الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 7th July,2003 العدد : 19

الأثنين 7 ,جمادى الاولى 1424

الدكتور سعد بن عطية الغامدي
شاعر.. صاحب قضية والتزام ذكريات، ودراسة، وإنصاف

"1"
ذات يوم من أيام شهر ذي القعدة 1412هـ، وبالتحديد يوم السبت 25/11/1412هـ فوجئت، وأنا أتصفح العدد الصادر ذلك اليوم من مجلة "اليمامة" بعنوان ملتهب فاجع..
نصه "من كل ناحية دم"!!
فقلت سريعا بيني وبين نفسي "يا ساتر"!!
وكان العنوان لقصيدة من الشعر الحر.. باسم الدكتور سعد بن عطية الغامدي.. ففتشت في قائمة أسماء الشعراء في ذاكرتي.. فلم أجد هذا الاسم قط!!
ومعنى ذلك أنه لم يسبق لي أن قرأت لشاعر اسمه "سعد بن عطية الغامدي".. فقلت في نفسي:
لا بأس.. لا بأس أن تكون بدايتي مع هذا الشاعر بداية تقطر دما قانيا.. ثم قرأت القصيدة فثار الدم في عروقي، ولكن رغم ذلك.. بل ربما بسبب ذلك قرأتها مرة ثانية..
ثم ثالثة، وأنا في حالة ذهول من روعة القصيدة، وحرارتها، وصدقها، وعنفوانها، وشدة التمكن من ناصية الشعر عند صاحبها.
وذهبت أمعن في لوم نفسي، وتقريعها، والتساؤل معها:
كيف يكون بيننا مثل هذا الشاعر الرائع.. وأنا لا أعرفه، رغم ما يزعمه لي بعض الزملاء، والأصدقاء من دقة متابعة أدبية، وثقافية، وشعرية بصفة خاصة.. خاصة جدا؟!
ولكن دعونا فضلا نعيد قراءة القصيدة بعد أن قرأناها منذ أكثر من "12 عاما" وذلك عبر إعادة نشرها هنا مع مقدمتها الصغيرة.
"حينما لا تقوم راية تلتف حولها الجنود
وتجتمع عليها الأفئدة وتتطلع إليها الأبصار
يتدافع الطامعون ويتفرق الأنصار"
في كل زاوية دم
في كل زاوية من الدنيا دم..
ومذابح.. ومجازر.. وجماجم..
في كل صدر مدفع.. وقذيفة..
في كل وجه ميسم..
ورصاصة في كل قلب تلجم
في كل ثانية تمزق أمة غدرا.. وشعب يظلم
في بوسنيا..
في القدس..
في بورما.. ومهجة آسيا
في الهند..
في كشمير..
في ألبانيا..
في الصين..
في الصومال..
في الأفغان.. يستعر الدم..
في ألف ألف مدينة مقهورة..
حيث الكلام عن المآسي يحرم..
لا الصمت مشروع هناك!!
ولا يحل تكلم
في كل يوم قصة.. وقضية
وحكاية.. ورواية..
اللص.. والسفاح.. والمحتال..
والمجنون.. والمخدور..
فيها المسلم..
***
رخص الدم
رخص الدم..
ان كان ينزفه هنالك مسلم..
رخص الدم..
رخصت دموع اليتم..
يذرفها صبي مسلم
والعفة.. الشرف العظيم.. الطهر
يهتكه لمسلمة..
زنيم مجرم..
رخص الدم..
***
كفَّان تغتالاننا
كف تجفف دمعة حرى!!
وأخرى تلطم!!
ثم وجدت نفسي فجأة أتناول قلمي دون وعي تقريبا وأشرع أكتب.. وأكتب، لا ألوي على شيء حتى وجدت نفسي قد انتهيت من كتابة مقال مطول بجرة قلم واحد، دون أخذ نفس!!
كان المقال عن القصيدة بالطبع، وبعنوانها ذاته، وسرعان ما نشر المقال في العدد التالي من "اليمامة".
ولكن دعوني فضلا أيضا أنقل لكم نص المقال للذكرى.. ثم لتصور حالتي، وانفعالاتي التي أثارتها قصيدة "من كل ناحية دم".
قلت: هيهات أن ينقرض الشعر في جزيرة العرب!!
ينقرض؟
كيف ينقرض، وكل ما مات منا شاعرُ؟ قام شاعر!!
وإنما ذهب من ذهب وأنا منهم إلى التشاؤم لكثرة ما نتجرعه من صحفنا ومجلاتنا.. أو الصحافة جميعها مما يسمونه شعراً، وهو في الحقيقة ليس أكثر من غثاء مقرف، سواء منه ما كان موزونا مقفى.. ثم لا شيء فيه أكثر من الوزن والقافية.. وما بينهما من انكفاءات!! أو ما يسمى الحداثي، وهو ليس أكثر من دلق كلمات!
ولكن الحقيقة هي أننا مازلنا نملك الكثير من "نواصي" الشعر الذي إن غاب في الأفق أحيانا فإنه لا يلبث أن يلوح من خلال سحابة ممطرة.. أو ما يلبث أن تنشق عنه قمم السراة.. أو مرتفعات نجد.. أو سهول الحجاز.. أو أغوار تهامة!!
هكذا أرغمني الشاعر "الشاعر" الدكتور"سعد عطية الغامدي" أن أنظر إلى مستقبل الشعر عندنا بتفاؤل كبير، وذلك من خلال قصيدته "الدامية" المنشورة في مجلة "اليمامة" بتاريخ 25/11/1412هـ، وبعنوان "منشور.. منشور"، وهو عنوان كما ترون ينفض القارىء نفضا، وليس يهزه فحسب!!
ذلك أن ذكر "المنشورات" في دول العالم العربي، والإسلامي يقترن مباشرة ب "الأغلال"، و"البطش"، و"التنكيل" والعياذ بالله!!
"في كل زاويا دم"
ولكن الشاعر لم يكتف بنفض القارىء.. بل هو لا يكاد يفلته حتى ينكأ جراحه، ويثير ألم أوجاعه!!
"في كل زاوية دم"
ذلك هو مطلع القصيدة.. وياله من مطلع!!
+++++++++++++++++++++++++++
البقية في العدد القادم
+++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved