Culture Magazine Monday  06/08/2007 G Issue 210
قضايا
الأثنين 23 ,رجب 1428   العدد  210
 
لم يطلها الحراك الثقافي والوطني المبهج لجنة الشورى الثقافية.. كيف الحال؟!!

 

 

تحقيق - سعيد الدحية الزهراني:

يتساءل عدد من الأدباء والمثقفين والمعنيين بالحركة الثقافية أفراداً ومؤسسات عن طبيعة عمل لجنة الشؤون الثقافية في مجلس الشورى، والدور المتوقع منها تجاه وفد الحركة الثقافية برؤى وتصورات ومشروعات تقدَّم للأجهزة التنفيذية في الدولة؛ لتتبناها وتعمل على تطبيقها، إلا أن دور تلك اللجنة لا يزال قاصراً على تصريحات أعضائها ومشاركتهم (المتميزة) في الكتابات (والتحقيقات الصحفية) ونثر آراء لا تتجاوز صيغة الأحلام والتمنيات..!

كما أن جُل القرارات والخطوات التي تمت خلال العامين المنصرمين والتي تتعلق بقضايا الشأن الثقافي كمجالس إدارات الأندية، والجمعيات الثقافية والفنية التخصصية والأيام الثقافية في الخارج، كانت بتخطيط وإعداد وإشراف وزارة الثقافة والإعلام وبمتابعة من مسؤوليها، ولم يكن للجنة أي دور فيها..!! وبحجم الآمال المنوطة من قبل المثقفين بلجنة (الشورى الثقافية) إلا أن الوقت لم يحن بعد لتتقدم هذه اللجنة ولو بمقترح واحد أو مشروع يمكن أن يسجل في قائمة إنجازاتها البيضاء حتى الآن، بالرغم من وجود العديد من الأفكار الناجزة والبناءة التي يمكن أن تتبناها اللجنة، وتقوم بدعمها ومتابعة إجراءات تبنيها نظامياً..!! وذلك بالرغم من أن اللجنة تضم قائمة من الأدباء بالموهبة والتخصص وقيمة العطاء المتميز على مدى سنوات، من أمثال محمد رضا نصر الله وحمد القاضي.

من هنا يأتي هذا التحقيق كمحاولة لإزاحة تلك المنطقة الضبابية التي تخيم على طبيعة شكل عمل اللجنة، محاولين أيضاً أن يصل عبره صوت المثقف السعودي وآماله وتطلعاته المتصلة باللجنة الثقافية بمجلس الشورى الموقر.

الأعضاء والانتماء

الروائي الأستاذ أحمد الدويحي أكد أن المعيار المهم لبروز دور اللجنة الثقافية بمجلس الشورى يتمثل في نهوضها لإقرار لائحة رابطة الكُتاب والأدباء، التي لا نعرف مصيرها إلى الآن.. حيث يقول: كانت معرفتي باللجنة الثقافية بالشورى أثناء دراستها لمشروعنا القديم الحديث (رابطة الكُتاب والأدباء)، وعلمنا أن القائمين عليها كانوا ينتمون إلى الوسط الثقافي، وكانت الآمال كبيرة، ولكن للأسف لم يخرج شيء مما منّتنا به هذه اللجنة.. وأعتقد أن ما يقال عن اللجان العاملة بالمجلس ويتداول على صعيد واسع في المجتمع ينسحب على تلك اللجنة..

القضية الأساسية للوسط الثقافي هي إيجاد نقابة أو اتحاد كُتاب يجمع هذا الشتات، وقد وصلت لهم أصوات كثيرة من مختلف مناطق المملكة.. ونجاح هذه اللجنة هو الوصول إلى صيغة مناسبة لقيام هذا التجمع الواسع.

والمأمول منهم في هذا الشأن وفي غيره أكبر مما نتج، وكما نعلم جميعاً أن الدولة والمجتمع في حاجة إلى بناء مؤسسات المجتمع المدني، والساحة الأدبية هي أول هذه القطاعات.

وعلى أي حال تبقى الرغبة في حدوث تحولات من قبل اللجنة تجاه المجتمع الثقافي أمراً مأمولاً ومنتظراً.

الآمال والتطلعات

القاص الأستاذ خالد أحمد اليوسف نادى بأن تفعل اللجنة القضايا والأطروحات الملقاة على عاتقها بصورة ديناميكية مرنة، مؤكداً أهمية أن تكون اللجنة بحجم تلك التطلعات.. قائلاً: بداية نرى نحن، كفئة مثقفة متابعة للساحة الثقافية ومعطياتها، أهمية وجود لجنة ثقافية وتعليمية تعنى بهذه القضايا والمتطلبات من المنتج وإليه.. وهذا ما تم إقراره ضمن أعمال ولجان مجلس الشورى الموقر حينما أقرت اللجنة الثقافية والتعليمية، وبسبب تواصلنا نحن كمجموعة لنا مطالبنا، ولأن المجلس جهة رسمية لاحتواء أي مطلب شعبي، فقد لجأنا إلى هذه اللجنة، ومن هنا علمنا بوجود هذه اللجنة، ولكن بعد مرور الزمن ومرور هذا المطلب أحسسنا بتحجيم مطلبنا أو التقليل منه، ومن هنا تنطلق الأسئلة التي توجَّه إلى هذه اللجنة، ونحن نعلم علم اليقين أن الأسماء التي تكونها أسماء قادة علمياً وعملياً ولها احترامها داخل وخارج المجلس، وأعود إلى الأسئلة: ماذا فعلت هذه اللجنة لساحتنا الثقافية وقضايانا المتعددة التي طرحت أمام وزارة الثقافة والإعلام بعدما كانت شتاتا وأمام اللجنة الثقافية في المجلس؟ ومن هذه القضايا على سبيل المثال إعادة هيكلة الأندية الأدبية؛ لتكون ثقافية، وكذلك إعادة هيكلة وتنظيم جمعية الثقافة والفنون؛ لتكون جمعية للفنون، أيضا المراكز الثقافية، وأيضا اتحاد ورابطة الأدباء.. وغيرها من القضايا.

وبعد هذه الفترة الزمنية وهذه التجربة من المؤكد أنها اطلعت على كثير من القضايا والأطروحات الثقافية في المجلس.. ألم يحن بعد لهذه اللجنة أن تفعّل الجمعيات الثقافية والفنية المتخصصة، وكذلك المطلب القديم الجديد (رابطة الكتاب والأدباء)؟.. وعدد من المطالب التي تنشر في صحفنا ومجلاتنا وفي كثير من المنتديات والصالونات الثقافية. ونحن نعوّل على هذه اللجنة التفاعل والنجاح المأمول لحياتنا الثقافية؛ لأنها تمثل نخبة مثقفة تعي حاضرنا ومستقبلنا.

الثقافية أم البيروقراطية

وتأتي مشاركة الشاعر الأستاذ عبدالله السميح مُحبطة وغير متفائلة، طارحاً عبرها السؤال الكبير حول هدر الجهد والوقت والتكاليف دون أن نرى لها أثراً يذكر.. يقول السميح:

هناك مقولة شائعة تقول إذا أردت أن تميت موضوعاً فأحله إلى لجنة، فإذا أردت أن تشيعه لمثواه الأخير فأحله إلى لجنة ثانية.. واللجنة الثقافية بمجلس الشورى مع احترامي لكل أعضائها لا أعرفهم (بسلامتهم) باستثناء الأستاذ والأديب حمد القاضي، وحينما أقول لا أعرفهم فهذا لا يعني أنهم منكرون، لكنني أعني المعرفة الثقافية، وبالتالي فمن غير المتوقع أن يكون لهذه اللجنة تأثير على الساحة الثقافية؛ لأن الثقافة متغير يتعذر فهمه على هؤلاء الذين قال عنهم نجيب محفوظ: إنهم يعتقدون أن الثقافة هي حفظ اللوائح( ونأمل ألا يكون أعضاء اللجنة منهم) . ما يعنيني من اللجنة الثقافية الموقرة هو موضوع إنشاء رابطة للكُتاب والأدباء السعوديين الذي قدم من قبل عدد من الكُتاب والأدباء، وأنا من ضمنهم، هذا المشروع الذي أبدى الأستاذ حمد القاضي رئيس اللجنة الثقافية سابقاً حماساً لدعمه باعتباره مطلباً ملحاً من متطلبات المرحلة.

يجدر بي أن أتساءل بعد أربع سنوات من الاجتماعات والمحاضر والتقارير التي هُدر فيها كثير من المداد والوقت: هل هناك لجنة ثقافية جادة تستطيع أن تبرر لنا تحفظها على رابطة الكُتاب والأدباء، أو تبرر لنا غيابها عن المشهد الثقافي في غياهب النسيان؟

ضرورة القيام بالدور

أما القاص الأستاذ علي فايع الألمعي فطالب ب(أسلوب ساخر) بأن يكون للجنة الثقافية دور واضح في تغيير واقعنا الثقافي.. حيث قال: في مجلس الشورى قرأت عن أسماء جميلة لها حضورها الثقافي والإعلامي، وكبيرة في قيمتها الأدبية والثقافية، لكن يبدو أن ساحتينا الثقافية والإعلامية لا تعانيان من أية مشكلات تستدعي وقفة الأعضاء أو إثارة العديد من القضايا!

لدينا إعلام يفوق كل ما سواه، لدينا أندية تقوم بواجبها، لدينا مواهب تجد المؤسسات التي ترعاها، لدينا دور نشر تعنى باحتياجات الساحة الثقافية، لدينا أسماء بارزة تكتسح الساحتين العربية والإسلامية، لدينا سينما، لدينا مسرح، لدينا ضوابط مكتوبة ومنفذة، لدينا حقوق فكرية محفوظة، لدينا كل شيء!

أعتقد أنها مجرّد أحلام، نحاول مع الأيام أن نقنع نفوسنا بأننا غير محرومين من شيء، فليس لدينا مبدعون يهربون بكتاباتهم إلى لبنان والمغرب وسوريا ولندن!

ليس لدينا عشاق للسينما يذهبون باستمرار إلى دول الجوار لمشاهدة فيلم جديد كدبي والبحرين!

ليس لدينا صعوبات تذكر في إعلامنا المرئي ولا إعلامنا الخاص، الذي هو جزء من مهمات اللجنة، فكل شيء على خير وعلى ما يرام!

لذلك أعتقد أن مطالبتنا للجنة الثقافية والإعلامية في مجلس الشورى بإبراز دورهم، وتجسيد حضورهم بشيء يذكره لهم الناس، غير مجد!

الغياب والدور المفقود

الكاتب الدكتور علي الرباعي تساءل بعد عقد ونصف العقد من عمر هذه اللجنة: ماذا قدمت للمشهد الثقافي وللمثقف والأديب؟ قائلاً: تكتسب المؤسسات واللجان والجمعيات أهميتها من الدور المنوط بها ومن النتائج المتحققة على يدها والمتطلع إليها من جمهور المعنيين بتلك المؤسسة أو اللجنة أو الجمعية، وعند تناول مصطلح مجلس شورى أو برلمان تتبادر إلى الذهن صورة المجتمع المدني أو المتمدن الذي تحقق له بفضل نجاح مؤسساته وما يطمح إليه من حقوق وما يصبو إليه من حياة كريمة.. وبقدر ابتهاجنا بتفعيل مجلس الشورى السعودي منذ العام 1414هـ، بقدر ما يتناوبنا الملل وتنتابنا صرعات ضعف الأمل في مردودات المجلس الإيجابية ومخرجاته الإنسانية والحضارية المرتبطة بهمّ المواطن السعودي بكل مستوياته وطبقاته ونحله وملله. واللجنة الثقافية باعتبارها إحدى لجان المجلس عوّل عليها مثقفون وراهن على عدم جدواها آخرون، فيما ظللتُ أتابع بهوس في كل دورة للمجلس اسم رئيس اللجنة والأعضاء، ومع كل تشكيل ورصد لمنظومة اللجنة أردد مع نفسي (فرجت) إلا أنها في واقع الأمر لم تفرج إلى الآن!!

وإذا كان يسوغ لنا مناقشة دور اللجنة الثقافية بعدما يقرب من عقد ونصف العقد من الزمن كونها لم تحقق للمثقف السعودي جزءاً من حلمه الكبير، الذي بناه مشاركة مع حلم عربي وعالمي تعثر في بلدان وحبا في بلدان ومشى في بلدان وهرول في بلدان ومات في بلدان أخر أو انتحر!! فيجب أولاً أن نبحث عن مدى ومضمون الصلاحية الممنوحة أو المتاحة لأعضاء اللجنة، فنحن دولة من دول العالم الثالث المعتق في الروتين والمغرم بالبيروقراطية حد التشبع، ومن الصعب أن يجد المسؤول عن الثقافة أو غيرها مساحة كافية لتمرير فكرة أو إنجاز مشروع أو تحقيق طموح، فاللجنة كبيرة باسمها وبنوعية الأعضاء المختارين لها بعناية فائقة، وصغيرة بمنجزها المتواضع إن كان من منجز؛ لأني أعرف نماذج منهم يصدحون في المجالس العامة بما يناقض مواقفهم السلبية أثناء الجلسات؛ إذ كثيراً ما يؤثر بعضهم الصمت ويغنم السلامة، فالبعض يتقمص أمام الملأ دور المثقف العضوي والطليعي، إلا أنه عند المحك يغير الموقف وينحاز لرأي الأغلبية، فيد الله مع الجماعة، علماً بأن ابن مسعود كان يفسر الحديث بقوله (الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك).

ومن المنطقي أن تتم مراجعة اللوائح العامة للمجلس ولائحة كل لجنة على حدة حتى يمكننا معرفة الصلاحية المكفولة بموجب النظام، وحينها تبدأ قضية المحاسبة؛ لأن من مهام المجالس البرلمانية مساءلة المقصرين عن تقصيرهم وتنبيههم على جوانب القصور والخلل في أعمالهم، ومن حقنا كمواطنين أولاً وكمثقفين ثانياً أن نسائل أعضاء اللجنة الثقافية عما تم إنجازه من مشروعات تصب في مصلحة الثقافة المحلية والمثقفين دون أن ندخل مع الأعضاء الموقرين بأعبائهم!! في دائرة صراع أو جدل عقيم، فنحن منذ زمن نسمع بالمعيدي ولا نراه!!

ولعله من المؤسف أن اللجنة استعانت بعدد من المثقفين من خارج المجلس لتفعيل الأدوار وتضافر الجهود، إلا أنه بسؤال معظم ممن وردت أسماؤهم من المتعاونين صرحوا بأنه لم يتم استدعاؤهم لحضور جلسة ناهيك عن سماع مقترح أو قبول مجترح وفكرة.

وهنا ينبغي العودة مجدداً إلى قراءة كتب علم الاجتماع؛ لتحديد مفهوم البرلمان وما يختص به من أعمال، ومعرفة طريقة تكوينها وعدد لجانها ومهام كل لجنة والجهة الرقابية لعملها؛ لأن أي لجنة أو جهة تحصن ضد الرقابة تفقد مصداقيتها وتموت جدواها، فنحن في زمن يتسم بالشفافية ورحابة الصدر من السلطة العليا في بلادنا، ومن باب أولى أن يكون الجميع بذات الروح، وأن نطرح إشكالاتنا فيما بيننا وننصت بوعي لكل صوت غيور على وطنه وعلى الحراك الثقافي فيه، وليس معيباً ولا مريباً أن يتخلى مسؤول عن المكان الذي شغله طالما أنه سيظل بلا دور أو يتحول في موقعه إلى محاب ومجامل على حساب المصالح العليا للوطن.

aldihaya2004@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة