Culture Magazine Monday  06/08/2007 G Issue 210
نصوص
الأثنين 23 ,رجب 1428   العدد  210
 
انتكاسة
محمد بن عبدالعزيز اليحيا

 

 

عاش حياة هانئة مع أبيه وأمه وأشقائه في سعادة لا توازنها سعادة في العالم. عاش عيشة لا يكدرها شيء مع أسرته التي وهبها الله الثراء الفاحش. كان كل شيء يطلبه يحصل عليه، وكانت أمه تحبه حباً كبيراً، وهذا الشيء ليس بمستغرب على نبع الحنان والعطف.

كانت سعادته كبيرة كونه يعيش وسط أشقاء وشقيقات يحبونه حباً كبيراً، وكان هو يبادلهم الحب بالقدر نفسه. كان الشاب موهوباً وعاشقاً ومحباً للفن، حيث نمت عنده الهواية والتحق بجمعية الثقافة والفنون، فأصبح ممثلاً مرموقاً كونه فناناً لديه كريزما جيدة، فشارك في عدد من الأعمال المحلية، بالإضافة إلى عدد من الأعمال الخليجية. لم يكن صاحبنا يفكر أو يدري ماذا يخبئ له نصيبه، فالمكتوب على الجبين لا بد أن يحدث بأمر الله.

حدث ما لم يكن في الحسبان. قنبلة مدمرة توازي ما حدث في هيروشيما اليابان لقوتها، حيث كانت المفاجأة المدوية والقشة التي قسمت ظهر البعير، وقد كانوا يجلسون كأسرة جلسة عائلة. كانت الراحة فيها تعلو كل شيء، حيث فجر الأب قنبلة مدوية وكأنه شعر بقرب دنو أجله، إذ أعلن أن ابنه ليس بابنه. ذهل الجميع من هول ما سمعوه.. كيف هذا؟! هنا قال الأب: إنك لقيط، فقد وجدناك مرمياً بالشارع وقمنا بتربيتك.. سكت الشاب الذي كان ساعتها قد تجاوز الثلاثين عاماً تقريباً أو أقل بقليل. تصور الجميع أنه سيبكي أو سوف يرفض ذلك القرار، لكنه سكت وكانت تلك بداية الانتكاسة، حيث أصيب الشاب بلوثة في مخه لم يفلح الأطباء في علاجه، ورغم أن ذلك الرجل كان كريماً معه حيث منحه فيلا إلا أن ذلك لم يفده بشيء، وقد أدخل المستشفى للعلاج أكثر من مرة لكن دون جدوى، وبقيت الحال كما هي، فتارة تستقر حالته وتارة تنتكس، لكنه فعلاً أصبح شبه فاقد للذاكرة، لكنه لا زال متحدثاً جيداً ومثقفاً كما كان قبل الكارثة.. فثقافته رائعة ومعلوماته ثرة، لكنه لم يكن يدرك شيئاً من الماضي الجميل. أصبح كالمتسول يطلب المال من أية شخص لكي يشتري السجائر التي أدمنها بشكل كبير. كما أن صحته تدهورت (بنيته) لكنه غير عليل. كما محباً قبل عدة سنوات لجمعية الثقافة والفنون، وعندما تستقر حالته يأتي للجمعية بشكل يومي، وتارة يختفي وتجده يجوب الشوارع عرضاً وطولاً دون هدف أو يدري إلى أين ذاهب، لكن الله من رحمته به لم يفقده حاسة الإحساس لكي يعود آخر النهار إلى منزله. ميزة أخرى وهبها الله له من كرمه عليه أنه مسالم ولا يعتدي على أحد أو يضر أحداً. عندما يشاهده زملاؤه الفنانون الأوفياء يدعون له بالشفاء كما أنهم لا يبخلون عليه شفاه الله وأعاده لصوابه، وسامح الله ذلك الأب السعودي الذي لم يكمل رسالته، بل هدم كل شيء وربما ضغوط هو تحت تأثيرها أو شيء نحن لا نعلمه.. (سامحه الله).

Mhd1999@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة