الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 7th July,2003 العدد : 19

الأثنين 7 ,جمادى الاولى 1424

عبدالله الماجد.. هدايا العابرين.. وجمر العارفين..!
ماجد الحجيلان

لكنهم ينتظرون تحسن الظروف والوقت المناسب، إنهم بانتظار شيء ما، الجميع ينتظرون الرجال ينتظرون النساء، والنساء ينتظرن الرجال، الرجل يقول هناك امرأة أخرى في الغيب، والمرأة تقول هناك رجل في السماء القادمة كالطهر أبيض، والحزن ينتظر الفرحين يترصد خطاهم ثم يفجؤهم ويمضي شمتان جذلا، كأنما هو يقتات البؤس طعاماً ويترع كؤوس القهر نبيذاً، هناك في المنعطف أمر ينتظر، وأنت عيناك عينا حزين ذابل، له قلب لم تتسع له الفيافي، سوف يعرفونك يوماً ما، حسناً.. لا تقلق.. هذه الأيام التي تمضي ليست في العد شيئاً إنها مجرد أيام وغيوم، أو شمس حارقة وليل صيفي لافح لاصف، ثم ماذا إنه يوم آخر، وورقة أخرى من الرزنامة على المكتب أو النتيجة، بما أنك نيلي الهوى، انتظر فقط.. سوف يجيء هذا اليوم.. إنه أمر مستقر في الذهن مثل الحقيقة التي يؤمن بها كل عشيق للمطلق والحق والأبد الآبد، مثل السلام الذي يطهون ألف مرة في كمب ديفيد وشرم الشيخ والعقبة وفي كل مكان، احرقوه ألف مرة، وما زال قابلاً لإعادة الطهي، إنه أملك الذي لا يحترق بالناس، سوف يأتي السلام وتتبدل الأحوال وسيجيء التكريم كما سوف ينتصر ابن لادن ويدخل الناس إلى دين الله أفواجا، أو يموتون جميعاً ويعم الرخاء والسلام والطمأنينة والهدوء والاستقرار والثبات في الربوع من جزيرة بالي أو جبال تورا بورا إلى إيفيان الفرنسية أو سياتل الأمريكية.
متدفقاً مثل نهر ومنتثراً مثل مائه على الضفاف كنت يا عبدالله الماجد، وقد شققت الصحراء حتى فضتَ عليها فذهبت تسكب ماءك حيث البساتين، لم تكن تعرف ذاتك حتى يوم كانت يفاعتك الأولى بين عيون الأفلاج الطافحة وأزقة الرياض القديمة، بل إنك لم تجدها حتى وأنت في يفاعتك الثانية تتعرف على الكتاب وتعيش في هموم الصحافيين الكبار وأنت تغمس أصابعك في أحبار صحيفة الرياض وتطمئن عليها قبل أن يؤويك فراش لا يعرف جنبيك حتى يقرأ الناس الصحيفة في الصباح، لم تعرف أنك أنت إلا حينما بدأت رغيبتك الأثيرة في التحقيق والنشر، وأخيراً كما هي عادة الأنهار أن تستريح أو كما تستضيف القاهرة النيل في طريقه نحو البحر حططت الرحال، ممتدا مثل نخلة مهما تسامقت فإنها لا تعرف إلا البلح ثمراً والظل عطاء والكبرياء شموخاً، وأنت تثمر الكتاب وتظلل الأصحاب وتقف صامداً تجاه الريح.
جيوش تتحرك معها حدودها كائنا ينمو.. وأنت يا عبدالله الماجد كتاب يتحرك معه قراؤه أبدي المعاني منفتحاً على التفاسير، أشبهت الكتاب ياعبدالله مليئاً عميقاً وممتعاً مملاً بغير سأم مثله، ثقيلاً على الوقت القصير، خفيفاً على الروح وصاحباً وفياً، منذ رهانك على (مسافر) وحماسك (لشحاتة) بدا أنك لم تكن تاجراً وناشراً قدر ما أنت قارىء مستلهم، وعاشق متيم، وحين حزنتَ على كتاب لم تحزن لفوات ريعه لا زاهداً بما له القليل وربحه النزر، بل لأنك لن تقرأه كما تخيلت أو كما أردت،
أحقاً راهنت على الكتاب يا لفشل الرهان التجاري في عالم يحتاج فيه الواحد إلى ألف سبب لكي يقرأ، كما تطبعون؟ أيها الناشرون العرب بئس المستثمرون أنتم..!
هل نبوءتك الدافنشية الكاشفة قرأت غد هذه الصحراء فمضيت تضرب في الأرض، أم هي روحك الكوزموبوليتانية وزعت هباتك وطافت برؤاك من ليلى إلى القاهرة ومن القاهرة إلى فرانكفورت؟ متطهراً عن عبء الجسد وحمأة الانتماء الجاهل الضيق إنساناً يخاطب الإنسان ولا يخطب فيه، ويحاكم الآراء ولا يحاكم أصحاب الآراء، منتمياً ومتمسكاً بقوة متشبثا بعزم في الوقت الذي ينفض يديه من خطيئة الالتزام وورطة القيود.
هل صوتك الدافئ في ليل إذاعة الرياض.. أم هي كلماتك المليئة العانية أم كتابتك التي لا يستطاع تلخيصها أو مقاربتها، تقليدياً مسالماً وثائراً حليماً على الصغار، لا مثيراً ولا خطيراً وصاخباً بل هادئاً مثل الحلم متسرباً في قارئه مثل الماء.. هذا الينبوع الذي تغرف منه لا ينضب كما نضبت العيون.. بلغة آسرة وحيوية وقادة وموقف ثقافي نقدي سباق ليس لأبناء جيلك الذين قالوا كل شيء في وقت قصير بينما ما يزال لديك كثير لتقول..
كما لو أنك كنت حاضراً دوماً، لم تكن بحاجة إلى أن يدعوك أحد لكتابة أو أن يحرك فيك الجمر الخابئ.. من التنقيب في الكتب والتحقيق في الأسماء التاريخية والآثار والأرض إلى التنقيب في الذاكرة الوفية عن الأصدقاء المنسيين إلى القصص والروايات والقصائد إلى عقيدة القدر المتجلي.. بقيتَ ذلك الموسوعي الباحث والشاعر الرقيق الذي يوزع هداياه على العابرين وجمره على العارفين.
ما أنت برجل إنما أنت كتاب فليتهم يعرفون!
عبدالله الماجد هل قلت كل شيء...؟
ارمِ نظارتيك، وهات صورة جديدة وحدّق فيهم، حتى ينقلب البصر خاسئاً.. وانقش بقلمك الرزين.. وامنح نفسك بعض ما تستحق يا ليوناردو فخذ جهازاً محمولاً هذا الذي يسمونه لابتوب واكتب حيثما كنت مغترباً متجدداً ودعهم يخلقون ديباجتهم.. وزر غباً وأنت المحبوب.
+++++++++++++++++++++++++++
hujailan@hotmail.com
+++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved