Culture Magazine Monday  09/04/2007 G Issue 194
تشكيل
الأثنين 21 ,ربيع الاول 1428   العدد  194
 

رغم تلقِّيه إشادات النقَّاد العرب
النحّات الثقفي: تجربتنا في النحت لم تتضح ملامحها وما زلنا نخطو الخطوة الأولى
إعداد : محمد المنيف

 

 

حينما نقول إنّ الأرض الخصبة لا تنتج إلا النبات المثمر النظر، فإننا نعني بها الأرض التشكيلية التي تمثلها الساحة بكل أجيالها، مع ما يمكن التوقُّف عنده باحترام وتقدير واعتزاز، لما نرى من أسماء مبدعين شباب جمعوا بين خبرات السابقين وملامح الجديد في فن هذا العصر الديناميكي الحركة، واليوم يسعدنا أن نقدم نجماً حقق الكثير من الحضور وكسب الكثير من الإعجاب، ونافس في ساحة كثر فيها المنافسون مع أنّ المتميزين فيها قلّة، وهذا ما يجعل هذه الأسماء الشابة بما تمتلكه من قدرات فنية تقنية فإنّ لها من الثقافة أيضاً نصيباً أكبر، وبذلك أصبحت أعمالها جامعة للأضلاع الثلاثة الثقافة والفكرة وامتلاك أدوات التنفيذ وترويضها.

الفنان محمد الثقفي شاب يمارس النحت كونه الوسيلة التي من خلالها يعبِّر عن مشاعره دخل الساحة، مع أنّ فيها الكثير من النحاتين منهم من يعي ما يقوم به ومنهم من وجد فيها وسيلة للتواجد والشهرة .. ويأتي الثقفي من الفئة الأولى فهو فنان شاب يمتلك الطموح ولديه بصر وبصيرة مكّنته من فهم كيفية تحويل الكتلة إلى شكل يجبرك على أن تصفق له.

ميل للنحت

* وحول الفنان وتجربته سألناه عن اختياره النحت في الوقت الذي تجد فيه اللوحة أكثر رواجاً وكثافة في المعارض؟

- فأجاب: ان اختياري للنحت لم يكن عن طريق الصدفة أو لتلبية احتياجات المعارض والعرض والطلب، ولكنه وسيلة تعبير صادقة وجدت فيها ذاتي أكثر من غيرها من وسائط التعبير الفنية الأخرى، ولقد جاء اختياري لها بعد ممارسة العمل التشكيلي المسطح وشبه المجسم .... حتى توصلت إلى بغيتي وما يمثل إحساسي في الأعمال النحتية.

.. تلك الإجابة تدفعنا للتساؤل عن رأي الفنان الثقفي فيما قاله النحات الإيطالي الذي زار المملكة قبل عام أن ليس هناك نحت في المملكة رغم جولته وزيارته لعدد من النحاتين وتقديمه ورشة عمل بقسم التربية الفنية ... أجاب:

أولاً وبشكل عام بالنسبة لورشة العمل التي أقيمت بقسم التربية الفنية فهي وأمثالها في جميع التخصصات التشكيلية مطلب حقيقي من جميع مؤسساتنا الأكاديمية والثقافية التي تعنى بالتشكيل، فهي تختصر مسافات على الفنان السعودي في معرفة كل ما هو جديد في الساحة التشكيلية العالمية والاطلاع على التجارب التشكيلية الجادة عالمياً التي تستحق الإفادة منها .... ولعل مثل هذه الورش تكون من أول اهتمامات جمعية التشكيليين السعوديين بإذن الله.

أما بالنسبة لوجهة نظر النحات الإيطالي التي ذكر فيها أنه ليس هناك نحت في المملكة، فأنا أستغرب من ردة الفعل الغاضبة التي أثيرت حولها، فهي وجهة نظر أتفق معه فيها إلى حد ما، فعلى كل المقاييس الفنية والتاريخية وحتى الشخصية للفنانين لا يمكن لفنان عاش وسط بيئة نحتية كإيطاليا ومنحوتات عمرها آلاف السنين وفنانين أخذوا الرياده في هذا المجال وما زالوا، أن يرى ما يمارس في السعودية من بدايات وجهود فردية أنه نحت، فتلك هي الحقيقة اذ لم تتضح ملامح النحت عندنا وما زلنا نخطو الخطوة الأولى ولم نتجاوزها في هذا المجال، ويكفي أن تنظر إلى عدد من تستطيع أن تطلق عليهم مسمى فنان نحت حقيقي، فهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة, وما هي إمكاناتهم النحتية والثقافية التي تؤهلهم للاعتراف بهم كحركة نحتية تضع بصمتها على الخارطة العالمية أو حتى العربية في هذا المجال؟

إجابة تؤكد الثقة بالنفس

إجابة الفنان الثقفي السابقة تدل على الثقة بالنفس والقناعة بالواقع مع ما يسعى إليه مع زملائه الشباب من جهود لتحقيق منتج في مجال النحت يحسب للساحة المحلية .. هذه الإجابة من فنان شاب مبدع شهد له بالتميز من نقاد عرب يقلب الطاولة أمام من يدعي الكمال.

* نعود للفنان الثقفي لنكمل الحوار بسؤال عن تميز أعماله على مستوى المملكة بتوظيف خامات أخرى في العمل دون الإخلال بهوية النحت كيف كانت التجربة؟

- ليجيب على السؤال بأنه ينظر في تعامله مع الخامات وتوظيفها في أعماله على أنها وسائط مختلفة أعايش بينها لتصل إلى الفكرة التي يقوم عليها العمل، فهي جميعاً تتحد لخدمة الفكرة، والنحت ليس حكراً على خامة أو وسيط معين، وإنّما الفنان يدخل ما يرى أنه يخدم عمله ويضيف إليه دون إسفاف أو إقحام يشوه وينتقص من العمل...

تفادي التجسيد

بالتركيز على الشكل

* سألنا الفنان الثقفي عن أن النحت المحلي يعتمد على الشكل واستنباط ملامح الجمال أكثر من التركيز على الموضوع لئلا يلامس الفنان الجوانب المحظورة كالتجسيد, ما هي مصادر إلهامك وكيف تجاوزت هذه القضية؟

- اجاب: بالنسبة لمصدر الإلهام في أعمالي فأنا مشغول بالإنسان وقضاياه الفكرية والنفسية والثنائية التي تبدأ بالرجل والمرأة ... و حتى الحياة والموت.

أما عن تجاوز المحظور في التجسيد فتعاملي مع الموضوعات بشكل رمزي واعتمادي على جوهر الأشكال أكثر من مظهرها، حتى أن تعاملي مع أعمالي يكون بتلخيص واختزال الشكل والإبقاء على روحه ومضمونه.

تجاوز التكنيك إلى الفكرة

* قلنا للفنان الثقفي إنذ النحت كما نعلم لا يتوقف على خامة معيّنة وسألناه عن تجاربه وهل الفكرة تحدد الخامة أم العكس؟

- فأجاب ان النحت فعل ثقافي تشكيلي يعتمد على المحمول الفكري للفنان ويجمع بين الثقافة والفكر والإحساس ويصاغ بتقنية وحرفية في التعامل مع الخامة أي أنه ليس كما نراه عند بعض الفنانين يعتمد على التكنيك أو الحرفة فقط دونما أي فكر أو رسالة يحملها في طياته، ومن هذا المنطلق يكون تعاملي مع أعمالي فإن الخامة التي أتعامل معها لا تتعدى أن تكون وسيطاً أعبر به عن فكرة العمل ....

أما عن هل الفكرة تحدد الخامة أم العكس فإني أطوع الخامة للفكرة فأنا وفكرتي لسنا أسيرين للخامة, وعادة ما أبدأ الموضوع بتخطيط (إسكتش) مسبق وتصور واضح عن العمل .... وبصراحة أستاء كثيراً لما أسمعه من بعض النحاتين الذين يذكرون أنهم يبدؤون دون أدنى فكرة ويقعون تحت سيطرة الخامة حتى أنهم يصفون عملهم بأنها تحفة جماليه؟.

النحت وتجميل الطائف

* بما أن الطائف عروس المصايف فأين إبداع فنانيها والثقفي أحدهم عن تجميلها وتجربة جدة القريبة منهم في تجميل الكورنيش بالمنحوتات تجربة ناجحة .. هذا السؤال تلقينا إجابته على النحو التالي:

- بالنسبة للطائف فهي مدينة تملك مقومات الجمال والإبداع إلا أن تقدير الأعمال الفنية الحقيقة بها لا يزال بحاجة إلى وقت لإقناع القائمين على المؤسسات الحكومية بهذا النوع من الفن، فوعي أمانة جدة (في فترة من الفترات) بقيم الجمال هو الذي جعل منها متحفاً مفتوحاً ... وهذا ما نتمناه من بلدية الطائف أن تكون على نفس الدرجة من الوعي الذي كانت عليه أمانة جدة ... مع أن هناك تجارب سابقة لفتح الباب في هذا المجال ولكنها قوبلت بالتهميش والتسويف وهي تجربة الفنان فيصل الخديدي عندما تقدم بإهداء عملين أحدهما ليعمل جدارية والآخر مجسم، ولكن مع الآسف قوبل بالركن في الأدراج منذ أربع سنوات تقريباً وما زال ... فكيف نعقد الرجاء والأمل على جهة لم تقدر حتى الأعمال المهداة؟.

***

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6461» ثم أرسلها إلى الكود 82244

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة