Culture Magazine Monday  09/07/2007 G Issue 206
الملف
الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1428   العدد  206
 

وَرَحَلَ.. (سيّد) الأدب والأخلاق الفاضلة
علي العكاسي

 

 

.. أحدثكم أيها الأصدقاء عن صوت فكري وتاريخي وتربوي وأدبي (مختلف)..!

.. شق طريقه في ميادين العلم والأدب وهو هكذا مثقلاً بالعصامية والصبر والكفاح على مدار أربعين عاماً وتزيد..

.. سجل خلال مسيرته الحافلة بالفعل والعمل الأدبي (الناضج) مساحة كبرى من الثراء والتجارب والمعرفة..

.. هذا الصوت الفكري المدهش.. يودعنا اليوم إلى مثواه الأخير وسط حالات من الحزن والألم والدموع التي خيمت في فضاءات عارفيه من أصدقائه وطلابه ومحبيه..

.. وأديبنا الراحل الأستاذ (علي آل عمر عسيري) له في ذاكرة الزمن مشوار طويل وعريض ومثقل بالنتاج الأدبي والتاريخي والإعلامي والتربوي.. إلى جانب احتضانه للأصوات الثقافية الإبداعية الواعدة عبر مسؤولياته المختلفة.

.. وفي عزّ الدهشة والذهول برحيل أستاذي على آل عمر إلى الدار الآخرة فإن ذاكرتي ستبقى حبلى بالكثير من المحطات والتأمل لمسيرة هذا الرجل (الجبل)..!

.. عرفته وأنا لم أزل طالباً على مقاعد الدرس في المرحلة الابتدائية وكان بحق واحداً من الأسماء التربوية الذين يملكون لغة (التأثير) في طلابهم.. ومن المعلمين الأفذاذ والبارعين في إيصال فنون المعلومة إلى أذهان طلابهم.. ومن المعلمين العاشقين للتطوير والابتكار وتكريس أدوات (الحوار) مع طلابهم في زمن عزّ فيه تعاطي هذا السلوك الخلاّق حين كانت لغة العصا والتلقين هي وحدها من تعلو وتحضر بصوتها في ذلك الزمن..!!

وكنت حينها لم أدرك أن أستاذي علي آل عمر شاعراً مقتدراً يطرح نتاجه الأدبي في مجلة الفيصل ومجلة العربي الكويتية وفي ملحق الأربعاء الأسبوعي.. وهذه الأخيرة طلت بعراكه الأدبي مع الشاعر عبدالإله جدع الذي وصفه بأنه قد (جدع أنف الشعر).

.. ثم عرفته معداً ومذيعاً بمحطة تلفزيون أبها ومؤسساً لأولى بواكير نادينا الأدبي الأبهاوي متنقلاً في أمانة سره وفي عضويته ومتفاعلاً مع همومه وقضاياه حتى أثمرت مع أستاذنا محمد الحميد أطروحات ساخنة عبر الأمسيات والندوات التي حركت الراكد في مشهدنا الثقافي في بداية عام 1402هـ وحتى عام 1415هـ.

ثم عرفته من خلال رئاسته تحرير مجلة الجنوب الذي أضاف إلى صبغتها الاقتصادية الصرفة شيئاً من تداعيات الأدب وقضايا المجتمع.. كما أسندت له رئاسة تحرير صحيفة آفاق الجامعة التي استقطبت الكم الوافر من الأقلام الطموحة داخل أسوار جامعة الملك خالد..

.. وعرفته كذلك.. واحداً من أهم المطالبين الحقيقيين لإصدار صحيفة يومية في عسير وهو يطرحها في المجالس والمنتديات وفي زواياه الصحفية.

.. ولن أنسى مشاركاته الأدبية في إلقاء القصائد والكلمات في كثير من المناسبات الرسمية والوطنية داخل الوطن وخارجه.

.. كما عرفت الأستاذ آل عمر في أول نتاج شعري مطبوع مع مجموعة من شعراء جيله بعنوان (قصائد من الجبل) ثم ديوانه الموسوم ب(رماد الوجه الحنطي) فملفه التاريخي

(أبها بين التاريخ والأدب) ف(قصائد غاضبة) و(قصائد للوطن) ثم مجموعته الشعرية الكاملة بعنوان (من قصائدي).

.. وفي آخر محطاتي العملية مع هذا الرجل الشامخ (يرحمه الله) كان في موسم الصيف الذي مضى وهو يخطط في إصدار مجلته (السياحية) عبر مؤسسته الإعلامية الخاصة (إعلام اليوم) وشرفني معه مديراً لتحرير هذه المجلة البكر.. ولكنه أجل صدورها لأسباب إعلانية ومالية بعد أن جمعنا الكم الكبير من موادها التحريرية وخضوعها للانتقائية في التخطيط والتبويب والاحترافية في الأطروحات العالية..!

.. وكانت علاقتي معه موصولة عبر مشاريعه الإعلامية في مؤسسته الخاصة.

.. رحم الله فقيد الفكر والأدب وفقيد السلوك الخلاق وسيّد المثاليات والنوايا..

.. ويكفي أن أستاذنا علي آل عمر عسيري كان مدرسة في تعليم الآخرين كيف هم يغضون الطرف عن أخطاء غيرهم وتجاوزاتهم وكان أبداً لا يقتفي أثر واحد من مريديه ومعارفه إلا بالكلمة الطيبة..

.. ويكفي هذا الراحل (الأديب) كيف التقت الجموع هنا في عسير وهي تشارك في الصلاة عليه ومرافقته وهو محمول على النعوش إلى قبره الذي كان في مسقط رأسه بقرية الشبارقة بمنطقة عسير ..

.. رحم الله سيد الأدب والأخلاق علي آل عمر عسيري إنه سميع مجيب..{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة