الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 6th September,2004 العدد : 75

الأثنين 21 ,رجب 1425

استراحة داخل صومعة الفكر
سعد البواردي

***
عندما يئن العفاف
عبدالرحمن العشماوي
142 صفحة من القطع المتوسطة
***
ما لاحظته على شاعرنا العشماوي كثافة توظيفه للمفردات والتساؤلات المتشابهة في بعض دواوينه.. وبالذات في ديوانه (عندما يعزف الرصاص) مما يربك النص. ويجعل الفكرة حائرة.. وأحياناً تائهة.. حسناً لو أنه في ديوانه الجديد الذي أستعرضه اليوم جاء أكثر استخلاصاً لدلالاته أشبه بالوجبة الشهية التي لا تربك معدة الفكر وتحملها على التلبك قبل الوصول إلى طبقها الشهي الذي يبحث عنه المتلقي دون إجهاد قد يسوقه إلى الملل.. لعل:
(العفاف) مفردة مرادفة للطهر.. والنقاء.. وشفافية السلوك.. للروح والجسد. فهل أن هذا ما يقصده شاعرنا؟ أم أن عفافه أوسع مدى.. وأبعد صدى لدى خواطره الشعرية؟ لابد من الانتظار حتى آخر محطة لقطار الرحلة التي بدأها بقصيدته (أوقد شموعك).
(أوقد شموعك.. فالظلماء تنسكب
والشمس تغمض عينيها وتحتجب
أوقد شموعك فالأوهام جاثمة
والقلب من غابة الأحزان يحتطب
أوقد شموعك في عصر يميزه
عن كل عصر مضى التلفيق والكذب)
لماذا هذه الدعوة الواعظة الواعدة؟ لأن غموض دروب العصر.. وتخشب عقول الناس أوجد هوة سحيقة بين العقل, والجهل.. بين الصحوة.. والغفوة.. بين الدواء والداء.. بين العافية والمرض:
( اقرأ عليه كتاب الله داوِ به
جرح المريض الذي ما زال ينتحب
يا مسلم الخير أنت النبع في زمن
جفت ينابيعه. وازدادت الكرب)
وهل توجد كرب أكثر ولا أكبر من أن يتحول الإسلام إلى تهمة..؟ والعقيدة إلى تخلف..؟ والجهاد لنصرة الحق إلى إرهاب؟ هكذا ينظر إليك أعداء الحياة.. وهكذا يحاربوننا بأقلامهم وأفواههم.. وربما أيضاً بفوهات مدافعهم..
(صبراً دعاة الحق).. مقطوعته الثانية:
(لكم التحية من صميم فؤادي
يا رافعين لواء دين الهادي)
وعن الآخرين يقول شاعرنا:
(أما الذين تطاولوا، وتحاملوا
فلهم من التأديب قدح زنادِ)
خصوصية القصيدة لا يمكن فصلها عن عمومية الدعوة التي تنشد الإصلاح والصلاح معاً.. ولكن بسلاح المعرفة والعلم والاقتناع.. الذي يفتح أبواب القلوب.. وتستجيب له الجوانب المترددة.. حتى المتمردة حين تلامس شغافها بالحقيقة.. والمضامين العقلانية المشبعة بروح الإشباع والإقناع..
هكذا يا صديقي نحن في مواجهة تتطلب منا أن نكون أمناء على معتقداتنا.. أوفياء لثوابتنا.. أقوياء بسلاح التنوير والتطوير الذي بدونه لن نملك القدرة على مجاهدة خصومنا.. ومواجهة أعداء شرعتنا.. ومجابهة مخاطر الغزو الذي يحاول استلابنا أعز وأغلى ما نملك ما ندين به.. وما ندان من خصومنا بتمسكنا به..
القصيدة طويلة.. بيتان من الشعر كافيان لرسم الصورة.. وأبعاد المشكلة.. لولا أنها أخذت معها جزئيات لا يمكن إغفالها:
(يا عامنا الهجري لا تنظر إلى
وجه الخليج وموطن الإسراء
بغداد جالسة على جمر الغضا
في مقلتيها نظرة استجداء
والشام تنطق أحرفاً مهمومة
في لجة التطبيل والضوضاء
والضفتان على صفيح ساخن
للهيبه أثر على سيناء
أما الجزائر فالحقيقة لم تزل
فيها ملبسة بألف غطاء)
ماذا أبقيت؟ بل ماذا بقى؟ أينها بغداد؟ وأين الضفتان عادتا ضفة موجعة مفجوعة تحت نير الاحتلال.. أما الجزائر وطن المليون شهيد فقد تحول إلى مجازر بين الإخوة الأعداء. وبشكل لا يقره دين. ولا يرضاه عقل.. ولا يتصوره منطق.
يأخذنا العشماوي هذه المرة بعيداً بعيداً عن أوطان الأحزان إلى الفردوس المفقود الذي أضعناه بخصوماتنا وصراعاتنا:
(عذرا ربى المجد أن القوم قد هانوا
وأنهم في أيادي المعتدي لانوا)
نتجاوز مفردات العذر وهي كثيرة إلى ما بعدها.. ماذا التقطت عدسته الشاعرية من شواهد ومشاهد في مدريد؟!
(رأيت فيها خطوطاً لا حدود لها
وليس يفهمها إنس ولا جان)
كيف فهمتها أنت إذاً؟ هل أنك تنتمي إلى عالم ثالث؟!.. المبالغة تفسد الوصف..
(رأيت في بعضها رأساً أشبهه
بحية شدها للخلف ثعبان
رأيت غصناً من الزيتون تأكله
رصاصة.. ووراء الغصن (كاهان)
وحوله أحرف عبرية نقشت
وليس فيها من الألغاز تبيان
كان الغبار يواريها, وحين جلا
بدا لعيني شامير، وديان
ولاح لي في مداها وجه أندلس
جبينه لسباق الحزن ميدان)
(ديان) من الدين الصحيح (دايان) يحتاج إلى ألف تشق بطنه .. أما الذي رأيت وأنت إنسي يراه غيرك عملية إحلال.. أو إخلال.. أو احتلال.. سمه ما شئت.. إنه خطاب المتغيرات التاريخية المتعاقبة وبصماتها على وجه العاصمة الجميلة.. وفي غيرها لتاريخنا الإسلامي ما يتحدث عن عظمته ومنجزاته (فلسطين)، (قرطبة)، (طليطلة)، (برشلونه) أيضاً وجه آخر مغاير لما شاهدت.
أما عن التماثيل التي لا يفهمها إنس ولا جان على قولك أؤكد أن الفنانين يفكون رموزها ومثلهم ممن يتذوقون أعمال النحت والفن التشكيلي من الإنس.. أما الشياطين فلا معرفة لي بهم ولا عن درجة ذكائهم كي أحكم لهم أو عليهم.
(حوار أمام بوابة الهزيمة) محطتنا الثالثة في هذه الرحلة مع ديوان (عندما يئن العفاف) للشاعر العشماوي:
بعد أن طاب له المكان والمقام.. وتفتحت للزهور الأكمام.. وجرت سواقي الحب, وعزفت الشمس للروابي، ورويت الأرض بعد عطش تجلت له الحقيقة ناصعة دون ضباب أو قتام:
(صور من الأحلام تثلج خاطري
ولقد تسر العاشق الاحلام ُ
صور وتنسفها وقائع أمتي
نسفاً ويبتلع المكان ظلام)
يا لها من فرحة بائسة لم تتم.. لقد تجمدت على شفتيه على وقع وواقع الشتاء البشري.. كيف لا والمشاهد أمامه مأساوية موجعة:
(وعلى رصيف الليل طفل واجم
نظراته نحو القلوب سهام
وسؤاله الملهوف يحرق مهجتي
أو ليس ديني يا أبي الإسلام؟!)
لماذا هذا السؤال؟! الإجابة عليه لا تحتاج إلى إجابة..كلنا نعرفها.. مجد تاريخ مضى..! عظمة ماض انقضى.. الإضافة إليه في مهب الريح ولهذا يستصرخ شاعرنا أمته ويناديها:
( لك الأرض الفسيحة.. والفضاء
فكيف يتيه عن فمك النداء؟
وكيف تخاف ظلماء المآسي
وعندك ألف قنديل تضاء؟
وكيف تهاب من زيد وعمرو
وعند الله رزقك. والقضاء؟)
تنتهي أسئلته.. وترتمي في أحضان المجهول.. لأن أمته مشغولة بالتفكك من الداخل.. والمخاطر المحدقة بها من الخارج لأنهم غائبون أو مغيبون.. وما دام الأمر كذلك فإنه يلقي في وجههم بقفاز التهمة قائلاً لهم.. (ولكنكم غائبون)
(جنون.. تقولون هذا جنون
ولكنكم أنتم الواهمون..
أقول لكم أيها الغافلون
أقول لكم إن ضوء النجوم تدحر في عتمة الليل
حين هوى في محيط الغسق)
يكثر القول لهم.. يذكرهم علهم يتذكرون
(إذا ألقيت خطبة تضحكون
وإن ألقيت نكتة تضحكون
وإن صفعتكم يد المعتدي تضحكون)
إنه الضحك الذي يبكي.. وإنه الضعف الذي نسترجع معه مقولة الشاعر:
من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام
في مقطوعته (ولكنكم غائبون) يذكرنا ويستفزنا.. على غير عادة شاعرنا يواجهنا بعنوانه الجديد (لا تحدث بما جرى) ماذا جرى؟!
( لا تحدث بما جرى يا مذيع
إن ما قد جرى لأمر فظيع
لا تحدث بما جرى للبناء
شامخ أجهزت عليه الصدوع)
يخاطب مذيع الأخبار.. أي الأخطار.. وقد أدمى قلبه وجعل من مأساته طعاماً ومن دموعه ماء.. ومن تحمله عدم استطاعة.. لكل هذا الذي يسمع أخذ نفسه مرغماً نحو مدائن الحزن متسائلاً متى الرجوع إلى أصله.. إلى حماه.. إلى كرامته التي لا تقبل مساومة العدو المحتل ولا مهادنته:
(كلما مات بيننا مشروع
ضللونا.. فجاءنا مشروع
يا مذيع الأخبار قلت سلام
عالمي!! لكنه التطبيع..!)
الصورة واضحة لا تحتاج إلى تفسير
على نفس الوتر الباكي يعزف شاعرنا بريشته راسماً خطوطه المبكية:
(هدمت من حول قومي الأبنية
أفرغت مما حوته الأوعية
داهم الثلج رباهم.. ما لهم
منزل يمنعهم أو أكسبه
ما لقومي ويحهم قد دمموا
ولماذا دخلوا في الأخبية)
لكأنما كان يتحدث حديث اليوم.. أمام الإعصار القادم من وراء المحيطات..وبلون غير مألوف على هذه الأرض:
(رب وجه أبيض اللون محا
لونه الأبيض لون المعصية
أترى أمتنا تصحو.. وقد
أصبحت في لهوها مسترخية؟!)
سؤال نتركه دون إجابة.. لعل وعسى.. نتجاوز (جزائر الخير).. بحثاً عن إشراقة شمس تمنحنا دفء الأوصال.. وربما الوصل..
(أخبارك اليوم يا حسناء أخباري
جرح يشاركني في نظم أشعاري
رؤى تلوح أمامي وهي قاتمة
مكسوة بلباس الذل والعار)
يخاطب شمسه ولما تشرق بعد أن شرق بريقه واستيقن بضياعه فلا الربيع ربيعه, ولا الأزهار أزهاره ولا حتى الظل ظله حينها أحس أن الشمس تهوى الخسوف والكسوف معاً مشاركة له إحباطاته:
(تقول: اطفئ لظي حزني) فقلت لها:
(هل تطفأ النار يا حسناء بالنار؟!
هل يطلب الماء ممن يشتكي عطشاً
هل يطلب الثوب ممن جسمه عاري؟
تقول: (سر في اتجاه الموج) قلت لها:
( لا الموج موجي.. ولا التيار تياري)
قمة الإبداع في رسم الصورة الجمالية ذات الأبعاد الحوارية التي تفوق فيها شاعرنا العشماوي على نفسه رغم قنوطها وشحنة اليأس المثقلة بنصوصها وفصوصها.. وفي النهاية وبعد طول شكوى يسترجع في دواخله بصيصاً من أمل:
(حسناء لا تسألي عني.. فلي لغة
بالنصر من مالك للأمر قهار
قد أشرقت شمس دين الله فانتظري
على ضفاف الأماني البيض أشعاري)
الشمس يا صديقي المُجيد لن تتوقف.. عليك أنت انتظار بزوغها كي تغني لها أحلام فجر جديد قادم لا مكان فيه لتواطئ أو تباطئ..
(لاتلعب بالنار) رسالة شعرية لولده.. لكل الأولاد الصغار الذين يتصرفون بشقاوة محاكاة الكبار..
( يا ولدي لا تلعب بالنار..
اطفئي هذا الكبريت.. وابعد هذا الصاروخ وهذا المسمار
العب يا ولدي بالمزمار.. العب بالرمل وبالأحجار
بغصون الأشجار.. العب بالدرهم والدينار)
عالم اليوم صغاراً وكباراً يلعب بهم الدولار.. دع ولدك يتحرر من هواية طفولته نحو دراية رجولته.. عرفه كيف يرمي.. كيف يحمي أهله.. كيف يدافع عن وطنه.. كيف يقرأ أصدقاءه وأعداءه كي لا يقع في المصيدة.. لقد انتهى عهد براءة الطفولة.. وجاء عهد الظلم ممتطياً مركبة الموت ملوحاً بنعوش الذين لا مراكب نجاة لهم.. ولا مراكب حياة تحميهم.
أحتار في ديوان شاعرنا كيف أختار.. مجموعة أطباق شهية شاعرية.. ولأن المسافة تقترب وعقارب الساعة تشير إلى خطانا بالسرعة لزاماً أن نتجاوز الكثير منها (بين الصحو والحلم) هداة واحدة (يا طفل) (الوجه القفا) (حوار مع وردة) (من القدس إلى سراييفو), (أجنحة الحروف)، جميعها شممنا عبقها دون أن نلامسها.. ولأن محطة العفاف الذي يئن في انتظارنا:
(أطرقت حتى ملني الإطراق
وبكيت حتى ذابت الأحداق
سامرت نجم الليل حتىغاب عن
عيني، وهد عزيمتي الإرهاق)
إنه أمام وحشية شوفينية بشرية يقف الخيال أمامها عاجزاً عن نفسها.. وحشية صرب الغرب أمام مسلمي البوسنة والهرسك.. حيث أطفالهم ينامون على أحلامهم فتوقظهم أدوات الموت حصداً وتشريداً ودمارا كما هم أطفال فلسطين أمام آلة الموت التي يمسك بزنادها مجرم حرب اسمه شارون.. وكل من يقف خلفه.. نفس المأساة.
(أطفالنا بيعوا وأوروبا التي
تشري.. ففيها راجت الأسواق
اين النظام العالمي.. أما له
أثر.. ألم تنعق به الأبواق)
شاعرنا يسأل عن النظام العالمي الجديد أين هو كما لو كان يجهل.. كل المشاهد المروعة في أكثر من مكان عبر خريطة عالمنا المسكون بوحشته حصاد وثمرة التفرد بمقدرات هذا العالم. هذا هو عالمنا الجديد دون حاجة إلى السؤال عنه، يطوف بنا شاعرنا من محطة أوروبية إلى أخرى إفريقية.. إلى الصومال الذي لا أملك إلا التوقف عنده ولو لبرهة قصيرة: لننصت معاً إلى صرخة طفل صومالي) يسائل والده:
(أنا من أنا؟ قل لي بربك يا أبي؟
إني أرى ماضاق عنه خيالي
لم يقتلون أمام عيني إخوتي؟
ولم يحرقون ملابس الأطفال؟)
لأنهم أنذال حكمتهم روح القبلية والعشائرية، والسلطوية المجنونة.. راحوا في بعضهم قتلاً لأنفسهم.. وتدميراً لوطنهم.. شبعنا من الجراح التي تحدث عنها الديوان حتى التخمة.. لن نتوقف عندها مهما تعددت الأسباب فالمأساة والمعاناة واحدة.. إلا أن ملامح مأساة عن بعد تبدو لنا كما لو كانت على ظهر جبل شاهق.. أو فوق مئذنة طويلة تعانق السماء.. لعلها كذلك.. وهي كذلك.. إنها صرخة المسجد البابري مستنجدة بالمسلمين.. كل المسلمين.. مع هذه الصرخة نقف وقفتنا الأخيرة أمام محطتنا الأخيرة..
(عبثاً دعوت.. وصحت يا أحرار
عبثاً. لأن قلوبكم أحجار
عبثاً لأن عيونكم مسمولة
بالوهم تظلم عندها الأنوار)
مرارة شكوى على لسان فم مسجد في الهند تهدده الهندوس بالهدم بغية تحويله إلى معبد لا تقام فيه صلاة, ولا يؤذن من مئذنته داع الصلاة.. خطورته تتجاوز حدود جغرافيته المكانية الضيقة.. إلى ما هو أبعد.. إنه نقطة سوداء في صراع الديانات والمذاهب الذي تغذيه وتنفخ في ناره.. وتعزف في أوتاره أيد خبيثة يتحكم فيها التعصب والتطرف الأعمى إلى حد الهوس الجنوني. المسجد يتحدث عن نفسه كما أراد له الشاعر أن يتحدث:
( أنا مسجد لله مر بساحتي
دهر طويل.. وانطوت أعمار
كم زارني التاريخ زورة عاشق
ولكم تجمع عندي الأبرار
بالأمس تمتلئ القلوب مهابة
مني. وتشرح صدرها الأذكار
واليوم تهدمني معاول غادر
ويميتني رشاشه المهذار)
تحول المسجد إلى قطعة أرض فضاء متنازع عليها.. ليس وحده فمئات المساجد هدمت في البلقان وفي الشيشان.. وعلى أرض فلسطين.. الإسلام نفسه مستهدف.. ونحن بدورنا أيضاً أهداف لقوى البغى والعدوان.. علينا أن نعي جيداً وأن نتيقظ.

الرياض ص . ب 231185 الرمز 11321
فاكس 2053338

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved