الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 6th December,2004 العدد : 86

الأثنين 24 ,شوال 1425

نافست (كسر حاجز الصوت) إلى الأردن
(ارتكاس) تصميم كريوجرافي
بين عرضين مسرحيين أحلاهما أحلى.. اختارت لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون مسرحية (ارتكاس) لتمثل المسرح السعودي في مهرجان الأردن المسرحي الثاني عشر.. خلال الفترة (22 شوال 3 ذي القعدة) هذا العام وكان العرض المنافس لمسرحية ارتكاس هو عرض فرع الجمعية بالدمام (كسر حاجز الصوت) والتي غاب عنها النص الحواري واعتمادها على المونتمايم أي الصمت الحركي أو حركة الصمت.. وهو الأمر الذي أفقدها شرطاً من شروط المهرجان ألا وهو تكامل العرض المسرحي نصا وحوارا وحركة.. وبقيت ارتكاس لفرع الجمعية بالقصيم هي الأوفر حظا.. فأخذت كارت المشاركة بعد جدل طويل بين أعضاء اللجنة.. انتهى بذهاب ارتكاس القصيم إلى الأردن يوم السبت 2110 للمشاركة الثانية بعد (الزاوية المظلمة) لفرع الدمام قبل ثلاث سنوات تقريباً..
ارتكاس
قدم المؤلف عبدالرحمن الجار الله حكايته عبر مجموعة محدودة من الشخصيات المسرحية تمثل جماعة بشر، تحيط برفيقها الذي يكاد يموت جوعا وهو ينتظر الخبز من فوهة الفرن، لكنه يتفاجأ برمي جمجمتين بشكل متتالٍٍ، ثم يدخل رجلان مسلحان بأداتين تشيران للمعرفة والتكنولوجيا، يسيطران على المجموعة، والفن الذي سرعان ما يأخذ في لفظ الجماجم بوفرة، والرجل الذي ينتظر الخبز، يتضور جوعا،ويصبح فعلا على شفير الموت، مجموعة رجال آليين، يقدمون لهذا الجائع صحنا فارغا، ثم عظمتين، وتنتهي المسرحية بتكفينه، وتحنيطه كالمومياء.
والنص بذلك يشير بوضوح إلى الذين يزهدون في جماليات الدنيا دون أن يعملوا، فيأتي من يستغل تلك النقاط ويمتلك القوة.. فالمؤلف لا ينحاز ضد القادم الغريب تلقائيا، بل يدين كسل الكسالى المستَلَبين المتراكمة في أذهانهم أفكار تسببت في هذا الارتكاس، مشيرا إلى الفكر المتطرف (هذا الشعر يجعله دائما محني الرأس ولو تخلص منه سيرفع رأسه ويمتد بصره) والشعر كان رمزاً للرأس (الفكر) كما يدين المستَلِبين حيث إنهم لم يقدموا إلا أطباقا رائعة فارغة..
في المقابل قدم صبحي يوسف كمخرج للمسرحية.. تفسيراً بصرياً راقياً لهذا النص، وإن بدا في تفسيره أكثر انحيازا للمستلبة ثروتهم، مستخدما تمكنه من عناصر العرض المسرحي في تبرير وجهة نظره الإنسانية، فمن حيث المكونات البصرية للعرض لجأ إلى تصميم حركة منطقي بسيط، يعتمد على الأسلوب الطبيعي؛ دون الاختباء وراء تصميم حركي (كريوجرافي) مصطنع تحت مسمى التجريب، يشوش المتلقي، لإخفاء عجز المخرج، واستخدم المرايا المتحركة في جرأة غريبة، تُحسب له، لإيصال معاني العزلة والأنانية؛ حيث يتحدث كل واحد من الشخصيات الأربع المستلبة لنفسه في المرآة، وهو يظن أنه يتحدث للآخرين، وشكلت المرايا المتحركة صعوبة تقنية في التعامل معها، إلا أن المخرج نجح بجدارة في استخدام هذه الأداة الصعبة للغاية على المسرح، والتي طالما هرب المخرجون من مشاكلها، ونالهم بعض من متاعبها في تنفيذ خطة الإضاءة التي اعتمد فيها على جمل لونية بسيطة صريحة، تساهم في الإيحاء بالجو النفسي للحظة، دون فلسفة أو تعقيد، مع استخدام البروجكتور الإلكتروني لإحداث تأثير دوامي في بداية وختام العرض، وإن شاب خطة الإضاءة بعض أخطاء التنفيذ، وعدم دقة التوقيت في دخول المؤثر الضوئي (الأفيه).
وبُني ديكور العرض المسرحي ببساطة متناهية اعتمادًا على التناسق البصر (السمترية) فتقع كتلة الفرن الذي يمثل مصدر الثروة في مركز الرؤية المسرحي، وفي وسط الفرن فتحة تضيؤها مؤثرات ضوئية حمراء ودخان، وأمامها مستوىمسرحي (برتكابل) يتحرك عليه الممثلون، وتنتشر في جوانب المسرح حوامل، تشبه الهوائيات لتصنع مع كتلة الفرن نصف دائرة مركزها مقدمة المسرح، وعمقها فوهة الفرن، وتدار خطة الحركة في إطار النصف دائرة هذه، ولا تخرج من حيزها إلا لضرورة مسرحية في النص؛ مثل خروج أو دخول الشخصيات، وصنعت ملابس الممثلين من الخيش ليؤكد مقولة المؤلف (الزاهدين العابرين في هذه الدنيا الجميلة) والإشارة واضحة، ولتأكيد مفهومه في تفسير النص، استخدم المخرج شريط صوت متنوع من مقاطع سيمفونية، واخرى شرقية، وثالثة من الموسيقى الحديثة، للتعبير عن تنوع الحالة التي يشير إليها الموقف الدرامي، إلا أن ذلك ساهم بعض الشيء في تشويش عملية التلقي بسبب فروق البنية الموسيقية بين الأنماط المستخدمة. وقد التزم الممثلون في عرضهم المسرحي هذا التزاما تاما بأصول المسرح، وتعليمات المخرج، وبذلوا جهدا طيبا، يحمد لهم في تقديم عرض رصين، وإن بدت حاجتهم واضحة لمزيد من التدريب على تقنيات الممثل، حيث فقدوا السيطرة على تناسق الأداء الصوتي بينهم في بعض المواضع، ربما للإجهاد أو التوتر، كما أن أداءهم الحركي في مشهد الرجال الآليين الأخير، شابه الضعف، وعدم التمكن من أدوات التمثيل الصامت (البانتومايم). ويبقى عرض ارتكاس المسرحي علامة فارقة في موسم الجنادرية المسرحي العام الماضي واستحق جائزة الإخراج التي حازها عن جدارة، والتي تؤكد أن عيون القائمين على عروض المسرح في جمعية الثقافة والفنون يقظة، واعية، وأمينة، تبحث عن الجيد والحقيقي في المسرح السعودي بمعايير من ذهب واختيارهم الأمثل للمسرحيات المشاركة في مهرجانات عربية كما هو الحال في مهرجان الأردن المسرحي الثاني عشر.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved