Culture Magazine Monday  09/07/2007 G Issue 206
الملف
الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1428   العدد  206
 

يا علي منذ ثلاثين عاماً ونحن نركض إلى ضوء غامض في أفق بعيد، وفي كل مرة كنت تتركني وتتخذ طريقاً لا أقرّك عليه، وحين ترتفع الرايات ويدعي كل منا الوصول إلى غايته، تؤكد أنني دخلت من الباب الخطأ، وتجعل من عنادك شاهداً على قبر أحلامي.. ثم ندخل من جديد في محاولات ترتيب ذواتنا لمسيرة جديدة واختلاف جديد على الطريق إلى ذلك الغامض البعيد.

يا علي

حين جمع بيننا الحرف دخلت وإياك في شراكة الجبال التي ...>>>...

فقد الأحباب والأصدقاء مصيبة، لكن الأهول منها أن يأتي الموت فجأة دون مقدمات، وفي لحظة مشؤومة غادرنا إلى رحاب الله صديق وزميل عزيز هو الأستاذ الأديب الشاعر علي آل عمر عسيري، كان زميلاً لنا في النادي الأدبي منذ تأسيسه وهو في باكورة شبابه؛ موهوبا، طموحاً ساعدني كثيراً على مدى ستة عشر عاماً مع زملائه في ترسيخ النادي وتطويره وبنائه حتى غادرنا بطوعه واختياره إيثاراً منه لغيره من المبدعين ليحل ...>>>...

** ليس ملف وفاء هذه المرة، بل ملف رثاء..

** لم يكن (علي آل عمر) ضمن الأسماء المجدولة هذا العام أو حتى العام القادم وما يليه؛ فلم يكن الأسنّ حتى نتعجل، ونسينا أن (اليوم ) يجيء أيضاً لمن تمهل؛ فالموت ساعة لا تعرف التوقيت، وأمامها يتوارى كل شيء إلا عملاً سبق, وصدقةً تلحق، وذكراً يتدفق...

** هذا ما بقي من علي آل عمر - رحمه الله -.

***

سيرة

الاسم: علي بن أحمد آل عمر عسيري

الميلاد: أبها ...>>>...

لا زلتُ أنبضُ بالذاكرة العتيقة حينما دلفتُ إلى مكتبك بمبنى نادي أبها الأدبي القديم ذات مساء من صيف عام 1401هـ وأنا المتدثر بأمل الشباب والمحاولات الأولى في عالم الشعر.

أختزل صور اللقاء الأول، والخطوة الأولى، والكلمات المتقاطعة بين الأمل والرجاء.. واليأس والخوف.. والاحتواء والهدف، أنشد ساعتها من يضعني على الطريق ومن يؤكد لي صيغة الكتابة الشعرية واللغة المحلّقة.

رحمك الله يا أبا عبدالرحمن.. كانت ...>>>...

عرفت علي آل عمر عسيري نصا أكثر منه شخصاً، فسأنطلق من نصه لقراءة شخصه.

كنت وأنا أقرأ المجموع الشعري لعلي آل عمر الذي أصدره نادي أبها الأدبي أتحرك في القراءة وفي ذهني موضوع (هواجس الموت في شعره) لكنني تفاجأت أن قصائده ملأى بالحياة، وأن أغلب قصائده مبتهجة، تتصارع مع الحياة في شجاعة، تجوب الأحداث بدءا من قرية (الشبارقة التي غنى لها وعنها نصوصا مثل)، (أسئلة الوجه الحنطي)، ونص (لافتة) التي ...>>>...

التقيته مرّة واحدة في لقاء مفعم بالثقافة والهموم، قرأت في حديثه اعتزازاً ببداياته، وفي كلماته اعتداداً بالمكان وأهله، التقيته في فندق البحيرة بعد أن قدّم (محمود تراوري) ورقة مهمّة عن الأندية الأدبيّة، كان المقدّم لتلك الليلة مدير الأندية الأدبيّة الحالي الأستاذ: عبدالله الأفندي، كان (علي آل عمر) فخوراً في حديثه بأمجاد النادي التي ذكر منها شرف البروز للدكتور: سعيد السريحي وأن حضوره ...>>>...

.. أحدثكم أيها الأصدقاء عن صوت فكري وتاريخي وتربوي وأدبي (مختلف)..!

.. شق طريقه في ميادين العلم والأدب وهو هكذا مثقلاً بالعصامية والصبر والكفاح على مدار أربعين عاماً وتزيد..

.. سجل خلال مسيرته الحافلة بالفعل والعمل الأدبي (الناضج) مساحة كبرى من الثراء والتجارب والمعرفة..

.. هذا الصوت الفكري المدهش.. يودعنا اليوم إلى مثواه الأخير وسط حالات من الحزن والألم والدموع التي خيمت في فضاءات ...>>>...

أستطيع أن أقرر- في البدء - بأنّ ما أكتبه -هنا- ليس عملا نقديا متكاملا من حيث المنهج ، والعمق، وإنما هو حياةٌ مع النصوص الشعرية لعلي آل عمر عسيري -رحمه الله-؛ والحياة داخل النصوص أو معها تعني يُسْرَ التناولِ، وقُرْبَ المأخذ، دون استعادة المقومات المنهجية للعمل النقدي القادر على اختراق التحصينات اللغوية للنصوص، ولذا سأقصر العمل القرائيَّ على تدوين الأثر النفسيّ للنصوص الشعرية وحسْب، وهي ...>>>...

لقد عرفت الأستاذ علي آل عمر عسيري يرحمه الله منذ فترة طويلة وتزاملت معه في عدد من اللجان والتقينا في عدد من المناسبات داخل منطقة عسير وخارجها وفي كل مرة ألتقيه فيها يفرض احترامه وتقديره.

يعجبك فيه تمسكه بمبادئه وقيمه، يعجبك فيه هدوؤه وثقته بنفسه، يعجبك فيه إخلاصه وتفانيه وصدق تعامله مع كل من يعرفه أو لا يعرفه.

لقد كان أبا عبد الرحمن شامخاً شموخ جبال عسير التي صنعت شخصيته ورسمت ملامح إنسانيته، ...>>>...

كم أنجب هذا الوطن من عظماء سواء كانوا حكاماً أو علماء أو أدباء أو ......... ألفناهم وألفونا. أغدقوا علينا بعطاء غير متناهٍ وقدموا لهذا الوطن الشيء النفيس.

من هؤلاء من ودعناهم وبكينا على رحيلهم. كما تركوا في قلوبنا فراغاً عظيماً ولكنهم تركوا أيضا خلفهم أعمالاً عظيمة يشار لها بالبنان ويسطرها التاريخ وتستفيد منها الأجيال القادمة.. حتى عطائهم يتجدد في غيابهم لأنه عطاء صادق يدل على الوفاء والولاء ...>>>...

فجعت أيما فجيعة عندما بلغني نبأ رحيل الأخ الصديق علي آل عمر عسيري - رحمه الله - وهو في أوج عطائه الفكري والأدبي، دون أي مقدمات لهذا الرحيل المؤلم، رحل وأنا أنتظر لقائي به الأسبوع القادم في الرياض حيث اتفقنا (أنا وهو) على هذا الموعد قبل أسبوع من رحيله، لكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يرحل ويتأجل اللقاء ليكون بإذن الله في الفردوس الأعلى، رحل المواطن الصالح الذي يؤثر على نفسه من أجل الوطن ...>>>...

كم هو جميلٌ ورائعٌ أن يُطلب من الإنسان أن يكتب عن ذكرياته مع أحد إخوانه الذين عرفهم وتعامل معهم في مسيرة حياته، ولكن المؤلم والمحزن أن يأتي هذا الطلب في وقتٍ لا يزال الإنسان يعيش فيه هول الصدمة لفراق ذلك الأخ، فيكون محزوناً وغير قادرٍ على ترتيب أفكاره وتصوير مشاعره. وعلى الرغم من أن مصابنا جميعاً بفقد الأخ الشاعر الأديب الأستاذ علي عمر عسيري كبيرٌ جداً إلا أننا نرضى بقدر الله تعالى، ...>>>...

أن يترك رحيلك يا أبا عبدالرحمن لنا الحزن نتقاسمه فقد تركت لنا قيم الرجال والحرف المشتعل في عتمة الزمن القادم. فها هي فجأة الرحيل تصلب كل الحروف على شفاهنا في لحظة الخبر المفجع الذي لا حول لنا ولا قوة حياله إلاّ قولنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} فالله شاء وما شاء فعل.

رحلت أيّها الشهم الكريم في موسم حصاد السنابل بعدما بذرت الأروع منها وسقيتها رؤاك وأفكارك وأطروحاتك كوسطيتك ...>>>...

 
 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

صفحات PDF

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة