نور عليك محمد العلي علي بافقيه
|
إن أسطورة محمد العلي تكمن في الإضاءة والتكثيف والبحث عن الحقيقة والحدقة الواسعة والقدرة على التجدد والنقد الذاتي. فهو على سبيل المثال في زاويته الصغيرة المكثفة يختصر كثيرا من الصفحات والاوراق والمحابر والادوات العلمية والابداعية، وهو كذلك في محاضراته وكتاباته النقدية وفي إضاءاته الثاقبة.
كاتب ذو عين حاذقة عميقة وضمير حي وثقافة نادرة الحدوث والعمق وطاقة إبداعية خلاَّقة وتاريخ طويل في ساحتنا الثقافية، ورغم كل ذلك لم يتسن لأحد من النقاد ان يتفرغ لدراسة مشروعه العميق المفتوح على المستقبل والذي هو مشروعنا جميعا. هذه حالة تفيض بالمرارة حيث محرقة الصحف والملحقات الادبية تأكل الاخضر واليابس من أفئدة النقاد والباحثين ومن عقولهم وضمائرهم.
هل يكفينا القول بأن محمد العلي الشاعر هو السر الذي يكمن وراء تلك المقالة الابداعية المكثفة الصغيرة المكتنزة الذائعة الصيت والمضيئة بحق في صحفنا المحلية؟ طبعا هذا لا يكفي فهناك ايضا محمد العلي المفكر الانساني وهناك الباحث عن الحقيقة والقابض على الجمر. ان محمد العلي من كبار رواد التنوير في بلادنا أولئك الذين لاقوا عنتا وقبضوا على الجمر في سبيل بحثهم عن الحقيقة والضوء والخير والجمال من محمد حسن عواد وأحمد السباعي الى عبد الكريم الجهيمان وغازي القصيبي.
ومحمد العلي علاوة على ذلك هو رائد قصيدة التفعيلة «الجديدة» اذا صح لنا ان نسميها الجديدة او «الحديثة» وأعني هنا تلك القصيدة التي تبلورت في المملكة اوائل السبيعينات الميلادية ومنتصفها، حيث برزت قصائد محمد العلي مثل «لا ماء في الماء». و«آهٍ.. متى أتغزل» و«أم غوران» وغيرها.
في ذلك الوقت الذي بدأت تبرعم فيه قصيدة تفعيلية انزاحت تماما عن المباشرة والتقريرية وأثمرت لغة شعرية جديرة وقيم جمالية جديدة كان محمد العلي الشاعر والانسان و«الناقد الابداعي» الاب الحميم لجيل من الشعراء والكتَّاب منذ اوائل السبعينات.
انه الرجل صاحب القنديل
كلماته اشبه ما تكون ببقع الضوء
يلمس المحبرة فتضيء.
ويتخذ الزاوية فتلمع
وماذا يستطيع احدنا ان يقول في هذه العجالة؟
ما الذي سوف يبقى ايها الاصدقاء؟ ماذا نريد؟
إنَّا نريد الوجوه التي كان آباؤنا.
يبذرون على الموج
أسماءنا
أن نسير على الارض دون انحناءْ
وها انت كالحزن تنداح
تنداح دون انتهاءْ
وبيني وبينك هذا الضباب الجميلْ
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|