الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 07th August,2006 العدد : 165

الأثنين 13 ,رجب 1427

البطحي بعيون باحث أمريكي
دونالد كول: البطحي علامة فارقة ومن الصعب أن تنساه الذاكرة

* القاهرة - عثمان أنور:
البروفيسور دونالد كول أو عبد الله طالب أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والحاصل على رسالة الدكتوراه عن البادية في المملكة العربية السعودية له دراسة هامة وشاملة عن مدينة عنيزة تلك المدينة التي أقام بها المؤرخ والعالم الموسوعي الراحل الدكتور عبد الرحمن البطحي البروفيسور كول أحد الذين التقوا وتعاملوا عن قرب مع الراحل عبد الرحمن البطحي وأفاد من علمه الغزير وثقافته العميقة والمتنوعة في شتى مختلف فروع العلم والمعرفة.... عندما حملت إلى البروفيسور كول خبر وفاة الراحل عبد الرحمن البطحي سرعان ما ظهرت عليه علامات التأثر الشديد وانتابته مشاعر الأسى والحزن لافتقاده رجلا بحجم البطحى وقال عنه كان مفكرا موسوعيا وعلامة بارزة للعلم والفكر وأعطى المملكة ثقلا علميا كبيرا.
(الثقافية) التقت البروفيسور دونالد كول الذي حمل بعد اشهار إسلامه اسم عبد الله طالب في هذا الحوار حيث تحدث عن علاقته بالراحل الكبير عبد الرحمن البطحي وقصة تعارفهما ومدى استفادته من علم البطحي وتقييمه له ولمكانته في المملكة.
* كيف كان اللقاء الأول لك مع الراحل البطحي؟
- تعود معرفتي بالمؤرخ الدكتور عبد الرحمن البطحي إلى أكثر من ثلاثين عاما حينما زرت المملكة العربية السعودية لأول مرة عام 1968 وكنت حينذاك أقوم بإعداد دراسة في العلوم الاجتماعية وكان لي صديق يعمل مدرسا للغة الانجليزية في المملكة هو مستر جيمس الذي كان على علاقة جيدة بالدكتور عبد الرحمن البطحي وقال لي مستر جيمس لا يمكن إتمام دراستك إلا بعد التعرف على الدكتور عبد الرحمن البطحي وذهبت معه إلى عنيزة حيث يقيم وكان البطحي رجلا معروفا في عنيزة والمملكة بأسرها وكان يحيط به دوما أصدقاء كثيرون كانوا يناقشونه في كل شيء ويستفيدون من علمه الغزير في مختلف المعارف والعلوم وذهبنا أنا وصديقي جيمس إليه في منزله واستقبلنا البطحي استقبالا رائعا ثم أخذنا معه إلى مزرعته التي يفضل الجلوس بها وهناك تناقشنا في العديد من الموضوعات مثل التاريخ والفلكلور الإنساني والمجتمع السعودي ووجدته رجلا موسوعيا ومؤرخا حقيقيا ومفكرا راصدا بدقة للمتغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع السعودي كل ذلك في أسلوب بسيط وسهل وسلسي وكنت أشعر وأنا جالس معه أنه المثقف الكبير يجب البحث والدراسة والتعلم ولا يبخل بعلمه على أحد كما أنه كان كريما إلى أقصى حد كما ناقشت معه العديد من القضايا التي كانت تشغل بالي في دراستى الأكاديمية فوجدت لديه علما غزيرا واستفدت منه كثيرا ومنذ هذا اللقاء صرنا أصدقاء وأصبح هو علامة لا ينسى في ذاكرتي وواحدا من علماء عنيزة والمملكة المتميزين وخرجت من هذه الزيارة وأنا أحمل إعجابا كبيرا بهذا الرجل وكنت شغوفا على متابعته بعد ذلك.
* هل قمت بزيارته مرة أخرى؟
- بالفعل قمت بتكرار الزيارة له مرة أخرى ولكن عام 1986 حينما عدت إلى عنيزة وقضيت هناك قرابة شهرين لعمل دراسة عن التغيرات في عنيزة وأصدرت كتابا عن هذه التغيرات بعنوان (عنيزة.... التنمية والتعمير في مدينة نجدية عربية) بالمشاركة مع الدكتورة ثريا التركي وقد استفدت من الدكتور عبد الرحمن البطحي أيما استفادة ففي هذه الزيارة الثانية جلست معه أكثر من مرة وكنت أستمع له وهو يحكي عن التغيرات التي حدثت في عنيزة والقصيم بعد الطفرة النفطية ودهشت عندما وجدته يحدثني في قضايا متخصصة فكانت استفادتي كبيرة من هذا الرجل الذي يلعب دورا كبيرا في النهضة التعليمية بعنيزة والمملكة العربية السعودية وجعل عنيزة ومدن المملكة تحب العلم والتعليم وتقبل عليه. ورغم أنه كان رجلا لا يحب الظهور الإعلامي إلا أن كثير من الأصدقاء والمريدين كانوا يذهبون إليه في عنيزة يلتفون حوله ويستمعون إليه وكان دائما يذهب إلى مزرعته الصغيرة مع أصدقائه ويتناقشون في كل العلوم.. التاريخ والمجتمع والأدب والشعر فأنا اعتبر عبد الرحمن البطحي من الموسوعيين الكبار فهو ضمن قلة من العلماء إذا قابلتهم مرة واحدة من الصعب أن تنساهم الذاكرة.
* ما هي طبيعة وشكل إفادتك من الدكتور الراحل عبد الرحمن البطحي؟
- الاستفادة كبيرة ولا يمكن تلخيصها في مجرد كلمات ففي زيارتي الأولى للمملكة والتي امتدت في الفترة من 1968 إلى 1970 كنت أعد رسالة الدكتوراه عن البادية في المملكة قبيلة المرة نموذجا وأثناء عمل الدراسة ذهبت إلى عنيزة والتقيت الدكتور عبد الرحمن البطحي الذي حدثني كثيرا عن طبيعة البادية والحياة فيها وتقاليد وعادات أهل البادية ووجدته خبيرا في شؤون البادية ولديه معلومات غزيرة وهامة استفدت منها في دراستي ومنذ هذه الزيارة وحفر اسم البطحي في ذهني حتى زرت المملكة للمرة الثانية عام 1986 وذهبت إلى عنيزة لعمل دراسة عنها وكان لابد أيضا من الالتقاء بالدكتور عبد الرحمن البطحي للاستفادة من علمه الغزير وخاصة عن عنيزة موطنه الذي خبره فوجدته مفكرا موسوعيا ولا يبخل بأي معلومة وهذا شأن الكبار لذا أشعر مع رحيل البطحي بالحزن الشديد وأؤكد أن المملكة افتقدت مؤرخا ومفكرا كبيرا بوفاة عبد الرحمن البطحي.
* ما هو تقييمك كعالم اجتماع بارتباط عبد الرحمن البطحي بالمملكة وعنيزة بشكل خاص؟
- عبد الرحمن البطحي من المفكرين الذين يتسمون بتواضع جم وعلم واسع في شتى أنواع المعرفة والفنون وهو رجل ينتمي إلى أرضه وملتزم بعمله وعلمه في خدمة مجتمعه وخدمة الإنسانية فكان محب للأرض والناس من حوله ودائم البحث والدراسة وتوصيل أفكاره ومعلوماته بأسلوب سهل ومبسط لمن حوله وحثهم على العلم والتعليم وتطويع هذا العلم لخدمة مجتمعهم وتحسين صورته في الخارج لأن هناك في الخارج من يتصور أن المملكة مجتمع منغلق وهذه فكرة خاطئة فالمملكة العربية السعودية منفتحه على العلم والثقافة والفكر ووجود رجل مثل عبد الرحمن البطحي يؤكد ذلك كثيرا فالعلماء المثقفون يأتون إليه والاستفادة من علمه وهو أعطى للمملكة ثقلا علميا كبيرا ويعد الدكتور عبد الرحمن البطحي علامة فارقة في مسيرة العلم والثقافة في السعودية ويتوقف عندها الكثير من المفكرين والمثقفين والباحثين فيمد كل منهم ما يفيده في مجاله حيث يتصف البطحي بالمثقف الموسوعي
* وما هي أبرز المتغيرات التي رصدتها في المملكة خاصة في عنيزة في فترة دراستك؟
- رصد المتغيرات الاجتماعية في المملكة يحتاج لدراسة ضخمة وربما أكتفي بالإشارة عن عنيزة فهي تمثل دراسة حالة للتغيرات التي طرأت على مجتمع حضري صغير يقع في الجزء الأوسط من المملكة العربية السعودية وفي عنيزة. تلاشت الفوارق بين الأجيال كما أنها مجتمع منفتح ويتسم بالتعاملات الوطيدة بين البشر وأهلها يتسمون بالحكمة ومن الصعب تصنيف عنيزة طبقا للتصنيفات السائدة في الوقت الحاضر في العلوم الاجتماعية فإذا كان البعض يعتبر الهوية القبلية والتنظيم على أساس قبلي هما السائدان في نجد لدى البدو والسكان والمستقرين على السواء فإن هذا لم يكن حال عنيزة فقد كان الشعور قويا بالانتماء للمجتمع ككل على نحو يتجاوز الانتساب لأسرة أو لعشيرة كذلك لم تكن عنيزة مجتمعا مغلقا اقتصاديا وإنما كانت تقيم علاقات متنوعة مع الإقليم المحيط بها وفيما وراءه وكانت عنيزة تشبه في بعض الجوانب المدينة - الدولة ولكن علينا إلا نبالغ في مدى انطباق هذا الوصف عليها أن أهل عنيزة كانوا يشعرون بارتباطهم مع السكان المقيمين خارج مدينتهم ويتفاعلون معهم على أساس مستمر من الصلات القبلية أو النشاط التجاري كما أن الميل الاستهلاكي ليس صارخا في عنيزة كما هو في المدن الكبرى.
الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved