من (حطب الليل) بيان أصيل |
من رائدٍ، فذ، مُربّ جليل |
من (حطب الليل) به حاطب |
جاء.. بسمطٍ بالَّلآي حفيل |
بالمنتقى الوهَّاج من فِكرهِ |
طيَّب ممسانا، وأثرى المقيل |
مِن هدهدات الفجر أطيافهُ |
وسحرهُ من وشوشات الأصيل |
في حُلَّةٍ تزهو بحسن الرُّوا |
بل يشمخُ الجرس بسبك جزيل |
تعددت فيه الرُّؤى، وارتقى |
عن (حطب الليل) الهزيل الهزِيل |
أو (دلو ماءٍ) هزَّها مَاتِحٌ |
لِرَيِّ زَهرِ الأُمنياتِ الخَضِيل |
ما شَرشَرت في مُهجة بالذي |
تحويه إلا صار كالسلسبيل |
له شذاً ينفذُ أنَّى سَرَى |
في كل عقل كشذا الزَّنجبيل |
فجُد من النبع علينا، ولا |
تبخل فما أنت وَرَبِّي البخيل |
من دَلوِ ماءٍ لم تكن كالدِّلا |
والماءُ ماءٌ جاء من غير نِيل |
*** |
أو (دمعة حرَّى) وإن نكِّرت |
قد أصبحت معروفةً بالدَّليل |
لأنها سحَّت على نُخبةٍ |
كان لها في الفكرِ باعٌ طويل |
أو مقعدٌ فوق السُّهى باذِخُ |
يُبصرُهُ الرَّاني على ألفِ ميل |
أو رَاعَهَا فقد امرئ ماجدٍ |
أضاءَ بالحكمةِ جونَ السبيل |
أو أنها الحرَّى على عالمٍ |
ذي بسطةٍ في علمِهِ، أو زَميل |
وليسَ حرُّ الدَّمع يمحُو الأسى |
ولا البُكا الحارقُ يشفي الغليل |
لكنَّها الدَّنيا.. وموتى الوَرَى |
والصَّبرُ عِندَ الخَطبِ يُنسي العَويل |
*** |
يا فارسَ الحرفِ الذي ما التوى |
ولا تصبَّاهُ الغُثا للرَّحيل |
وما ارتمى في وَحل غَمزٍ، ولا |
لمزٍ.. ولا كان الكئيبَ العَلِيل |
ولا سبتهُ ذات خِصر، ولا |
ذاتُ لمى، أو ذات خدّ أسيل |
ولم يُثرثر في هَوَى زينبٍ |
زيفاً.. ولا غنَّى لطرفٍ كحِيل |
ولم يُوظِّفهُ لِما يُستحى |
منهُ.. ولا انساقِ لنشر الغسيل |
بل ظلَّ في إبداعه شامخاً |
بين أولي الرأي شُمُوخ النَّخيل |
*** |
علَّمتنا بالحَرفِ معنى الوَفا |
والصِّدق، والإخلاص يا ليثَ غِيل |
وسيئ الأخلاقِ حَذَّرتنا |
منهُ، ومن كلِّ سلوكٍ رذيل |
وسوف يبقى، سوف يبقى الذي |
أبدعتَ من فِكر لجيل، وجيل |
يهدي الخُطى، يُعلي صُروحَ البنا |
ويُخمدُ استشراءَ قالٍ، وقيل |
وَيَرفَعُ الأخلاقَ في عالمٍ |
مُستوحش.. فيه العزيزُ الذليل |
من جُرفٍ هارٍ إلى آخرٍ |
يمضي، ويهوي في ضياعٍ وبيل |
إلا قليلاً أشغلُوا وقتهُم |
بالطيِّبِ الأنقى، وَنِعمَ القليل |
يا فارس الحرفِ لقد هِمتَ بي |
في خَير روضٍ عَابِقٍ بالخمِيل |
أقطفُ من أزهارهِ تارَةً |
وتارَةً أهنا بظلّ ظليلِ |
وتارةً أصغِي إلى صَادحٍ |
يُساجلُ الوَرقا بأشجى الهدِيل |
فيارَعَاكَ اللهُ من جَهبَذٍ |
ظلَّ بتقديمِ الجميلِ الكفيل |
ولم تزل تُعطي، وتُعطي، وما |
زِلتَ الحكِيمَ النَّدب حَادي الرَّعيل |
ولا نُزكيكَ.. ولكننا |
نَفِي بحقّ لأريبٍ نَبيل |
قدَّم جَهداً رائعاً مُمتِعاً |
ما كَدَّرَ الفُصحى برأيٍ ضئيل |
الشَّيبُ ما زَادكَ إلا بَهاً |
والعُمرُ إلاَّ كُلُّ عِبءٍ ثقِيل |
والجوهرُ الخالِصُ فوقَ الصَّدَا |
والسَّابحُ الحُرُّ يبزُّ الدَّخيل |
والدُّرُّ مِن بَحرِكَ غيرُ الذي |
قد يَحسبُ الغوَّاصُ في الأرخَبِيل |
*** |
إن أنكَرَ الخَلاَّنُ خِلاَّنَهم |
تَظَلُّ في الخِلاَّنِ أوفى خَلِيل |
أو مَالَ عن نهجٍ سويّ هوى |
ذُو منصِبٍ.. كُنتَ الذي لا يَميل |
أو استطَالَ المُمتلِي بالذي |
نَالَ غُروراً.. لَستَ بالمُستطِيل |
أو ضخَّم المَنصِبُ غِرّاً.. فَقَد |
كانَ بِكَ الضَّخمَ، وَأنتَ النَّحيل |
*** |
لو لم تكُن أهلاً، وكُفؤاً لِمَا |
تُشغِلُهُ الآن.. لجاءَ البديل |
وَعِشتَ كالمنسِيِّ في عُزلةٍ |
يكادُ لا يحظى بردِّ الجَميل |
فاسلَم، وَعِش يا أخلصَ الأوفيا |
وَحَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكِيل |