الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 7th June,2004 العدد : 62

الأثنين 19 ,ربيع الثاني 1425

ماذا تريد المرأة؟
بهيجة بهاء عزي*
في تتبع حثيث وقراءة عميقة لتطبيقات نماذج نسائية رائدة في المجتمع الإسلامي الأول وفي غضون بضع سنوات من عمر هذه البشرية فقط تتحول المرأة في ظل الإسلام إلى النموذج العالمي الأول للمرأة المحررة من قيود وأغلال ظلمات أجيال سبقت، لتصبح النموذج الدائم لأجيال لحقت. منذ اللحظات الأولى لإشراق شمس الإسلام ظهرت ملامح التحرير الحقيقي للمرأة منقذاً إياها من جميع أنواع الوأد المادي والمعنوي مطلقاً طاقاتها ومحفزاً فاعليتها لتملأ الدنيا حديثاً والتاريخ أدواراً (ومشاركاً في بناء الأسرة والدولة والأمة والحضارة في سائر ميادين إقامة الدين والدنيا)(1) فأصبح كل ما من شأنه الارتقاء بالأمة لتحقيق سعادة أفرادها هو تحقيق لمقاصد الشرع الحنيف والمرأة شريك فيه لقوله صلى الله عليه وسلم (إنما النساء شقائق الرجال)، ففي عالم المال والأعمال كان من ثمرات هذا النموذج السيدة الأولى خديجة رضي الله عنها وما عرفت به قبل الإسلام وبعده، فاقت الرجال في إدارتها لتجارتها وأموالها والقصة معروفة، وهي التي كانت تلقب بالطاهرة العفيفة وسيدة نساء قريش وأم المؤمنين. وفي إشارة راقية إلى دور المرأة في حياة أعظم وأكمل الرجال، فوالله ما تبوأت امرأة قط مقاماً أعلى من مقام خديجة رضوان الله عليها حتى استحقت أن يحييها ربها بالسلام وهي الراعية الأولى لدعوة الحبيب صلى الله عليه وسلم فنالت شرف انطلاق الدعوة المحمدية من بيتها.
وينطلق هذا النموذج النسائي الرائد بإشراقة أخرى تمثل جيل الشابات في ذلك الزمان، وهي (أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كانت نموذجاً من نماذج هذا التحرير تحمل أمانة سر خطة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة (1هـ 622م) وهي من أخطر التحولات في تاريخ الدعوة والدولة والأمة وتشارك في هذا الحدث العظيم).
(والشفاء بنت عبدالله بن عبد شمس القرشية كانت ثمرة من ثمرات هذا النموذج، ولاها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولاية الحسبة أي وزارة التجارة والأسواق وأوزانها ومعاملاتها تراقب وتحاسب وتفصل بين التجار وأهل السوق من الرجال والنساء).
(وإذا كانت هذه النماذج شاهدة شهادة صدق على نوعية التحرير ونموذجه.. فإن الآفاق الواسعة التي بلغتها موجات هذا التحرير تشهد على عموم النعمة التي تمثلت فيه.. فيوم انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى (11هـ 632م) كان تعداد الأمة التي دخلت الدين الجديد، وانخرطت في رعية الدولة الوليدة 124,000 من المسلمين والمسلمات. وعندما رصد علماء التراجم والطبقات أسماء الأعلام والصفوة والنخبة التي تربت في مدرسة النبوة وتميز عطاؤها في مختلف ميادين العطاء.. رصدوا أسماء نحو ثمانية آلاف من صفوة الصفوة.. فكان من بينهم أكثر من ألف من النساء!.. أي أن التحرير الإسلامي للمرأة قد دفع إلى مراكز الريادة والقيادة أكثر من واحدة من بين كل ثمانية من الصفوة والنخبة إبان ثورة التحرير الإسلامي في أقل من ربع قرن من الزمان! وهي أعلى نسبة للريادات النسائية في أي ثورة من ثورات التحرير أو نهضة من النهضات).
وفي عصرنا الحالي وبالرغم من الإخلال الصريح في التطبيق، (عندما رصد عالم التاريخ والتراجم والطبقات عمر رضا كحالة (13231408هـ، 19051987م) أعلام النساء اللاتي تفوقن وبرزن وتقدمن صفوف الصفوة في تاريخنا الحضاري إذا به يترجم لثلاثة آلاف من أعلام النساء في المحيط العربي وحده وهو محيط لا يمثل إلا خمس أمة الإسلام).
فإن كان للمرأة مطلب فهي لا تريد إلا تطبيقاً لدستور وحي السماء الذي سيحررها من ثقافة أضفى عليها الكذب والنفاق ومصلحة الآخر لباسه فسادت مجتمعنا اليوم، متذرعاً بالحفاظ عليها غافلاً تاريخ أمهاتنا من النساء خديجة وعائشة وفاطمة والركب العظيم.
إن المرأة المسلمة ومطلق المرأة مدعوة اليوم للنظر في هذا النموذج العالمي الذي مارست المرأة المسلمة من خلاله التجارة والسياسة والاجتماع ولنا في الأوليات قدوة، فبالقدر الذي تألقت فيه المرأة اليوم تألقاً علمياً وعملياً بالقدر الذي تفتقر فيه إلى الوعي بثقافة حقوقها الشرعية لتنهض وتساند شقيقها الرجل، لتكون عوناً مكملاً له لحماية الدين والوطن ومشاركاً مع الأمة في بناء الأسرة الإنسانية.
ولنا وقفة أخرى


* الأمينة العامة للهيئة العالمية للمرأة والأسرة المسلمة
عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان


(1) بتصرف: التحرير الإسلامي للمرأة
الرد على شبهات الغلاة. د. محمد عمارة
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
قضايا
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved