الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 9th June,2003 العدد : 15

الأثنين 9 ,ربيع الثاني 1424

سعد البواردي
لـ المجلة (الثقافية)(2/1)
من الضروري أن تكون هناك صيغ تكاملية بين الإعلام والثقافة
هناك ترابط عضوي بين التربية والتعليم وثقافة المجتمع
* حوار عبدالحفيظ الشمري:
الشاعر سعد بن عبدالرحمن البواردي قامة أدبية مديدة.. أسهم هذا الشاعر في بناء مشهدنا الأدبي من خلال جملة من الإصدارات الشعرية والأدبية حيث لمع اسم الشاعر البواردي في مجالات الثقافة وعرف على مستوى الوطن العربي.. الشاعر سعد البواردي ظل ولأكثر من خمسة عقود وفياً للشعر مخلصاً للكلمة واعياً لكل المستجدات والتحولات الإنسانية ليواصل عطاؤه من خلال عدد من الإدارات الحكومية خدمة للمجتمع ولم يبتعد الشاعر عن همه الإبداعي إذ أسهم وفي أكثر من مناسبة في تقديم تجربته الشعرية منبرياً؛ كما تم استضافته في أكثر من نشاط ثقافي؛ وها نحن اليوم عبر "مجلة الجزيرة الثقافية" نحاور الشاعر الأستاذ سعد بن عبدالرحمن البواردي حول جملة من الهموم الأدبية والمستجدات الثقافية ليأتي حوارنا معه على هذا النحو:
* أستاذ سعد ما رأيكم بداية في تحول المشهد الثقافي إلى وزارة للثقافة والإعلام؟ وكيف ترون هذه الخطوة حالياً؟
أولاً أنا كمواطن أحسُّ بأن للمواطن صوتاً لأنه جزء من وطنه وحينما يطرح أي مواطن رأيه فإنما هو يعرضه ولا يفرضه. كل هذا ينطلق من الرغبة في أن تكون خطواتنا خطوات جسورة وخطوات موفقة وأشعر بشيء من الرضا فيما طرأ بالنسبة للتشكيل الوزاري الجديد وباعتباري أحد الذين ينتمون إلى الثقافة.. والثقافة طبعاً هي الوجه الحي للحياة بل المحرك الديناميكي للحياة لأن المثقف هو الذي يملك القدرة على استشراق المستقبل ان كان على المستوى الإعلامي أو العلمي أو التعليمي وبالتالي فإن ما أردت أن أطرحه فيما يخص الثقافة في تصوري أن الثقافة هي أم الإعلام وأم العلوم لأنه لا ثقافة لإعلام دون ثقافة ولا ثقافة لمتعلم بدون ثقافة وبالتالي فإن ما أرجوه أن تكون وزارة الثقافة والإعلام.. أعلام ثقافة وثقافة إعلام.
وأيضاً بالنسبة لوزارة المعارف أُبدلت المسمى إلى وزارة التربية والتعليم وهذا شيء جيد وأعتقد أن التغيير في الأسماء لوحدها لا يكفي يجب إذن أن نأخذ مفهوم التربية والتعليم من خلال التطوير المنهجي ومن خلال التغيير في برامج التعليم ومن خلال بناء جيل مثقف واع يأخذ بأصول وقواعد التربية والتعليم وأيضاً أن تبني الوزارة جيلاً من المدرسين يلمون إلماماً كافياً بالتربية وبجميع ما يتعلق بالشؤون التعليمية من خلال دراسة متطورة تحاكي العالم ذلك لأننا نعيش عصر المتغيرات وعصر العولمة والعصر العلمي ويجب أيضاً أن نعطي جرعة كافية لأساليب التربية وهي أساس التعلم ومن خلال تغيير المناهج التعليمية التي لها فيما أعرف كثير من السنوات لم يطرأ عليها التغيير الكافي وأيضاً بالنسبة للجامعات يجب أن تكون لها استقلالية وأن تأخذ هذه الجامعات بالمنهج العلمي الراقي.
* أستاذ سعد كيف نربط بين وزارة التربية والتعليم حديثاً وبين الثقافة؟ وهل يعني هذا أننا نبني مثقفاً جديداً من خلال هذا التغيير؟
هناك ترابط عضوي بين التربية والتعليم والثقافة، الثقافة هي خط واحد من هذه الخطوط التي تشيع الروح الثقافية ويتولاها والتعليم أيضاً هو نفسه الجانب الآخر الذي يعطيها فسحة واسعة للتوجه الحياتي بمعنى الثقافة هي البذرة التي يقوم عليها تشكيل عقلية الشاب أو التلميذ الصغير وحينما يكبر يتجه اتجاها علمياً ومعه رافد ثقافي يصقله ويساعده في اختيار النهج الذي يريده. إذن ليس هنالك تعارض أبداً بين أن تكون ثقافته من خلال منبر الثقافة والتعليم والتربية أيضاً وكلاهما مثلث يبني هرماً لبناء العقل الإنساني وبالتالي حينما نتملك ناصية الثقافة وناصية التعليم وناصية التوجيه والتوجيه في غاية الأهمية حيث يبدأ حتى من البيت ولا تنسى دور البيت ودور المجتمع في تشكيل ثقافة الطفل وسلوك الطفل وهذه العناصر الثلاثة متى ما تملكناها بحزم وبتوجيه سليم نستطيع أن نبني جيلاً جديداً قادراً مصارعة الحياة والوقوف كسد منيع أمام أي ثغرات قد توجه إلينا.
* أستاذ سعد لو طلب منك بعض الأفكار ما هي أول فكرة تتبادر إلى ذهنك في وزارة الثقافة الجديدة؟ وما الذي يخطر على بالك الآن هل هي الناحية الأدبية هل ستتحدث عن الشعر والشعراء أم ستذهب إلى الفكر أم إلى أي "شيء" ربما تراه يعالج الخطة الأولى لتشكيل هذا القطاع الهام..؟
هناك شيء اسمه الاستعداد الفطري يولد مع الطفل هذا الطفل لديه طاقة، لديه ملكة معينة، تولد وتنمو وتكبر معه وتبرز للعيان وهو في صفوفه الأولى الابتدائية أو في المتوسطة هذه الملكة يجب ألاّ تصدم وإنما تغذي وتنمي حينما يأتي مثلاً أستاذ أو مدير مدرسة يجب أن يدرك أن لديه طالبا أو مجموعة طلبة لديهم الرغبة والموهبة والملكة ليكونوا شعراء أو أدباء أو حتى نزعة علمية للكمبيوتر هؤلاء يجب أن تحتضنهم المدرسة وحينما يصلوا إلى مرتبة معينة تكون مجموعة من المدارس استطاعت أن تصفي هذه النوعية وتشكل لهم فصولاً تتفق مع ميولهم وبالتالي أشبه ما تكون هذه الفصول فصول الموهوبين المميزين بملكات وقدرات معينة وبالتالي ستكون لدينا فصول للموهوبين على المستوى الفكري أو الإعلامي أو العلمي وبالتالي تحتضنهم الجامعات وتخلق وتنمي وتقوي وتدفع فيهم هذه الروح وقد نجد بين أيدينا بعد عشرات السنوات العلماء لأننا نحتاج أكثر إلى العلماء الذين يبتكرون ويفكرون إلى من يصنع ويُصنع والاستعداد الفكري لديهم مثل الشجرة يجب أن نرعاها ونقلِّب غصونها حتى تكبر وتنمو لتعطينا الثمر. ولكن أخطر ما لدينا في مناهجنا أننا نعمد إلى المواد التلقينية ونعمد إلى حشر الطالب في فصوله الأولى بعشرات المواد التي لا يقوى على حملها ظهره ثم نطالبه بأن يكون متميزاً وهذه الملكة استطعنا أن نوزعها وأن نقتلها وفي تصوري أننا لا نستطيع أن نصنع رجال المستقبل إلا عندما نتلمس مواهبهم ونخفف من ضغط المواد الأخرى ونكثف لهم المادة التي يستجيبون لها وبالتالي نستطيع أن نبرزهم.
* أستاذ سعد كيف نقدمهم للمشهد الثقافي؟ أهو من خلال هذه الوزارة؟ أم من خلال قنوات أخرى..؟
قل كيف نقدمهم للمشهد الحياتي. نحن الآن لا نتكلم عن الثقافة. صحيح الثقافة هي وعي فكري يتشرف بها الحياة والحركة التاريخية ولكن نحن نريد أن نأخذ الآن مجرى حياتي لأن الثقافة جزء لا يتجزأ من الحياة. أنا أبحث عن الطالب الموهوب الذي لديه ملكة الابتكار ولا أقول له تعال ادرس الثقافة أي ثقافة الأدب وادرس التاريخ وادرس الشعر أبداً هذا غير صحيح وعندما أشعر أنه توجه تلقائياً بحكم ملكته ليبتكر ولديه القدرة على الابتكار والصنع أقول له أترك كل الأشياء ليتجه لابتكاره ولا يمكن أن أحوِّل الطبيب إلى مدير إداري ولا أحول خريج الحقوق إلى وزارة تختلف عن ملكاته ويجب أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب. بمعنى أوضح يجب أن نستشف من الطالب نزعته وموهبته وننميها وألا نحشر وندخل عليه مواد تؤثر في تحديد موهبته وانطلاقته وتؤثر على سيره وبالتالي نستطيع عندما نعطي لكل صاحب ملكة طريقاً مفتوحاً غير مسدود لكي نسهل لها سرعة الوصول لأهدافنا وسرعة الوصول لكي تعطينا نتيجة عملها.
* أستاذ سعد معنى هذا أنك تضع الأدب والشعر في مكانة متأخرة جداً؟
هذا غير صحيح يا أخي الكريم الأدب والشعر والقصة والمقالة هذا منبر واحد من منابر الحياة.
* لكنك رفضتها الآن.. لماذا؟!
أنا لم أرفضها بها ولم أقلل من قيمتها ولكننا نحتاج يا أخي إلى الأهم منها أنا لا أقول لا يوجد بلد في العالم كل ما فيها شعراء ولا بلد كل ما فيها علماء. الأدب يؤدي رسالة إن على مستوى المجتمع أو مناقشة القضايا الإنسانية أو مناقشة القضايا القومية الطرح الإنساني والفلسفة الإنسانية هذه قضايا أدبية.
ولكن من جانب الحياة لدينا جوانب كثيرة أخرى نحن نريد أن ننشئ وطناً متكاملاً العالم فيه وأقول العالم بمعنى ومفهوم كلمة العالم الطبيب فيه والإداري فيه والمحامي فيه والمهندس الزراعي فيه حتى العالم الفلكي أو العالم الإلكتروني موجود فيه والأدب هو رافد يسند هذه الأشياء ولكنه يختصرها. الأدب يا عزيزي هو صوت حياة وهؤلاء هم صناع الحياة كلهم طبعاً يأخذون خطاً متوازياً متكاملاً يلتقون عند نقطة واحدة وهي بناء الوطن لا أحد يقلل من قيمة الأدب ولا من قيمة الفكر ولكن ليس بالأدب وحده نستطيع أن نأكل عيشاً هذه قضية مطلقة ونحن محتاجون يا عزيزي إلى عناصر ومقومات علمية وتعليمية وإعلامية وأدبية وصناعية وفكرية كلها مترابطة مع بعضها كلها خطوط متقاطعة تشكل هرما واحدا ألا وهو هرم بناء الحياة.
* الأستاذ سعد هل تتوقع من خلال ما ذكرته سلفاً أنك تخليت عن الشعر إلى ما بعد أو لما هو أهم من الشعر بمعنى هل أسكتَّ جوارحك الشعرية؟
يا أخي الكريم قبل كل شيء الشعر هو شعور ومشاعر تطرح من خلال أبيات قد يؤديها ويقوم بها أي إنسان عادي، صحيح أن الشعر الآن قد يكون هو الخطاب الإعلامي الأكثر تأثيراً وربما يكون أكثر تأثيراً من القصة ومن الرواية لأنه يملك المخاطبة والمواجهة الفورية وقد يكون أيضاً يعطي أكثر إذا ما كان صادقاً وإذا ما كان معبراً يعطي إحساساً بطرح القضية ولكن الشعر يا عزيزي الكريم أقولها بكل مرارة وبكل صدق الأدب الجيد لدينا يتآكل والفكر الجيد لدينا يتآكل لسبب بسيط لأن الثقافة لدينا لا أقول معدومة ولكنها قاصرة جداً لا أحد يا أخي يهتم بالكلمة المعبرة ولا أحد يهتم بالقصيدة المعبرة ولا أحد يهتم بالقصة المعبرة.
دعني أقول لك لو أن منتدى ثقافياً دعي إليه أكبر شاعر أو أعظم فيلسوف أو أشهر مؤرخ وأعلن عنه حتماً فستجد أن الحضور لا يتجاوزون العشرين أو الثلاثين شخصاً.
ولو أن هذا الإعلان الذي نشر لهذا الكاتب أو ذاك المؤرخ ذلك الفيلسوف قال: وبعد إلقاء المحاضرة ستأتي وصلات أو غنائية لامتلأت الصالة وربما امتلأت سلالم القاعة وربما عند الأبواب هذه هي القضية فالأدب الجاد غير مقروء يا سيدي الكريم حينما يصدر ديوان أو كتاب له روح ومعبر ويفيض بالإنسانية ويفيض بالصدق تجده متروكا في مكتبة معينة يأخذ فيها ثلاث أو أربع سنوات وربما يلحق بصاحبه الخسارة المادية ولكن لو تناول سعد قصة هذا أو ذاك المطرب أو لاعب الكرة الفلاني مع مجموعة من الصور الملونة ومع غلاف جميل لاستطاع سعد أن يطبع ما يقارب عشر الطبعات خلال سنة أو سنتين. المشكلة لدينا مشكلة المتلقي الآن العقلية تشكلت بشكل مفاجئ يعني للأسف جاءتنا الآن متغيرات الحياة بشكل مفاجئ لم نكن مهيئين لها ذهنياً ولم نكن مهيئين لها نفسياً.
* كيف تصنف الشعر السعودي وأنت من الجيل القوي الذي أثَّر في المشهد الثقافي والمشهد الشعري لدينا فما تصنيفك لتجربتنا الشعرية المحلية في ظل هذه التغيرات والأحداث؟
صدقني إذا قلت لك إن بلدنا بخير بكل صراحة لدينا بالمملكة ملكات شعرية إن على مستوى الجيل الأول أو على مستوى الجيل المخضرم أو على مستوى الشباب وبالتالي ربما أسس الشعر لدينا مترابطة يعني منتظمة فأخذت الأجيال الثلاثة طبعاً دون أن تنقطع ودون أن تهتز ولكن مع هذا كله يا سيدي الكريم أصبحنا الآن وبحكم المتغيرات عرضة لبعض التأثيرات وعندما أقول ذلك أعني أن التأثيرات هي ما أخذناها من مسمى الحداثة الذي استطاع أن يؤثر على المجرى الواقعي للشعر. هناك عاملا اثنان وفي تصوري حتى من انطلاقة الشعر لدينا وان كانت انطلاقتنا عندنا ما زالت مأمولة.
أولاً: ما نسميهم بشعراء الحداثة أو بمعنى أصح حداثة الحداثة ليس حكاية النثر فقط وإنما النثر الغامض الذي لا يقرأ والذي هو أشبه بالطلاسم. فالشاعر نفسه لا يستطيع أن يفهم ما يقول تجد دواوين تقرأها وتحتاج إلى من يترجمها لك هي بالعربية وتحتاج إلى من يترجم العربية لكي تفهمها، وهؤلاء أخذوا خطاً وكان في مقدورهم أو في مقدور البعض أن يعطوا في إطار الشعر المفهوم.
الأمر الآخر الشعر الشعبي الذي اقتحم هذه المساحة بشكل غريب وشكل عاصف إلى درجة أن هنالك الآن مجلات وصفحات وصحفا ومنتديات تعنى به وأنا لا أعترض على الشعر الشعبي من حيث هو شعر شعبي معبر عن شريحة من المجتمع وأؤكد لك أيضاً أنني أحب الشعر الشعبي من خلال بعض قراءاتي لبعض الشعراء مثلاً الأمير خالد الفيصل والأمير عبدالرحمن بن مساعد هذا يقرأ لهما قصائد بالشعر الشعبي ونجد فيه الصورة الجمالية الواضحة والفكرة فيها جميلة والطرح فيها جميل فشاعرية الأمير خالد الفيصل رومانسية وشاعرية الأمير عبدالرحمن واقعية إذن هذا ذو طابع جميل جداً يعني من الجانب الآخر انه مرادف للشعر العربي الفصيح إذن لا اعتراض على الشعر الشعبي متى توفرت له خصائص الفكرة والمضمون.

+++
يتبع

+++
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved