الكتاب غير المفتوح!! محمد سعيد طيب
|
كان ومازال لدي قناعة راسخة بأن هذا الوطن يملك بجانب ثرواته المادية، ومقدساته الروحية، ثروةلا تنضب.. وهي تلك الثروة المتمثلة في قامات سامقة لإنسانه المعطاء في شتى مجالات العطاء الإنساني فكراً وإبداعاً.
وكنت ومازلت كلما جاء ذكر الأستاذ محمد العلي كأحد أصحاب ذلك العطاء في مجال الفكر والإبداع.. أقف متأملاً بل متألماً.. متسائلاً في حيرة: لماذا يتخذ كثير من تلك الأصوات المتفردة ركناً قصياً في عزلة مجيدة؟ ومازالت عزلة أستاذنا الكبير عبدالله عبدالجبار تشكل لي هاجساً مرعباً.. ويكاد صاحبنا محمد العلي يكون ثاني اثنين إذ هما في تلك الحالة.
تعود معرفتي للأستاذ محمد العلي الذي لم تسعدني الظروف إلا بالالتقاء به لماماً من خلال الوسط الثقافي والاجتماعي الذي يعرفه مواطناً نبيلاً، مسكوناً بحب الوطن، واسع الثقافة، متفتح الذهن رغم أنه لم يكن في يوم ما كتاباً مفتوحاً للجميع.
وتوثقت صلتي به من خلال انتاجه الذي يغلب عليه الجانب الفكري الذي يجمع بين تهويمات الفلاسفة وتجليات المتصوفة في التعامل مع الفكرة بل حتى مع اللغة التي يكاد يجردها أحياناً من رومانسية الشعراء إلى حقائق العلماء كرمز للمعرفة الشاملة.
وقد ظلت كتاباته تحمل الكثير من المضامين الخيرة والقضايا المؤرقة.. مضامين الحرية، والعدالة، والمساواة والنبل، ونبذ الغلو والتعصب.. قضايا الوطن وشؤون الأمة وأماني الناس في عالم يسوده السلام والمحبة.. وكثيراً ما تطالعك في انتاجه ملامح الحاضر العربي المؤلم الذي يبعث إلى الاكتئاب.. وكوارثه التي تقود إلى العدم والتيه والضياع.
إن ما أتيح لي من الاقتراب من مسيرة الأستاذ العلي الفكرية هادياً ومهتدياً وليس مقلداً، من خلال مطالعاتي لانتاجه الثر، لمست فيه ذلك العشق المتأصل للحرية، والتفكير المنطلق دوماً نحو استشراف المستقبل.. ويأتي ذلك العطاء الفياض في إبداع متوهج، وإن كان في مجمله متمرداً قلقاً شحيحاً، ومن الإنصاف فإنني أجد له العذر في ذلك، فكما يقال: إن كل إبداع خروج عن المألوف، وكل خروج عن النص عمل أخلاقي، لأنه عمل من أعمال الشجاعة والوعي، والشعور الجاد بالمسؤولية.
وأخيراً.. ففي رأيي أن الأستاذ العلي نموذج لقيمة فكرية حرة الإرادة، وطلبة الهوى، عربية التطلع، مترعة بقيم ومبادئ الحق والعدالة والتسامح.. فله مني كثير التقدير والإجلال والود.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|