَن اهتم بتاريخها. وتبرز المشكلة عملاقةً عندما يحاول مؤرخ اليوم أن يضع الأسس لتاريخ زمنه، وفي هذا يحتاج إلى العودة إلى جذور الحوادث التي وقعت في هذا القرن أو الذي سبقه بتفصيلها وملابساتها، وما أقلَّ الأمور التي نراها في تاريخنا الحاضر لا تمتد أسبابها إلى حوادث سابقة).
ويبرِّر المؤلف نقص المعلومات التاريخية عن حوادث نجد في القرون الأخيرة ب:
1 انصراف علماء تلك الفترة ومثقفيها إلى الكتابة في أمور الدين.
2 تتابع الحوادث، وتغيُّر الحكام، وما ولده ذلك من قلق نفسي وخوف من كتابة شيء ينم عن اتجاه الكاتب نحو حاكم ضد آخر.
3 ضيق ذات اليد عند المتعلمين؛ حيث ألهاهم كسب العيش عن التأليف.
4 جل مَن يتوقع منهم كتابة التاريخ هم من علماء الدين الذين يتحرَّجون من تسجيل حقائق لم يطلعوا عليها أو يتحققوا من مصادرها.
5 تهيُّب بعض مَن يكتب أن يتصدى للتاريخ في نجد؛ خوفاً من ألاَّ يصل إلى مستوى مَن أرَّخ قبله.
6 عجز الكثير من المثقفين حينئذ عن صياغة تاريخ زمنهم بقالب مناسب.
ومِمَّن سجَّلوا الحوادث في نجد أعمدة تاريخه الثلاثة:
1 حسين بن غنام (.... 1225هـ).
2 عثمان بن بشر (1210 1290هـ).
3 إبراهيم بن عيسى (1270 1343هـ).
إلى جانب مؤرخين آخرين:
1 راشد بن خنين.
2 محمد بن سلوم (1161 1246هـ).
3 أحمد بن بسام (.... 1040هـ).
4 أحمد المنقور (... 1125هـ).
5 حمد بن لعبون (.... 1255هـ).
6 محمد الفاخري (1186 1277هـ).
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
