Culture Magazine Monday  09/07/2007 G Issue 206
سرد
الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1428   العدد  206
 
أثر الراحلين
فوزية الشدادي الحربي

 

 

لا يهم ما دمنا سنغادر المكان سوياً..لا يهم، قالها بسعادة..

التفت إليها قائلاً: عندما تضحكين أشعر أن الدنيا تتلون، تتنفس..

عندما تتحدثين أشعر بأن سكر النبات يذوب بين شفتيك..

ردت عليه بصوتها العذب: يا مجنون، أنا فتاة سياجي عالٍ وموصد،

ماذا تريد بي؟..

وبلهجة تبدو أكثر حزناً قالت: أنا مازلت معلقة بين الكواكب..

قال لها: سانتظرك حتى تهبطي على روحي بسلام..

كانت سعيدة بأن تسمع هذا الهمس من رجل طال انتظارها له..

قالت: سيدي وسيد عالمي، أنا أنثى بدون امتداد، شجرة، جميلة بدون ثمار..

اقترب لروحها أكثر وأكثر.. قال: أنتِ سيدة النساء والباقي جثث..

قالت: لا أملك بهذه الدنيا سوى ابتسامتي..

قال: سأقطفها منك، لأزرع بها الفل والكادي، أرشها على سريرك وملابسك..

لم تكن الدنيا تتسع لفرحتها، وبدلالها قالت: أنت يا سيدي انتحاريُّ ومجنون، هل تعشق الطيف؟!..

بسرعة رد عليها: سأجمع خيوط هذا الطيف، وأغلق عليه منافذ الروح.

طلب منها أن تمد يدها ليتعاهدا بأن يكون شهر حصادِ سنابل القمح هو يوم حياتهم،، شعّت ابتسامتها على الأرض، وأزهرت لها حدائق الورد، وبحركة سريعة فكت رباط شعرها ونثرته على مناضد الشتاء، رقصت، أشعلت كل المصابيح..

انتظرت أن يحل النزاع الذي طال حول محصول القمح، يؤجل في كل عام لما يليه، وذلك لعدم كفاية من سيتولى أمر الحصاد

تعبت قدماها من الرقص..

ولم يأتِ..

ذهبت تسأل عنه؟؟

قال لها الشامتون: كان الوحيد في صالة المغادرة ليلة البارحة، لكنهم أضافوا أيضاً: كان رث الثياب كث اللحية حافي القدمين!!..

عادت وحيدة..

كانت أعواد السنابل تنحني أوراقها ناحية التراب..

وخيوط الفجر تكنُس عتمة الليل..

تجر أقدامها.. تعلم يقينا أن الفجر سيكنس ما بقي منها!!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة